شوارع الجزائر تمتلئ بالمتظاهرين.. احتجاجات «عيد الثورة» تعيد إلى الأذهان أيام الحراك الأولى

نزلت حشود غفيرة من المتظاهرين إلى شوارع وسط العاصمة الجزائرية، للمطالبة بـ "استقلال" جديد، في يوم الجمعة السابعة والثلاثين.

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/01 الساعة 14:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/01 الساعة 14:46 بتوقيت غرينتش
احتجاجات الجزائر/ رويترز

نزلت حشود غفيرة من المتظاهرين إلى شوارع وسط العاصمة الجزائرية، للمطالبة بـ "استقلال" جديد، في يوم الجمعة السابعة والثلاثين المصادف للذكرى الـ65 لاندلاع حرب التحرير ضد الاحتلال الفرنسي، بحسب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية.

وفي غياب إحصاء رسمي لعدد المتظاهرين وصعوبة تقديره، تذكّر هذه التظاهرة بأيام الحراك في أسابيعه الأولى، عندما بدأ في 22 فبراير/شباط الماضي. 

دعوات إلى "غزو العاصمة" في الجمعة الـ36

بدأ آلاف المتظاهرين الجزائريين التجمُّع في حراك الجمعة السادسة والثلاثين، الذي يتزامن مع الذكرى الخامسة والستين للثورة، من أجل انتزاع "استقلال جديد" من النظام الحاكم منذ الاستقلال من الاحتلال الفرنسي في 1962.

وعلى غير عادتهم، بدأ نحو ثلاثة آلاف شخص التظاهر نحو الساعة 11.00 (10.00 ت غ) كما في بداية الحركة الاحتجاجية، في حين يُنتظر أن تبلغ التظاهرة أوْجها ظهراً بعد انتهاء صلاة الجمعة. وعادة يبدأ المتظاهرون تجمعاتهم عند الساعة 14.00 (13.00 ت.غ).

وتجمَّع المتظاهرون في موقع غير بعيد عن ساحة البريد المركزي التي منعت الشرطة الوصول إليها، وفي شارع ديدوش مراد، أحد أهم شوارع العاصمة الجزائرية، وهم يهتفون "باعوها (البلاد) الخونة"، و "الجنرالات إلى المزبلة"، و "الجزائر تدّي (ستسترجع) الاستقلال".

وانتشرت منذ أيام، على مواقع التواصل الاجتماعي، نداءات للتظاهر مثل "# حراك 1 نوفمبر" أو "# لِنغزُ العاصمة" الجزائر، حيث تجري أهم التظاهرات كل جمعة منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية ضد النظام في 22 فبراير/شباط.

ونشرت صفحة "حراك 22 فبراير" على فيسبوك لافتةً إلكترونية كُتب عليها "الفاتح نوفمبر.. يوم الزحف الأكبر".

واندلعت "ثورة التحرير"، أي حرب الاستقلال الجزائرية، في الساعة 00.00 من الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، بقيادة جبهة التحرير الوطني، بعمليات عسكرية شملت كل أرجاء البلاد في وقت واحد.

وأصبح هذا التاريخ مناسبة وطنية يتم الاحتفال بها رسمياً منذ الاستقلال، وهي عطلة مدفوعة الأجر.

أما "الحراكيون" فاحتفلوا بطريقتهم، من خلال ترديد النشيد الوطني بصوت واحد. 

في حين استعدَّت السلطات بانتشار أمني مكثف في العاصمة

وكما هو الحال بالنسبة للاحتفالات الرسمية، بدأ المتظاهرون التجمع ليل الخميس، في وسط العاصمة وهم يهتفون "الاستقلال.. الاستقلال"، قبل أن تفرقهم قوات الشرطة التي أوقفت عديداً منهم، بحسب موقع صحيفة الوطن.

وفي الصباح استيقظت العاصمة على انتشار أمني كثيف في وسط العاصمة بشاحنات احتلت كل المحاور والساحات الرئيسية مثل ساحة أول ماي وموريس أودان والبريد المركزي، وعلى طول شارع ديدوش مراد.

كما قام عناصر أمن بالزي المدني بتفتيش حقائب المارة المبكرين ومراقبة هوياتهم. وشاهد مراسل وكالة "فرانس برس" في شارع حسيبة بن بوعلي، توقيف شابين.

وكما كل جمعة، شددت قوات الأمن إجراءات المراقبة في الحواجز الأمنية على الطرق المؤدية إلى الجزائر العاصمة منذ مساء الخميس؛ وهو ما تسبب في اختناقات مرورية امتدت لعدة كيلومترات كما في تيبازة غرباً والبليدة جنوباً.

وعلَّق أحد المدونين على تويتر، قائلاً: "لم يعد مُجدياً إغلاق الجزائر العاصمة، فقد فعلتها فرنسا من قبلُ، لكن ذلك لم يمنع اندلاع الثورة"، ويقصد بها حرب الاستقلال في 1954. 

فيما اختار المتظاهرون المبيت بالشارع 

وصباح الجمعة بدأ بعض المتظاهرين الذين قضوا ليلتهم في العاصمة، التجول لـ "مراقبة الأجواء" كما قال حسين، الشاب الذي جاء مع رفاقه من البويرة (100 كم جنوب شرقي العاصمة)، الخميس، ليشارك في تظاهرة الجمعة.

وأضاف لوكالة الأنباء الفرنسية: "جئت مع أربعة من رفاقي من مدينة الأخضرية بولاية البويرة مساء الخميس، وقضينا ليلتنا في السيارة ونحن نستعد للاحتفال مع الجزائريين لاستعادة استقلالنا".

وتابع: "صحيح أننا طردنا فرنسا من الجزائر في 1962، لكننا لم ننعم بالحرية في ظل نظام لم يتغير منذ ذلك الوقت. اليوم نريد جزائر جديدة".

أما محند (63 عاماً)، وهو رجل متقاعد، فجاء من بومرداس على بُعد 50 كم، "منذ الخامسة صباحاً، للمشاركة في هذا اليوم العظيم من الحراك"، على حد تعبيره. وقال لـ "فرانس برس": "كافح آباؤنا فرنسا (المحتلة)، واليوم نحارب النظام المافياوي الذي صادر استقلالنا".

هناك من يرفع شعار "لا للانتخابات"

اندلعت الحركة الاحتجاجية بعد ترشيح الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة رغم مرضه الذي أفقده القدرة على الحركة والكلام. وبعد دفعه لعدم الترشح ثم إلى الاستقالة في الثاني من أبريل/نيسان، لم تتراجع الاحتجاجات، واستمرت لتطالب برحيل كل رموز النظام الحاكم منذ 1962.

ويرفض المحتجون الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول، لاختيار خلف لبوتفليقة، لأنها في نظرهم ليست سوى استمرار للنظام نفسه.

وتصرُّ السلطة على المضي في هذه الانتخابات، مقلِّلة من حجم التظاهرات الاحتجاجية، كما فعل رئيس الدولة المؤقت، عبدالقادر بن صالح، لدى لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أسبوع، عندما وصف المتظاهرين بـ "بعض العناصر".

والخميس دعا بن صالح، الجزائريين إلى جعل الانتخابات "عرساً وطنياً"، و "الاستعداد للتصدي لأصحاب النوايا والتصرفات المعادية للوطن".

وحذر من "تقويض حق المشاركة في الاقتراع" من خلال "التذرع بِحُرية التعبير والتظاهر"، كما جاء في خطاب بثه التلفزيون الجزائري.

وقبله كان الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش والرجل القوي في الدولة منذ استقالة بوتفليقة، أكد أن الشعب الجزائري -لا سيما فئة الشباب- "مصمم على الذهاب إلى إجراء الانتخابات الرئاسية"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية.

ويخالف هذا التأكيد الشعارات التي يرفعها المحتجون كل جمعة وفي تظاهرات الطلاب كل ثلاثاء، والتي أبرزها "ماكانش (لن تكون) الانتخابات يالعصابات".

والجمعة عاد المتظاهرون إلى رفع شعار "ارحل قايد صالح، لن تكون انتخابات هذه السَّنة".

تحميل المزيد