شهادات جديدة صادمة أفصح عنها اثنان من الأشخاص الذين استمعوا لتسجيلات عملية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الإثنين 30 سبتمبر/أيلول 2019، أدليا بها عشية الذكرى الأولى لاغتيال الكاتب في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في قنصلية بلاده بإسطنبول.
هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" التقت اثنين من الأشخاص الذين استمعوا إلى هذه التسجيلات، حيث كشفا عن الأسرار الخفية في التسجيلات التي قدمتها تركيا لتؤكد مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده.
استمعت المحامية البريطانية البارونة هيلينا كينيدي إلى لحظات موت جمال خاشقجي، حيث تمت دعوتها للانضمام إلى فريق، برئاسة آنييس كالامارد، محققة الأمم المتحدة الخاصة بحالات الإعدام خارج نطاق القانون.
45 دقيقة من الرعب والخوف
تصف هيلينا كينيدي ذلك قائلة: "عندما تشعر بالرعب والخوف في صوت شخص ما، وأنك تستمع إلى شيء حي. كل هذا يجعل القشعريرة تتملك جسدك".
قدمت كينيدي ملاحظات مفصلة عن المحادثات التي سمعتها بين أعضاء فرقة الاغتيال السعودية التي قتلت خاشقجي.
وأضافت المحامية البريطانية: "يمكنك سماعهم يضحكون. إنه عمل تقشعر له الأبدان. إنهم ينتظرون هناك وهم يعلمون أن هذا الرجل سيأتي، وأنه سيتم قتله وتقطيعه".
استغرق الأمر من كينيدي وكالامارد أسبوعاً لإقناع المخابرات التركية بالسماح لهما، مع مترجمهما العربي، للاستماع إلى التسجيلات.
تمكنوا من الاستماع إلى 45 دقيقة، تم استخراجها من التسجيلات التي تم إجراؤها في يومين حاسمين قبل مقتل خاشقجي.
تقول آنييس كالامارد: "في بداية المكالمات كان يشار إلى خاشقجي كواحد من الأشخاص المطلوبين".
تقول كينيدي: "ما من شك في أن المهمة كانت جدية ومنظمة للغاية وقادمة من القمة، من الاستماع إلى الأشرطة، أعتقد أن ماهر مطرب كان الرجل الذي يدير العملية".
وأوضحت كينيدي أن فرقة القتل كانت تتحدث قبل مجيء خاشقجي عن كيفية تشريح الجثث وصلاح الطبيقي يشرح لهم، حيث يتحدث قائلاً: "غالباً ما أسمع الموسيقى عندما أقطع الجثث. وأحياناً أحتسي قهوة وسيجاراً".
وتبين كينيدي أن الطبيقي كان يعرف ما سيحدث حيث مضى قائلاً وسط ضحكات الموجودين في الغرفة: "هذه هي المرة الأولى في حياتي التي سأضطر إلى تقطيع جثة على الأرض، حتى لو كنت جزاراً، يمكنك تعليق الحيوان للقيام بذلك".
تشرح كينيدي كيف تم تجهيز المكان قبل قتل خاشقجي
حيث تمت تغطية أرضية مكتب في الطابق العلوي للقنصلية بأغطية بلاستيكية، كما تم منح جميع الموظفين الأتراك المحليين هذا اليوم عطلة.
وتحكي كينيدي اللحظات قبل وصول خاشقجي قائلة: "إنهم يتحدثون عن متى يصل خاشقجي، ويقولون هل وصلت الذبيحة؟".
أخذت هواتف خاشقجي إثر دخوله القنصلية ومنع من إرسال رسالة لابنه يطمئنه فيها، كما تم إعلامه بوجود أمر بالقبض عليه وإعادته إلى السعودية، بحسب التسجيلات.
وعن هذه اللحظة تكشف كينيدي: "كانت هناك نقطة يمكنك فيها سماع خاشقجي وهو ينتقل من كونه رجلاً واثقاً من نفسه، إلى الشعور بالخوف والقلق والرعب المتزايد ومن ثم معرفة أن هناك شيئاً قاتلاً على وشك الحدوث".
وتتابع قائلة: "هناك شيء مرعب للغاية بشأن تغيير الصوت. تشعر بالقسوة منه عبر الاستماع إلى التسجيلات".
أما كالامارد فتقول إن خاشقجي لم يكن يدرك خطط فريق الاغتيال، حيث تقول: "لا أعرف ما إذا كان يعتقد أنه سيقتل، ولكن ما أراه أنه كان متأكداً من أنهم يحاولون اختطافه"، حيث "سأل خاشقجي فريق الاغتيال مرتين عما إذا كان يتم اختطافه".
وتؤكد كالامارد هذا القول، بسؤال خاشقجي لفريق الاغتيال: "عما إذا كانوا سيمنحونه حقنة"، ليرد عليه أحدهم بقوله: "نعم".
"انتهى الأمر"
وتمضي كالامارد في شرح كيف تم قتل خاشقجي: "الأصوات التي تُسمع بعد هذه النقطة تميل إلى الإشارة إلى أنه قد اختنق. ربما بكيس من البلاستيك وضع حول رأسه، كما تم إغلاق فمه أيضاً بعنف، ربما بيد أو بشيء آخر".
وتضيف سُمع صوت يشبه صوت ماهر المطرب يقول:
"دعه يقطعه"، فيما يصيح شخص آخر "أخلعه" ويصيح شخص ثالث بصوت جهوري "انتهى الأمر". وتعلق محققة الأمم المتحدة على ذلك قائلة: "أعتقد أنهم قطعوا رأسه أولاً".
وتابعت كالامارد: "هناك صوت طنين منخفض المستوى. يعتقد مسؤولو المخابرات الأتراك أن هذا كان صوت المنشار".
بعد ذلك تظهر الكاميرات ثلاثة رجال يدخلون إلى القنصلية السعودية مع حقائب وأكياس بلاستيكية، ثم يخرجون في 3 سيارات، تعتقد كالامارد أنها قد تحتوي على أجزاء من الجسم.