عزَلوهم داخل أكبر مستوطنة للاجئين.. بنغلاديش تُقرر قطع اتصال مسلمي الروهينغا بالعالم الخارجي

يمكن أن يفقد حوالي مليون من مسلمي الروهينغا في مخيمات بنغلاديش قريباً اتصالهم بالعالم الخارجي إذا اتخذت الحكومة خطوات لتنفيذ تهديدها بتعليق خدمة الهواتف المحمولة.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/09/06 الساعة 16:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/06 الساعة 16:25 بتوقيت غرينتش
وضعية صعبة يعيشها اللاجئون الروهينغا في مخيمات بنغلاديش/ رويترز

يمكن أن يفقد حوالي مليون من مسلمي الروهينغا في مخيمات بنغلاديش قريباً اتصالهم بالعالم الخارجي إذا اتخذت الحكومة خطوات لتنفيذ تهديدها بتعليق خدمة الهواتف المحمولة لأكبر مستوطنة للاجئين في العالم.

وقالت صحيفة The New York Times الأمريكية، الجمعة 6 سبتمبر/أيلول 2019، إن أسباباً على شاكلة "أمن الدولة" و "السلامة العامة"، جاءت ضمن الأمر الذي أصدره  وزير الاتصالات البنغلاديشي هذا الأسبوع، الذي يقضي بوقف خدمة الهاتف المحمول في المخيمات المكتظة بمسلمي الروهينغا الفارّين من التطهير العِرقي في ميانمار مسقط رأسهم. 

ومن المقرر أن تبدأ عملية قطع الاتصال بدءاً من يوم الأحد المقبل الموافق 8 سبتمبر/أيلول لعام 2019. ويقول رامغان علي، وهو لاجئ من الروهينغا في مخيمات بنغلاديش: "ستكون  معاناتنا بلا حدود إذا انقطع الاتصال بالهاتف المحمول".

اللاجئون الروهينغا ممنوعون من الحصول على خطوط الهاتف

وتشير التعليمات الصادرة عن لجنة تنظيم الاتصالات في بنغلاديش، التي صدرت يوم الأحد الماضي الموافق 1 سبتمبر/أيلول لعام 2019، إلى أنه لا يُسمح إلا للمواطنين البنغلاديشيين الذين يحملون بطاقات هوية وطنية بامتلاك شرائح اتصال محلية SIM، ويحظر كذلك بيع خدمات الهاتف المحمول في المخيمات، مع تغريم أي شركة اتصالات تنتهك هذا الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الروهينغا، الذين تدفق معظمهم عبر الحدود إلى بنغلاديش في عام 2017 في أعقاب حملة القتل والاغتصاب التي قادها الجيش الميانماري، لا يزالون مشردين بدرجة كبيرة.

وعلى الرغم من استقبالها نسبة كبيرة من أبناء الروهينغا المروَّعين، رفضت الحكومة البنغلاديشية تصنيف معظمهم لاجئين ومنحهم الحقوق التي تأتي مع مثل هذا التصنيف.

وضغطت السلطات البنغلاديشية من أجل إعادة الروهينغا إلى موطنهم في أقرب وقت ممكن، حتى إن القيادة في ميانمار ذات الأغلبية البوذية لم تعترف بحملة الإرهاب المدبرة التي سرّعت من هروبهم، ناهيك عن نبذها أي أعمال عنف أخرى.

وأكد أعضاء من مجتمع الروهينغا أن خدمات الإنترنت عبر الهاتف المحمول تعطلت بالفعل في الليل وفي الصباح الباكر داخل المخيمات. ومَنَع حظر التجول وقت المساء عمال الإغاثة وغيرهم من الخروج من المستوطنات مترامية الأطراف، التي غرقت في الوحل ومياه الصرف الصحي خلال موسم الرياح الموسمية.

لتنضاف لمعاناتهم من القتل والتنكيل والاضطهاد

وكما هو الحال في أي مجتمع بهذا الحجم، ينتاب العنف المخيمات بين حين وآخر، بما في ذلك سلسلة من جرائم القتل وغيرها من أعمال العنف المنسوبة إلى الاتجار غير القانوني في المخدرات. لذا كان النشاط الإجرامي أحد الأسباب التي اتخذها المسؤولون البنغلاديشيون لتبرير حظر الهاتف المحمول.

لكن الروهينغا قالوا إن الأبرياء، الذين دمرهم بالفعل اضطرارهم للفرار من منازلهم في ميانمار، يتعرضون لعقاب جائر.

قال محمد يوسف، الذي يعيش في أحد المعسكرات: "كيف سنتواصل مع أقاربنا من دون شبكة هواتف محمولة؟ إذا مرض أحد أقاربنا أو مات، فلن نعرف حتى ما حدث".

تعتمد السلطات، بدءاً من سريلانكا وإندونيسيا ووصولاً إلى السودان والهند، على التعتيم عبر قطع خدمة الإنترنت لإخفاء مناطق النزاع. إذ قطعت الحكومة خدمات الإنترنت عبر الهاتف المحمول للعديد من السكان في ولاية راخين بميانمار، التي تقع على الجانب الآخر من حدود المنطقة التي تقع فيها المخيمات، وذلك منذ يونيو/حزيران الماضي.

عانت ولاية راخين من الاضطرابات، ليس فقط بسبب المذابح المناهضة للروهينغا، بل وأيضاً بسبب الصراع بين البوذيين ذوي الأصول العرقية في راخين وبين جيش ميانمار. وبينما استعيدت إمكانية الوصول إلى الإنترنت في أربع بلدات هذا الشهر، حذرت جماعات حقوق الإنسان من أن الجيش يواصل اجتياحاتِه ضد عِرقية الراخين، وهي اجتياحات من شأنها أن تشكل جرائم حرب.

ويتعرضون للتعذيب داخل سجون انفرادية

على جانب آخر، دعا خبراء الأمم المتحدة هذا الأسبوع إلى إجراء تحقيق مستقل في مقتل 15 رجلاً على الأقل من الراخين الذين لاقوا حتفهم بينما كانوا في عهدة الجيش في ميانمار. واُتهم الرجال بأنهم على صلة بجيش أراكان، وهي ميليشيا مكونة من أبناء الراخين. 

وقال محققو حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة إن مدنيين آخرين من راخين احتُجزوا في سجون انفرادية أو ربما تعرضوا للتعذيب.

وعلى مدى أشهر ماضية، واصلت كل من ميانمار وبنغلادش الإعلان عن رواية مفادها أن عمليات ترحيل الروهينغا باتت وشيكة. ففي آخر محاولة فاشلة أواخر الشهر الماضي، قررت الحكومة إعادة 3450 من مسلمي الروهينغا إلى موطنهم، حيث دُمرت معظم قراهم وصارت الأماكن التي يمكن أن تؤويهم تُتخذ على هيئة معسكرات الاعتقال.

أعد البنغلاديشيون حافلات ليعود بها الروهينغا إلى ميانمار. لكن لا أحد منهم ظهر.

وبدلاً من ذلك، احتفل الروهينغا في المخيمات بالذكرى الثانية لخروجهم من ميانمار من خلال القيام بمسيرات سلمية. وعلى مرأى من عشرات الآلاف من الناس، صلَّى كبار السن وألقت النساء خطابات. وتحدث زعماء المعسكر عن خطة الحكومة البنغلاديشية لنقل بعض الروهينغا إلى جزيرة معرضة للأعاصير الحلزونية في وسط خليج البنغال. وانتحبوا رثاءً لأخبار استمرار القمع في موطنهم.

منذ التجمع الجماهيري في المخيمات، أُعيد تعيين عدد من كبار المسؤولين البنغلاديشيين المشرفين على المعسكرات. وبحسب موظفين مسؤولين، تلقت أكثر من 40 منظمة غير حكومية تعمل مع لاجئي الروهينغا أوامر بوقف عملياتها.

وأشار عمال الإغاثة إلى أنه لو كان الحظر المفروض على الهواتف المحمولة ساري المفعول في أواخر الشهر الماضي، فلم تكن وسائل التواصل الاجتماعي لتُغمر بصور فيالق الروهينغا المجتمعين في احتجاجات سلمية.

تحميل المزيد