رغم المساعدات ومعاشات “تكافل وكرامة”.. مازال الكثير من المصريين يقبعون تحت خط الفقر

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/04 الساعة 12:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/04 الساعة 12:29 بتوقيت غرينتش
حوالي نصف المصريين يعيشون الآن عند خط الفقر/ رويترز

قامت الحكومة المصرية برفع معاشات تكافل وكرامة، الخاصة بالأسر الفقيرة والمسنين والمعاقين بنسبة 25% بداية من الشهر الحالي، لتخفيف المعاناة عن الفقراء من جراء الارتفاعات المستمرة بأسعار السلع، إلا أن قيمة تلك المعاشات البالغ متوسطها 450 جنيهاً تصل بعد الزيادة إلى 562.5 جنيه.

بينما يصل خط الفقر الرسمي منذ مارس/آذار 2020 إلى نحو 857 جنيهاً، وهو ما يعني استمرار أصحاب معاشات تكافل وكرامة والبالغ عددهم 4 ملايين و431 ألف شخص تحت خط الفقر . 

رغم أنه من المفترض أن يكون خط الفقر حالياً، قد زاد عما كان عليه في مارس/آذار 2020، بعد أزمة فيروس كورونا وتداعياتها السلبية على الاقتصاد المصري، ثم موجة التضخم العالمي وأثرها في ضوء استيراد حوالي 60% من الاحتياجات الغذائية.

ما أعقب ذلك من آثار سلبية اقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية، وما تلاها من تدهور لسعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي خلال العام الماضي وحتى الآن، وانعكاس ذلك على ارتفاع أسعار السلع وبالتالي على المواطن المصري الذي دفع الضريبة أضعافاً

لقد بلغت نسبة الانخفاض للجنيه المصري أمام الدولار منذ مارس/آذار من العام الماضي 2022، وحتى نفس الشهر من العام الحالي 97% حسب الأسعار الرسمية للصرف، وهي النسبة التي تزيد حسب أسعار السوق السوداء.

كما بلغت نسبة التضخم الرسمية التي لا تجد مصداقية لدى الخبراء والجمهور 32.9% بشهر فبراير/شباط 2023، كما تصل حسب البنك المركزي المصري بنفس الشهر 40.3%؛ مما يعني أن نسبة الزيادة بمعاشات تكافل وكرامة، لا تغطي زيادات الأسعار والتي يتوقع استمرار ارتفاعها خلال الشهور المقبلة مما يؤثر سلباً على الاقتصاد المصري. 

الاقتصاد المصري يعاني.. أقل من 1% فقط لمساعدات الفقراء 

كانت الموازنة المصرية قد رصدت لمعاشات تكافل وكرامة بموازنة العام المالي الحالي، 2022/2023 والذي ينتهي آخر يونيو/حزيران المقبل 19 ملياراً و471 مليون جنيه، وهو ما يوازي نسبة ستة بالألف أي أقل من نسبة 1% من مجموع الإنفاق بالموازنة البالغ أكثر من 3 تريليونات جنيه. 

للتعرف على خريطة المساعدات التي تقدمها الدولة للفقراء، حسب بيانات جهاز الإحصاء خلال العام المالي 2020/2021، تضمنت الخريطة خمسة مكونات هي: 

1- معاشات تكافل وكرامة بقيمة 18 ملياراً و486 مليون جنيه.

2- معاشات التضامن الاجتماعي للأسر الفقيرة بقيمة مليار و620 مليون جنيه.

3- مساعدات المرة الواحدة بوزارة التضامن الاجتماعي للفقراء بقيمة 3.4 مليون جنيه فقط.

4- مساعدات الجمعيات الأهلية للفقراء والمعاقين 12.4 مليون جنيه.

5- مساعدات وزارة الأوقاف للفقراء بقيمة 1.4 مليون جنيه، بإجمالي 20 ملياراً و123 مليون جنيه. 

أما عن أعداد الفقراء المستفيدين من تلك المساعدات المادية والمعاشات، فقد توزعت ما بين 3 ملايين و370 ألف شخص لمعاشات تكافل وكرامة و391 ألف شخص لمعاشات التضامن الاجتماعي، و76 ألفاً لمن حصلوا على مساعدات من الجمعيات الأهلية، و8 آلاف شخص حصلوا على مساعدات الدفعة الواحدة من وزارة التضامن الاجتماعي، وأقل من 5 آلاف شخص حصلوا على مساعدات المرة الواحدة من وزارة الأوقاف. 

الفقراء المصريون/ رويترز

13% من الفقراء يحصلون على مساعدات 

ليصل إجمالي الفقراء المستفيدين من تلك المعاشات والمساعدات إلى 3 ملايين و850 ألف شخص، وباحتساب معدل الفقر الرسمي قبل مارس/آذار 2020 أي قبل وباء كورونا، والبالغ 29.7 % من عدد السكان منتصف عام 2021 والبالغ 102 مليون حينذاك، يصل عدد الفقراء حسب البيانات الرسمية إلى 30 مليوناً و312 ألف شخص.

وهو ما يعني أن نسبة من حصلوا على مساعدات ومعاشات من الفقراء أقل من 13% من عدد الفقراء، فما بالنا برقم تلك النسبة عند مقارنتها بأعداد الفقراء الحقيقية التي تزيد كثيراً عن البيانات الرسمية في الاقتصاد المصري.

يضاف لذلك تدني قيمة تلك المعاشات والمساعدات، ونحن ننقل عن البيان المالي لموازنة العام المالي الحالي الصادر عن وزارة المالية، فيما يخص قيمة معاش الضمان الاجتماعي الذي توزعه وزارة التضامن الاجتماعي.

بينما تحصل الأسرة المكونة من شخص واحد على 323 جنيهاً شهرياً، والأسرة المكونة من فردين على 360 جنيهاً شهرياً، والأسرة المكونة من ثلاثة أفراد على 413 جنيهاً شهرياً والأسرة المكونة من أربعة أفراد فأكثر على 450 جنيهاً. 

ويظل السؤال: ماذا تصنع تلك المعاشات مع الأسعار الحالية للمواد الغذائية؛ حيث وصل سعر البيضة الواحدة إلى أربعة جنيهات وسعر كيلو السكر أكثر من عشرين جنيهاً ونفس السعر لكيلو الأرز الغذاء الشعبي للمصريين وكذلك للمكرونة بل يصل للعسل الأسود 25 جنيهاً، إلى جانب زيادة أسعار الدواجن والأسماك واللحوم وزيوت الطعام بالمجمعات الاستهلاكية التي تقل أسعارها عادة عن أسعار القطاع الخاص. 

تراجع مخصصات المساعدات بالتضامن والأوقاف 

ننقل أيضاً عن الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، قيمة مساعدات المرة الواحدة، التي منحتها وزارة التضامن الاجتماعي للفقراء بالعام المالي 2020/2021، والتي بلغ متوسطها 556 جنيهاً كمصاريف للوضع للسيدات الفقيرات لتسع أسر على مستوى البلاد خلال عام كامل، و311 جنيهاً كمساعدة في مصاريف الجنازة لأسر المتوفين الفقراء والتي حصلت عليها 2700 أسرة خلال عام.

كما يتم صرف 415 جنيهاً للأسرة للمساعدة في مصاريف التعليم، والتي حصلت عليها 330 أسرة خلال العام، و467 جنيهاً كمتوسط لقيمة المساعدة للحالات الطارئة المُلحة والتي حصلت عليها حوالي 5000 آلاف أسرة خلال عام. 

لم يختلف الأمر كثيراً بقيمة المساعدات التي قدمتها الجمعيات الأهلية التي تحصل على إعانات مالية من قبل وزارة التضامن الاجتماعي، حيث بلغت قيمة أعلى مساعدة لمكفوفي البصر بقيمة 358 جنيهاً، وهي المساعدات التي تصرف مرة واحدة خلال العام، وبلغت 271 جنيهاً للمصابين بالتوحد و 264 جنيهاً للمصابين باضطرابات نفسية شديدة.

بينما صرف 233 جنيهاً لمن يعانون من صعوبة بالتعلم، و 220 جنيهاً لأصحاب الإعاقات المتعددة، و173 جنيهاً لحالات التقزم، و169 جنيهاً لحالات الإعاقة الحركية و122 جنيهاً لحالات الإعاقة السمعية، و 86 جنيهاً لأصحاب حالات الصم والبكم، ولم يختلف الأمر كثيراً بمساعدات وزارة الأوقاف السنوية التي بلغ متوسطها 304 جنيهات للحالة.

هكذا فإن بعض تلك المساعدات السنوية لا تكفي لشراء كيلو واحد من اللحم، حتى بأسعار المجمعات الاستهلاكية التي بلغت الـ 200 جنيه للكيلو، بينما تجاوز الـ 300 جنيه لدى القطاع الخاص، ولو أمكن تخصيص نفقات الاحتفالات الرسمية المرافقة لمساعدات الفقراء لكان أجدى اجتماعياً وصحياً وسياسياً. 

فرغم تزايد معدلات الفقر والتضخم يلاحظ تراجع مخصصات المساعدات بوزارة التضامن الاجتماعي، والتي كانت قد بلغت 30 مليون جنيه عام 2016، لكنها انخفضت إلى 3.4 مليون عام 2021، ونفس التراجع لقيمة المساعدات التي تقدمها وزارة الأوقاف من 22 مليون جنيه عام 2019 إلى 1.4 مليون جنيه عام 2021.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ممدوح الولي
كاتب صحفي وخبير اقتصادي
كاتب مصري وخبير اقتصادي، نقيب الصحفيين المصريين السابق، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الصحفية سابقاً.
تحميل المزيد