أكد متصدر السباق الرئاسي في تونس حالياً، قيس سعيد، على أن صعوده للدور الثاني للانتخابات الرئاسية لم يكن مفاجئاً، خصوصاً وأن "نبض الشارع التونسي" كان يوحي بهذا الأمر قبل الانتخابات، على حد تعبيره.
قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري والمرشح المستقل فتح خلال حواره مع "عربي بوست" عديد الملفات الداخلية والخارجية، وعبر عن موقفه من تعديل قانون المواريث في تونس والمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة.
كما أعطى رأياً واضحاً حول التعامل مع الملف السوري والملف الليبي وموقفه من الأنظمة الحاكمة الحالية في كل منهما.
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر/أيلول 2019، عن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وقالت إن المرشَّحين نبيل القروي، وقيس سعيد، حصلا على غالبية الأصوات.
وقالت الهيئة إن المرشح قيس سعيد حصل على 620711 ألف صوت أي 18.4% من مجموع الأصوات، فيما حصل نبيل القروي على 525517 ألف صوت، أي 15.58% من مجمل الأصوات.
مقابلة بشق الأنفس
بعد أن أحدث مفاجأة مدوية وصفت بالزلزال في المشهد السياسي التونسي، أصبح متصدر السباق الرئاسي قيس سعيد حديث الجميع وهدفاً تتقفى أثره جل وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
"عربي بوست" وصلت إلى مقر الحملة الانتخابية لأستاذ القانون الدستوري قيس سعيد في محاولة للظفر بحوار مع المرشح المفاجأة، في أحد الشوارع الفرعية لشارع الحبيب بورقيبة في العاصمة.
هناك في تونس استقبلنا أعضاء متطوعون من حملته الانتخابية، ورافقونا إلى مكتبه المتواضع في الطابق الرابع من إحدى البنايات القديمة.
ومثلما توقعنا كان الحصول على حوار مع قيس سعيد صعباً بسبب تهافت الإذاعات والقنوات التلفزية العالمية للظفر بمجرد تصريح أو تعليق منه.
وبعد ساعات من الانتظار تمت دعوتنا إلى مكتبه المتواضع تواضع شخص قيس سعيد مثلما عهده التونسيون في تصريحاته وتحركاته، فلم يكن بالمكتب غير علم تونس على يساره ولافتة كتب عليها "الشعب يريد" اختار أن يسند بها ظهره أمام الكاميرا.
مفاجأة أستاذ القانون
بدأ أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد حواره بالتأكيد على أن صعوده للدور الثاني وحصده أكثر عدد من الأصوات من بين 26 مرشحاً "لم يكن مفاجأة بل هو تعبير عن إرادة شعبية اختارته لمواصلة مسار تحقيق أهداف الثورة"، على حد قوله.
وعن المنافسة في الدور الثاني مع رئيس حزب "قلب تونس" نبيل القروي أو مرشح حركة النهضة عبدالفتاح مورو في حالة استبعاد القروي على خلفية القضايا المتهم بها، أكد سعيد بأنه لا يعير اهتماماً لهوية منافسيه، ولا يعتبر نفسه في منافسة أصلاً، بل مرشحاً اختاره شباب الثورة والشعب التونسي لاستكمال ما بدأه منذ 8 سنوات.
تعديلات الدستور وحركة النهضة
وحول المطالب بتعديل الدستور لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية، أوضح المرشح المستقل أن صلاحيات رئيس الجمهورية "ليست هينة أو هامشية" في تونس.
وأشار إلى أن الإشكالية في تطبيق القانون وليس القانون نفسه، إذ كان نظام بن علي رئاسياً، لكنه فشل في ضمان التعددية السياسية وحرية التعبير، على حد تعبيره. غير أنه أوضح أنه يساند أي إجراء أو تعديل ينبع من إرادة الشعب ويهدف لتحقيق طموحاته.
وحين سألناه حول حقيقة ما يروج بأنه مرشح مدعوم من حركة النهضة أكد سعيد "ولدت مستقلاً وترشحت مستقلاً وسأظل مستقلاً إلى حين أوارى الثرى" .
وعن إمكانية التحالف مع النهضة في صورة فوزه، أكد أستاذ القانون الدستوري بأنه سيكون منفتحاً للتفاعل مع جميع القوى السياسية التي ستترجم في البرلمان، مشيراً إلى أنه لن تكون هناك تحالفات علنية أو في الخفاء مع النهضة أو غيرها من الأحزاب.
الملفات الخارجية
وأوضح سعيد أن الدولة يجب أن تتعامل مع الدول المجاورة مع احترام إرادة الشعوب في تقرير مصيرها دون تدخل خارجي، ملمحاً إلى إمكانية استمرار سفارة تونس في دمشق للمحافظة على العلاقات بين البلدين.
وأكد قيس سعيد على أن قضية إسقاط النظام في سوريا هي شأن سوري داخلي لا يجب أن يتدخل به أحد، مشيراً إلى أن التدخلات الأجنبية هناك كان غرضها إسقاط الدولة وليس النظام.
وتابع سعيد بأن نهج تونس في التعامل مع كل الدول سيظل على حاله دون تدخل أو وصاية على، لذلك ستتعامل تونس بنفس المقدار من الاحترام لإرادة الشعب الليبي وتتفاعل مع مؤسسات الدولة الليبية، مركداً على ضرورة احترام قرارات الأمم المتحدة وتطبيقها على أرض الواقع.
قضية المساواة في الإرث
أما فيما يتعلق بمبادرة المساواة في الميراث التي قدمها الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، فأوضح أستاذ القانون الدستوري أن إلاسلام كان واضحاً في هذه المسألة بتحديده لطبيعة العلاقات ولمسؤولية الزوج والزوجة.
وشدد سعيد على حسم القرآن لهذا الموضوع إذ من البديهي أن يتكفل الزوج بتكاليف ومصاريف عائلته باعتباره كافلها والمسؤول الأول عنها.
وعن إمكانية سماحه بعودة الرئيس المخلوع لتونس رفض قيس سعيد الإفصاح عن رأيه بصريح العبارة، غير أنه أكد بأنه وفي حال أراد بن علي العودة فسيطبق في حقه القانون وستأخذ العدالة مجراها مثله مثل كل التونسيين.
وعن مستقبل العلاقات مع فرنسا والعقود المثيرة للجدل للشركات الأجنبية في تونس أكد سعيد بأنه يجب احترام سيادة تونس على ثرواتها وحدودها وبأنه سيتم التعامل مع كل ملف على حدة، وفقاً لمدة العقود وطبيعتها، مشدداً على ضرورة مراجعة كل العقود الموقعة والتي ستوقع مع الشركات الفرنسية والأجنبية لاستغلال ثروات تونس.