السبّاحة السورية يسرا مارديني.. لاجئة قفزت من القارب قبل أن يغرق وجدّفت بساعديها لتنطلق نحو النجومية

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/26 الساعة 19:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/26 الساعة 19:47 بتوقيت غرينتش

مع التصفيق المدوِّي للسبّاحة السورية يسرا مارديني في أولمبياد 2016، كان من الصعب أن يتصور أحد أن تلك الفتاة كانت على وشك أن تغرق في البحر قبل نحو عام واحد فقط، في أثناء فرارها من الحرب المستعرة في بلدها.

وعندما سنحت لها فرصة لتنضم إلى أول فريق للاجئين ينافس في الأولمبياد رفضت يسرا؛ خوفاً من إحساس الناس بالشفقة تجاه اللاجئين.

وعن ذلك، قالت في مقابلة بمنزلها الجديد في العاصمة الألمانية برلين، إن كلمة "لاجئ" بالنسبة لها كانت بمثابة عبء آنذاك، وإنها لم تكن تشعر بفخر لكونها لاجئة.

لكنَّ تجربة مشاركتها في الأولمبياد، تحت العَلم الأولمبي، مع 9 لاجئين آخرين، كانت وراء تغيير رأيها وجعلتها تشعر بفخر لكونها لاجئة.

وعن ذلك، قالت الفتاة: "لم أكن مفتخرةً بكوني لاجئة. لكن بعد وقت ذهبت مع الفريق، فريق اللاجئين، إلى الأولمبياد، كل شيء تغير؛ لأن فكرة العالم عنا تغيرت، وأعطتني فرصة لتغيير الصورة النمطية للاجئين وأنهم ليسوا مجرد مشرَّدين لا يملكون شيئاً، وكي أوصل رسالتي للعالم بأن اللاجئين هنا لديهم أحلام، ومتعلمون وكثير منهم مِلاح، لكن الظروف اضطرتهم إلى ترك بلدهم عندما اندلعت به الحرب، التي أجبرتهم على اللجوء إلى بلد جديد وأن يتعلموا شغلات جديدة. فأنا مفتخرة كثيراً بكوني لاجئة، وسأظل دائماً أدافع عن اللاجئين وأعمل شغلات كثيرة لأساعدهم".

والآن، تسعى يسرا، التي أثارت عاصفة في أولمبياد ريو دي جانيرو، لتحدي الأفكار السلبية بشأن اللاجئين.

وقالت يسرا مارديني: "أتصور أني سأستمر في توصيل رسالتي بشأن اللاجئين لكثير من الناس، أريد تغيير تصورات الناس عن كينونة اللاجئ، وسأواصل الدعم والنضال من أجل اللاجئين".

وتضع يسرا، التي شاركت في سباقي سِباحة 100 متر حرة و100 متر فراشة في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، عينيها الآن على أولمبياد طوكيو 2020.

وتتدرب الفتاة، التي تعيش حالياً في ألمانيا مع والديها وشقيقتها، 30 ساعة أسبوعياً في حمام السباحة وصالة التمرينات الرياضية.

ويسرا كانت سبّاحة ماهرة منذ نعومة أظافرها، لكنَّ حلمها بأن تصبح رياضية محترفة كاد ينتهي مع تفجُّر الحرب في بلدها عام 2011.

وذات مساء، استقلت يسرا وأختها قارباً على الساحل التركي مع 20 شخصاً آخرين، وهو عدد يعادل 3 أضعاف الحمولة المقررة للقارب.

ومع اتجاه القارب نحو سواحل اليونان بدأ يغرق.

ومع انعدام الخيارات الأخرى أمامهم، قفزت يسرا وأختها، وهي سبّاحة ماهرة أيضاً، واثنان آخران من اللاجئين في البحر، وجرُّوا القارب الصغير أكثر من 3 ساعات حتى وصلوا جزيرة ليسبوس اليونانية.

وعن ذلك، قالت يسرا مارديني: "كنت أحاول أن أكون إيجابية، وكنت أدعو الله مع الجميع. كلنا في القارب كنا ندعو بصوت واحد جميعاً وبصوت مرتفع. كنت أتأمل طفلاً كان معنا في القارب، وكان هناك مَلحٌ في عيني وأنفي وحلقي وكنت عطشانة وجائعة. لكني تابعت إلقاء بعض النكات والضحك؛ حتى لا يشعر بما هو فيه، ولأني كنت خائفة على الطفل أكثر من خوفي على نفسي؛ لأنه كان الطفل الوحيد الذي معنا على متن القارب، وكان والده لفترة في الماء؛ ومن ثم فقد كان يبكي تقريباً. كان الأمر صعباً حقيقةً وكنا أنا وشقيقتي نفكر في أمر واحد: نحن سبّاحتان وسيكون عار علينا أن نموت غرقاً".

وبعد وصولها لليونان، اتجهت يسرا وشقيقتها إلى وسط أوروبا قبل أن يصلا إلى برلين في 2015.

وانضمّتا إلى ما يزيد على مليون لاجئ تدفقوا على أوروبا في ذلك العام؛ هرباً من الصراعات والاضطرابات السياسية.

وأوضحت يسرا أن تلك الذكريات لن تفارقها أبداً.

وستُروى قصة يسرا مارديني الرائعة في فيلم بهوليوود في وقت لاحق من هذا العام (2018).