«إذا تنازلنا فلن نتمكن من حماية مساجدنا».. ترقب لقرار يحسم نزاعاً دامَ عقوداً بين المسلمين والهندوس

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/10/17 الساعة 16:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/17 الساعة 16:08 بتوقيت غرينتش
أحد الناشطين من اليمين الهندوسي/رويترز

من المقرر أن تفصل المحكمة العليا بالهند في قضيةٍ موضع ترقُّب حثيث، تتعلق بنزاعٍ دامَ عقوداً، بين الجماعات الهندوسية والمسلمة بشأن السيطرة على مَعلم ديني محل جدل، في شمال الهند. 

حسب صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، سيأتي الحكم، المتوقع صدوره في نوفمبر/تشرين الثاني، في وقت حساس للغاية، إذ كان حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يتبعه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، يعمل للوفاء بجدول أعماله القومي الهندوسي الذي وعد به منذ أمد طويل.

سمعت المحكمة العليا في الجلسة التي عُقدت يوم الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين الأول، من المتقاضين المسلمين والهندوسيين دفوعهم عمن يجب أن يسيطر على المَعلم الواقع في مدينة أيوديا، حيث هدم حشدٌ من الهندوسيين مسجداً يقع على أرض، زعم الهندوسيين أنها مقدسة في دينهم. 

عمر المسجد 450 عاماً

ترغب الجماعات المسلمة في إعادة بناء مسجد بابري الذي كان موجوداً بالموقع أكثر من 450 عاماً. ومنذ هدمه، كان بناء معبد محل المسجد أولوية للقوميين الهندوسيين، وأجَّج صعود حزب مودي.

قد يثير القرار التوترات المتأججة بالفعل حول التحركات الأخيرة لحكومة مودي. بعد استعادتهما السلطة بتفويض ساحقٍ هذا العام، أنهت حكومة مودي وحزبه الاستقلال الممنوح بموجب الدستور لولاية جامو وكشمير، التي كانت حتى وقت قريب، الولاية الهندية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة، لدمجها بالكامل مع الهند. تعرضت قوائم جديدة بأسماء المواطنين في ولاية آسام الشمالية الشرقية، والتعديلات المقترحة على قانون المواطنة، للنقد بكونها تهدف بالأساس إلى الإضرار بالمسلمين.

ويقول بعض المحللين إنه مهما كان حكم المحكمة بخصوص الخلاف في أيوديا، سيكون له أثر عميق على السياسة الهندية والعلاقة بين أكبر طائفتين دينيتين في الدولة. إذ يشكل الهندوس نسبة 80% من سكان الهند ويقدَّر عددهم بنحو 1.3 مليار نسمة. ويشكل المسلمون المقدَّر عددهم بأكثر من 170 مليون نسمة، نحو 14% من السكان.

خوف من إقصاء المسلمين

ويقول سانجاي كومار، مدير مركز دراسة المجتمعات النامية، وهو مركز أبحاثٍ مقرُّه في نيودلهي: "إذا جاء الحكم لصالح الهندوس، فستتعرض الأقلية (المسلمة) لإقصاء أكبر. ولو حدث وجاء الحكم لصالح بناء المسجد، فستغضب الأغلبية أو سيشتاط جزء منها غضباً"، مضيفاً: "العلاقة بين الطائفتين ستنحلُّ أكثر".

وهناك أيضاً احتمالية أن يجيء حكم المحكمة وسطياً بين الطرفين، ويضيف كومار: "إعطاء شيء ما للجانبين وأخذ شيء ما منهما. أياً ما كان الحكم، فسيساعد حزب بهاراتيا جاناتا".

يدين حزب بهاراتيا جاناتا بصعوده ليصبح أكبر قوة مسيطرة في الهند، لحركة سعت لأجل بناء المعبد في أيوديا، تزعَّمها كبار قادة الحزب وكوادره في نهاية ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي. ولدى الحزب الآن 303 مقاعد في مجلس النواب بالبرلمان، مقارنة بمقعدين في عام 1984.

وصرح حزب بهاراتيا جاناتا في آخر وثيقة بشأن سياسته: "نستكشف جميع الإمكانات في الإطار الدستوري وكل الجهود الضرورية لتسهيل بناء معبد رام في أيوديا بسرعة".

دولة دينية أم علمانية؟

ستؤثر هذه القضية وتداعياتها، أكثر من أي شيء آخر، في تسارع الهند لتصبح دولة هندوسية مثلما يتخيّلها حزب بهاراتيا جاناتا، أو على بقائها دولة علمانية قوية بموجب الدستور.

يقول عديد من الهندوسيين الداعمين لبناء معبد راما في أيوديا، إنهم فشلوا في فهم سبب عجز المسلمين عن التنازل لهم عن مكان يحظى بأهمية وقدسية عند الهندوس بقدر قدسية وأهمية مكة للمسلمين. ويضيفون أن استعادة ما يؤمنون بأنه مكان مولد الإله راما، أحد أكثر الآلهة الهندوسية المعبودة، يتعلق بالفخر القومي.

ويقول فينود بانسال، المتحدث القومي باسم منظمة فيشوا هندو باريشاد، أو المجلس العالمي للهندوس، وهي منظمة ثقافية هندوسيةٌ مقرُّها في نيودلهي، وأحد المدّعين الهندوسيين الرئيسيين في القضية التي تنظرها المحكمة العليا: "هوية هذا الوطن من الإله راما لا من الإمبراطور الغازي بابري ومسجد بابري الذي بناه. لذا فلا شك في أن القرار سيكون في صالح راما ومسقط رأسه".

من ناحية أخرى، يقول عديد من المسلمين إنهم عاجزون عن التنازل في قضية أيوديا، لأنهم قلقون من أن يطالب الهندوس بمواقع إسلامية مقدسة أخرى في البلاد، حيث يعتقد الهندوس أن المعابد دُمرت لبناء مساجد.

"إذا تنازلنا فلن نكون قادرين على حماية مساجدنا"

ويقول زافريب جيلاني، أحد المحامين الذين يمثلون الطرف المسلم في القضية والداعي للجنة Babri Masjid Action Committee، وهي مجموعة ناشطة :"بمجرد أن نتنازل، لن نكون قادرين على حماية أي مسجد".

والخلاف القانوني حول الموقع في أيوديا قائم منذ عام 1950. في عام 2010، قضت محكمة ابتدائية بولاية أتر برديش، حيث تقع مدينة أيوديا، بأن الموقع يجب تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء، يمنح اثنين منهما للهندوس وجزءاً واحداً للمسلمين. وانتهت القضية بالوصول إلى المحكمة العليا حين تقدَّم كل طرف باستئناف على حكم المحكمة الابتدائية، إذ صرح كل منهما برغبته في المنطقة المتنازع عليها البالغة مساحتها 1480 ياردة مربعة (1353 متراً مربعاً) لنفسه بالكامل. 

علامات:
تحميل المزيد