حذَّر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي الـ "إف بي آي" بعض المواطنين السعوديين المقيمين بالولايات المتحدة، بعد اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده إسطنبول، مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018، من إمكانية تعرضهم لتهديدات.
وقال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني الجمعة 12 يوليو/تموز 2019، إن هذه التحذيرات التي همّت 3 سعوديين وناشطاً عربياً، "تمحورت حول إمكانية تعرضهم للقتل على يد النظام السعودي".
وأوضح الموقع البريطاني أن موظفين تابعين لمكتب التحقيقات الفيدرالي زاروا المعارضين السعوديين وغيرهم من المواطنين الذين لهم صلة بالصحفي الراحل جمال خاشقجي.
وكانت هذه الزيارات في الأسابيع التي تلت عملية القتل، كما كانت تهدف إلى تحذيرهم من تهديد محتمل لحياتهم من المملكة العربية السعودية.
تحذيرات "إف بي آي" لمعارضين سعوديين بعد مقتل خاشقجي
وفقاً لتصريحات عديد من الأشخاص المطلعين على تفاصيل هذه الزيارات لموقع ميدل إيست آي، بدأ الموظفون الأمريكيون بالتوافد بعد شهر فقط من عملية اغتيال خاشقجي من طرف فريق من القتلة السعوديين داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، واستمرت هذه الزيارات من قِبل المكتب الفيدرالي حتى توقفها منذ ستة أسابيع فقط.
وأضاف الموقع أن ما لا يقل عن أربعة سعوديين يقطنون في أماكن متفرقة بالبلاد، تلقوا زيارات من طرف مكتب التحقيقات الفيدرالي، في حين تلقى ناشط عربي من جنسية غير سعودية تحذيراً، بسبب صِلاته مع الصحفي جمال خاشقجي.
والجدير بالذكر أن أحد الناشطين الذين تلقوا هذه التحذيرات يدير قناة على موقع يوتيوب ويحظى بعدد كبير من المتابعين، والتي ينتقد فيها الحكومة السعودية. وشارك الناشط الثاني في مؤتمر معارض للسعودية، في حين كان الثالث يعمل مع خاشقجي على مشروع لمحاربة المتصيدين الإلكترونيين السعوديين على الإنترنت.
الجدير بالذكر أن جميع الأشخاص الذين تحدثوا إلى موقع ميدل إيست آي البريطاني اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم وعدم الإفصاح عن مواقعهم، بسبب المخاوف الأمنية. وفي هذا الصدد، قال الناشط السعودي الذي كان يعمل مع خاشقجي :"لقد كانوا يقولون لي إنهم قلقون على سلامتي، وإن اسمي وُضِع في الإدارات الأمريكية وفي بعض الدوائر المعينة بأوروبا".
بسبب مخاوف بأن حياتهم معرَّضة للخطر
من المعروف أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ووكالات الاستخبارات الأجنبية قد تواصلت مع الناشطين المقربين من خاشقجي في كل من الولايات المتحدة والنرويج وكندا، بسبب مخاوف بأن حياتهم معرضة للخطر.
في المقابل، هذه هي المرة الأولى التي يتم خلالها الإبلاغ عن تورط مكتب التحقيقات الفيدرالي في الأمر.
وفي رسالة إلكترونية أرسلها إلى موقع ميدل إيست آي، أخبر متحدث باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنهم يعملون على بناء رابطةٍ قوامها الثقة المتبادلة لحماية المواطنين الأمريكيين.
ووفقاً لتوجيهات صادرة سنة 2015، تكون وكالة المخابرات المركزية ملزمة بموجب القانون، بإبلاغ المواطنين الأمريكيين وغير الأمريكيين بالتهديدات بالقتل العمد والإصابات الجسدية الخطيرة والخطف الموجهة لهم.
ومن جهته، رفض المتحدث الرسمي باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق على ما إذا كانت هذه الزيارات تتمحور حول سبب محدد عدا اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، أو أنها قد أُجريت بموجب امتثال المكتب للتوجيهات الصادرة سنة 2015.
اتصالات وتطمينات وتنصُّل من إدارة ترامب
لم يصرح أي من الأشخاص الذين تحدثوا إلى موقع ميدل إيست آي، بأنهم كانوا على دراية بهذه التهديدات في بادئ الأمر. وفي بعض الحالات، قالوا إن موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي عمدوا إلى تهدئتهم، واتصلوا بهم أولاً ثم رتَّبوا لقاء معهم في مكان عمومي بالقرب من أماكن إقامتهم، وغالباً في أحد محلات "ستاربكس".
بالنسبة لأحد المعارضين السعوديين الذين تلقوا هذه التحذيرات، أخبره موظفو المكتب الفيدرالي بأنهم يشعرون بالأسف إزاء مقتل خاشقجي الذي كان مواطناً أمريكياً، وأنهم سيبذلون ما في وسعهم لتقصّي الحقيقة الكاملة إزاء هذا الأمر. وفي حديثهم إلى معارض آخر، ارتأى الموظفون التشديد على أنهم لا يمتُّون لإدارة ترامب بِصلة.
حيال زيارة الموظفين الأمريكيين في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال أحد الناشطين السعوديين: "قلت لهم: ينتابني شعور بالخوف مت التعامل معكم، وذلك لأن حكومتكم الحالية عملت من كثب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والحكومة السعودية". وقابل الموظفون الأمريكيون هذا القول بطمأنة الناشط السعودي والقول: "نحن هنا لحماية الناس من كل مكان، لا يهم من في البيت الأبيض".
في المقابل، أفاد المعارض السعودي بأنه شعر بالقلق من اقتراح مكتب التحقيقات الفيدرالي أن يساعدهم مقابل منحه بعض التسهيلات إزاء طلب اللجوء الذي تقدم به. وقال أحد المعارضين إن الموظفين استفسروا أيضاً عن إمكانية زيارتهم له مرة أخرى، حيث كانت إجابته: "إذا كانت هذه الزيارة من أجل تبادل أطراف الحديث أو شيء مماثل فأنا لست موافقاً"، حيث لم يُرِد إجراء محادثات دورية معهم.