مطعم Mo’s Eggs السوري ببريطانيا يكشف براعة اللاجئين في صناعة الأطعمة

حين وصل محمد رحيمة إلى مخيم كاليه الفرنسي للاجئين، الذي يُوصف بـ "الغابة"، كان الطهي آخر ما خطر بباله. إذ كان عالماً سياسياً من سوريا خاض رحلةً من الأهوال من أجل الوصول إلى البر الآخر. وكان الطعام آنذاك مُجرَّد وسيلةٍ لبلوغ الغاية بالنسبة له.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/07/12 الساعة 19:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/13 الساعة 07:13 بتوقيت غرينتش
محل جزارة لأحد السوريين / رويترز

حين وصل محمد رحيمة إلى مخيم كاليه الفرنسي للاجئين، الذي يُوصف بـ "الغابة"، كان الطهي آخر ما خطر بباله. إذ كان عالماً سياسياً من سوريا خاض رحلةً من الأهوال من أجل الوصول إلى البر الآخر. وكان الطعام آنذاك مُجرَّد وسيلةٍ لبلوغ الغاية بالنسبة له.

اللاجئون السوريون يبرعون في صناعة الطعام 

محمد رحيمة اضطر الى تغيير وظيفته بسبب مَرض أحد أصدقائه المُقرَّبين، وهو ما اضطره إلى إعداد وجبة بيضٍ على عُجالة. وحينها اكتشف موهبته المدفونة، حسبما قالت صحيفة The Guardian البريطانية.

وقال رحيمة: "وقع صديقي في غرام الطعام الذي أعددته، وحين تحسَّنت صحته قررت إعداد وليمةٍ كبيرة للجميع باستخدام مقلاةٍ واحدة، وتناول الجميع (بيض الغابة) الخاص بي، فأعجبهم كذلك".

ورحيمة واحدٌ من أصل قرابة 14 ألف لاجئ سوري وصلوا إلى المملكة المتحدة منذ عام 2015، وهو واحدٌ أيضاً من الطُّهاة الذين تتزايد أعدادهم وينقلون المطبخ السوري إلى مشهد الطعام في البلاد.

وما تزال وصفته، التي يُعدُّها باستخدام مُكوِّنات بسيطة، مثل الطماطم المُعلَّبة التي تتبرَّع بها الجمعيات الخيرية للمُخيَّم، تلقى إقبالاً كبيراً بعد مرور ثلاث سنوات. ويُقدِّم وصفته الآن للزبائن الذين يزورون متجره المُنبثِق في منطقة أرتشواي بشمال لندن.

واستطاعوا تأسيس عشرات المطاعم في بريطانيا 

ومحمد رحيمة ممن نجح في ذلك، حيث استطاع تحويل مواهبه في الطهي إلى تجارةٍ ناجحة، حين أسَّس مطعم Mo's Eggs الناشئ بمساعدة بعض الأصدقاء السوريين والمُتطوِّعين البريطانيين. ويجلس الزبائن على طاولات مُشتركة، ليتناوبوا على الانغماس في الأطباق المُختارة والمُلوَّنة من الحمص المنزلي، في حين يتجوَّل رحيمة بالمطعم، للحديث عن وصفاته ووطنه الأم.

وقال رحيمة: "هذا هو الأساس الذي تقوم عليه فكرة Mo's Eggs: مُشاركة الطعام من مقلاةٍ واحدة، وإعطاء الناس الحب الذي كنا نتمتَّع به في (الغابة)".

وأُضيف طبق "بيض اللجوء" إلى قائمة الطعام أيضاً، وهو عبارةٌ عن وصفةٍ جديدة ابتكرها في أثناء إقامته داخل أحد مراكز الاحتجاز، إبان تقدُّمه بطلبٍ للحصول على اللجوء داخل المملكة المُتحدة. وأضاف: "أُحاول دائماً أن تكون لدي قصةٌ وراء أيّ طبقٍ جديد أعدّه".

يشتري رحيمة غالبية مُكوِّنات أطباقه من السوق، لأنَّه نشأ في مدينة عين الفيجة التي تُحيطها الفواكه والخضراوات الطازجة من كل ناحية.

كشفت الأبحاث أنَّ غالبية اللاجئين السوريين داخل المملكة المتحدة الآن يعملون أو يدرسون، لكن مُعدَّلات البطالة ما تزال مُرتفعة. وأفاد تقريرٌ صادر عن جامعة غلاسكو بأنَّ 34% من اللاجئين السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و32 عاماً ما زالوا يدرسون، في حين يعمل أكثر من رُبعهم مُقابل أجر. لكن 19% يبحثون عن وظيفة، وهو رقمٌ يُساوي خمسة أضعاف مُعدَّل البطالة الوطني الذي يُقدَّر بـ3.9%.

ووجد التقرير أيضاً أنَّ كثيراً من اللاجئين السوريين الشباب الذين استقروا داخل المملكة المتحدة مُؤهَّلون تأهيلاً عالياً. إذ يمتلك رُبعهم شهادةً جامعية، لكن كثيراً منهم يعملون في وظائف أقل من إمكاناتهم. ولم يعثر سوى 57% فقط من العاملين في الوظائف المهنية وعالية التقنية داخل بلدهم على وظيفةٍ مُشابهة داخل المملكة المتحدة.

وهو ما جعل شعبية الطعام السوري تنتشر حول العالم

وتتزايد شعبية الطعام السوري بالتزامن مع وصول مزيد ومزيد من السوريين، إذ لا يقتصر الأمر على لندن وحدها، بل يمتدُّ إلى المناطق الأخرى التي تضُمُّ تجمعُّات كبيرة من المهاجرين واللاجئين. فقد ظهر عددٌ من المطاعم والمخابز في أسكتلندا مثلاً، حيث استقر خُمس اللاجئين السوريين تقريباً منذ وصولهم إلى المملكة المتحدة.

وقالت جولييت ليونز، التي التقت رحيمة في مخيم كاليه للاجئين في أثناء عملها لدى إحدى المنظمات غير الحكومية وتُساعد الآن في إدارة Mo's Eggs: "هذه التجربة بمثابة أول تفاعلٍ مع الثقافة السورية بالنسبة لعديد من الزبائن الذين يزورون المكان، وتفتح الزيارة أعين أولئك الزبائن على جزءٍ صغير من سوريا هنا، وهو جزءٌ لم يشهدوه من قبل. إذ يُسلِّط المطعم ضوءاً إيجابياً على سوريا، بعيداً عن سياق الحرب".

ومع استمرار مطعمه الناشئ، يأمل رحيمة إنشاءَ مطعمٍ دائم مع كشكٍ لبيع طعام الشارع، ليُضيف إلى القائمة مُثلَّجاته السورية التي يصنعها حسب الطلب.

لكن رحيمة لم يكتفِ بجلب المطبخ السوري إلى المملكة المتحدة، بل تعرَّف أيضاً على الأطباق الإنجليزية الكلاسيكية. إذ قال: "كانت البطاطا المشوية أول الأطباق الإنجليزية التي تناولتها وأعجبتني. كان ذلك في موسم عيد الميلاد [حين وصلت إلى المملكة المتحدة لأوَّل مرة]، وكان الجميع يُعِدُّون البطاطا المشوية والدجاج المشوي. إنَّه طبقي المُفضَّل".

علامات:
تحميل المزيد