شارك جيف بيزوس، مؤسس موقع أمازون، ومالك صحيفة Washington Post، ظهر الأربعاء 2 أكتوبر/تشرين الثاني، في إحياء الذكرى الأولى لمقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي من أمام القنصلية السعودية في إسطنبول، حيث قتل العام الماضي.
ووجّه بيزوس كلمته إلى خديجة جنكيز، خطيبة الصحفي الراحل، قائلاً: "نحن اليوم معك، أنت لست وحدك"، ثم اصطحبها للمنصة لتقول كلمتها، تاركاً المنصة بعد مداخلة قصيرة للغاية.
فيما قالت خديجة: "الجميع جاء اليوم ليتحدث عن خاشقجي الصحفي المدافع عن حقوق الصحفيين، لكني جئت اليوم لأتحدث عنه بشكل مختلف"، وتابعت: "أنا اليوم في نفس المكان الذي انتظرت فيه خطيبي ليخرج لنتناول وجبة العشاء مع أصدقائنا وندعوهم لحفل زفافنا، لكني أقف الآن مكسورة، لكن فخورة".
بينما قال فريد ريان، المدير التنفيذي لصحيفة Washington Post، إنه رغم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة من أجل حماية حقوق الصحفيين، فإن حقوق بعض الصحفيين حول العالم ما زالت مهضومة، مطالباً بتحرك دولي لحمايتها، ومؤكداً أن وقوفه على بعد خطوات من المكان الذي قتل فيه خاشقجي أمراً ليس سهلاً، مثنياً على شجاعة خاشقجي في التعبير عن آرائه، ومطالباً بمحاسبة المسؤولين عن قتله.
كذلك شارك وضاح خنفر، مدير منتدى "الشرق"، الذي وجّه التحية لصديقه الراحل، الذي لم يكن يعرف أن مقتله سيحرك المياه الراكدة، معتبراً وفاته بداية الربيع العربي الثاني، ومؤكداً أنه لن ينسى القضية التي مات خاشقجي من أجلها، والحرية التي نادى لأجلها طوال حياته.
وفي كلمة لها، أكدت أغنيس كالامارد، مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالقتل خارج نطاق القضاء، التي أعدت تقريراً من 101 صفحة، حمّلت فيه السعودية مسؤولية قتل خاشقجي عمداً، استمرارها في المطالبة بالعدالة حتى يحاسب المسؤولون عن قتله، ولحماية جميع الصحفيين في العالم.
واعتبر مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي، أن خاشقجي راح ضحية جريمة بشعة كتلك الجرائم التي تحدث يومياً في سوريا، معتبراً اسم خاشقجي دليلاً على ضرورة الدفاع عن حرية الصحافة، ومؤكداً أن مَن قتل خاشقجي رأوه مهدِّداً لبقائهم.
بينما قالت الصحفية اليمنية الحائزة على جائزة نوبل، توكل كرمان، إن "النظام الفاسد في السعودية تمكّن من شراء صمت العالم"، وفق تعبيرها، مطالبة بوضع حد لطموحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان السياسية، ومؤكدةً أن "من اغتال خاشقجي هو نفسه النظام الفاسد الذي يدمر اليمن".
وانتقد ممثل منظمة "صحفيون بلا حدود"، إيرول أندر أوغلو، عدم وجود أي تحرك دولي لمحاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي بعد عام من الجريمة، مؤكداً أنه يمثل خطراً على حياة الصحفيين في العالم.
فيما قال الناشط الفلسطيني-الأمريكي والمدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، نهاد عوض، إن جسد خاشقجي رحل لكن روحه بقيت مُلهمة للمناضلين من أجل الحريات، فيما انتقد اعتقال الصحفيات في السعودية.
وتحدث محمد سلطان، المعارض المصري الحامل للجنسية الأمريكية، المعتقل السابق بالسجون المصرية، عن الليالي الأخيرة التي قضاها مع خاشقجي في أمريكا قبل رحيله، كما لفت إلى حقوق المعارضين في مصر، الذين يتعرضون للاختفاء القسري واحتمالية ملاقاة مصير خاشقجي، وخصّ بالذكر الناشط السياسي والبرلماني المصري السابق مصطفى النجار، المختفي قسرياً منذ أكثر من عام ولا يُعرف مصيره حتى اللحظة.
وطالب المعارض السياسي المصري أيمن نور بمساءلة وليّ العهد السعودي عن قتل خاشقجي وليس صغار الضباط، وفق توصيفه، وقال إن العدالة التي يطالبون بها لأجل خاشقجي هي الحرية التي مات من أجلها.
وبعد انتهاء كلمات الحقوقيين والناشطين والصحفيين، شاركوا في رفع الستار عن نصب تذكاري أقيم أمام مبنى القنصلية تخليداً لذكرى رحيله.
لماذا تعتبر مشاركة بيزوف وريان بارزة؟
ورغم كلمته القصيرة، إلا أن مشاركة مؤسس أمازون مميزة، إذ تعتبر مشاركته في قضايا تدخل السياسة في تفاصيلها، مؤشراً على تزايُد السَّخَط حيال جريمة قتل الصحفي السعودي، الذي قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إنَّه يتحمل مسؤوليتها لأنها حدثت في عهده، نافياً في الوقت ذاته علمه بها.
وليست العلاقة بين بيزوس والسعودية بالطيبة، فقد اتّهم مؤسس أمازون السعودية بداية العام الجاري، بأنها تحاول ابتزازه بنشر "فضائح جنسية له"، مشيراً أن ذلك كان محاولة من الرياض للضغط عليه، من أجل إيقاف صحيفة Washington Post -التي يملكها بيزوس- عن ملاحقة قضية قتل السعودية لخاشقجي.
فيما يُعد ريان من بين أحد أبرز الأصوات الأمريكية التي نادت مراراً بضرورة محاسبة المسؤولين عن قتل خاشقجي، كما دعا في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، الكونغرس إلى التحرك حيال قضية خاشقجي.