جزيرة كندية لم يغادرها سكانها إلا بعد إعطاء ربع مليون دولار لكل أسرة!

وافق أهالي جزيرة ليتل باي آيلاندس، التي تقع في مقاطعة نيوفاوندلاند ولابرادور، في أقصى شرق كندا، وتضم 54 ساكناً، وافقوا على الانتقال إلى البر الرئيسي الكندي، ليتم إيقاف خدمات الكهرباء والمياه والعبَّارات في الجزيرة، بعد منح الحكومة ما يزيد عن ربع مليون دولار لكل أسرة.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/10/30 الساعة 10:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/30 الساعة 11:05 بتوقيت غرينتش
إحدى جزر مقاطعة مقاطعة نيوفاوندلاند ولابرادور الكندية/iStock

وافق أهالي جزيرة ليتل باي آيلاندس، التي تقع في مقاطعة نيوفاوندلاند ولابرادور، في أقصى شرق كندا، وتضم 54 ساكناً، وافقوا على الانتقال إلى البر الرئيسي الكندي، ليتم إيقاف خدمات الكهرباء والمياه والعبَّارات في الجزيرة، بعد منح الحكومة ما يزيد عن ربع مليون دولار لكل أسرة.

ومن المقرر إيقاف الخدمات المقدمة للجزيرة بدءاً من يوم 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وبذلك تصبح الجزيرة أحدث بلدةٍ معزولة توافق على الانتقال إلى البر الرئيسي، في إطار سياسة إعادة توطين المجتمعات في المقاطعة، التي تقدِّم تعويضات حكومية للأشخاص الذين يغادرون المناطق النائية.

وتوجد معظم العائلات هناك منذ أجيال، حيث تعيش على صناعة صيد الأسماك التي كانت مزدهرة في الماضي، لكن الآن تبقّى 54 ساكناً يعيشون بالجزيرة طوال العام، وقد تزداد أعدادهم في فصل الصيف، وفق صحيفة The Guardian البريطانية. 

معدل أعمار سكان الجزيرة يرتفع 

تواجه مقاطعة نيوفاوندلاند ولابرادور إحدى أشد المشكلات في البلاد، وهي تقدم معدل أعمار السكان سريعاً فيما يعيشون على مساحةٍ شاسعة. 

إذ عاش تيد غريمز، أحد سكان الجزيرة، طوال عمره البالغ 70 عاماً على الجزيرة، وكذلك والداه وجده وجدته، لكنَّه صوَّت هو -وجميع السكان- للانتقال من الجزيرة، معللاً ذلك بأنَّه لا يريد أن يُترَك وحده في الجزيرة. 

وقال في مقابلةٍ عبر الهاتف: "لا أريد المغادرة على الإطلاق، ولكن لم يكن لديَّ خيارٌ آخر". 

وسيستخدم غريمز الشيك الذي حصل عليه من الحكومة للانتقال إلى كوخٍ في بلدة لويسبورت (التي يبلغ عدد سكانها 3400 نسمة)، تاركاً وراءه ذكريات عمرٍ كامل في الجزيرة. 

الأزمة بدأت في التسعينات مع حظر صيد الأسماك

بدأ تراجع الأوضاع في الجزيرة فعلياً عام 1992، مع حظر صيد سمك القد. ومن أجل الحفاظ على مخزونات سمك القد المتناقصة في المحيط الأطلسي، زجَّت الحكومة الفيدرالية بأكثر من 30 ألف شخص في جميع أنحاء المقاطعة إلى البطالة بين عشية وضحاها.

ومع اقتراب فصل الشتاء، يغادر السكان تدريجياً. وقد فُصِلَت حرارة الهاتف عن نصف الخطوط الأرضية على الأقل بعد رحيل أصحابها. وينوي العديد من السكان العودة إلى منازلهم في الصيف، لكنَّ الآخرين ربما رحلوا عن الجزيرة رحيلاً نهائياً.

ولتناقص أعداد سكان الجزيرة، قرَّرت الحكومة إعادة توطين سكان الجزيرة قيد الإعداد منذ تسعة أعوام. وقد فشل التصويت على نقلهم في عام 2016، ما أدى إلى تقسيم الجزيرة واندلاع نزاعٍ بين السكان الدائمين والسكان الموسميين. 

ثم أجرت سلطات المقاطعة مقارنةً بين تكلفة تقديم الخدمات في الجزيرة ودفع مبلغٍ يتراوح بين 250 ألفاً و270 ألف دولار لكل أسرة من أجل الانتقال، فوجدت أنَّه يمكن أن توفر 20 مليون دولار على مرِّ 20 عاماً، بإعادة توطين المجتمع. وصدَّقت على هذه الخطوة في أبريل/نيسان 2019.

زوجان فقط سيظلان بالجزيرة، لكن دون خدمات

وبحلول رأس السنة الجديدة، سيكون مايك بارسونز وزوجته جورجينا -وكلبهما- هما المقيمين الدائمين الوحيدين في الجزيرة. 

وكانا قد انتقلا إلى الجزيرة قبل بضع سنوات، بعدما جذبتهما فكرة العيش في مكانٍ نائٍ معزول في مسقط رأس مايك، وقضيا العامين الماضيين في الاستعداد للعيش في عُزلةٍ على حافة المحيط الأطلسي.

وقال بارسونز إنه من الصعب رؤية والديه والسكان الآخرين وهم يحزمون أمتعتهم ويغادرون. وأضاف: "مع أنَّ جميع السكان المقيمين هنا صوَّتوا لقرار الانتقال، أعرف أنَّ فعل ذلك وحزم أمتعتهم والرحيل بالفعل يعد أمراً مؤلماً".

وحين يرحل الجميع، سيعتمد مايك وجورجينا على الألواح الشمسية، وبئرٍ للمياه العذبة، وأطعمة مُخزَّنة، واتصالٍ عبر الأقمار الصناعية، وغيرها من الوسائل الخارجة عن نطاق شبكة الكهرباء والمرافق الحكومية، ليعيشيا حياتهما المعزولة على حافة المحيط الأطلسي. وسيكون هناك بضعة أسابيع في فصل الشتاء ستشهد محاصرة الجزيرة بالجليد القطبي الشمالي، مما سيجعلهما معزولين تماماً حينئذ. 

ثلث السكان يعيشون على 4% فقط من الأراضي الكندية

يُذكَر أنَّ ثلثي سكان كندا البالغ عددهم 37.5 مليون نسمة يعيشون في نطاق 100 كيلومتر من الحدود الجنوبية للبلاد مع الولايات المتحدة، وهو شريط أفقي من الأراضي لا يمثل سوى 4% من مساحة كندا. فيما تكافح المناطق الريفية والنائية في باقي أنحاء البلاد منذ فترة طويلة للوصول إلى خدمات مثل الرعاية الصحية والمرافق والإنترنت.

ورغم اتّباع الحكومة سياسة إعادة التوطين لتوفير الملايين من الخدمات المقدمة لأعداد قليلة في مساحات شاسعة، فإن الانتقادات لاحقت الحكومة.

إذ قالت يولاند بوتي شيرمان، الباحثة وأستاذة الجغرافيا في جامعة ميموريال في سانت جون، إنَّ إعادة التوطين تطرح أسئلة مهمة: فهل ينبغي الحفاظ على استمرار المجتمعات النائية وثقافة الجزر المعزولة عن البر الرئيسي، وبأي ثمن، وعلى حساب من؟

علامات:
تحميل المزيد