كشفت دراسة حديثة أن الطائرات والدبابات الإسرائيلية التي تقصف الفلسطينيين في غزة تتولى تزويدها بالوقود مجموعة من أكبر شركات الوقود الأحفوري في العالم، ودافعو الضرائب الأمريكيون، وفق ما نقلت صحيفة The Guardian البريطانية.
حيث تعتمد إسرائيل على النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة القادمة من الخارج لتشغيل أسطولها الكبير من الطائرات المقاتلة والدبابات والمركبات العسكرية.
وأجريت هذه الدراسة التحليلية من قبل شركة Data Desk الاستشارية البريطانية لتحليل البيانات، بتكليفٍ من مؤسسة Oil Change International غير الربحية المناصرة للطاقة المتجددة.
إمداد إسرائيل بالوقود
التحليل درس سلسلة إمداد إسرائيل بالوقود في الحرب الجارية على غزة، مشيراً إلى أن إسرائيل اعتمدت بدرجةٍ كبيرة منذ بدء الحرب على إمدادات الوقود الأحفوري من أذربيجان وكازاخستان وروسيا والبرازيل والجابون والولايات المتحدة، ويتولى إتاحة هذه الإمدادات مجموعة من شركات النفط الكبرى، تشمل شركة "بريتش بتروليوم" و"شل" البريطانيتين، و"شيفرون" و"إكسون موبيل" الأمريكيتين، و"توتال إنرجيز" الفرنسية.
يشير التحليل إلى أن إسرائيل استقبلت 3 ناقلات أمريكية محملة بوقود الطائرات "جي بي 8" في صيغة مساعدات عسكرية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقد غادرت إحداها الولايات المتحدة قبل بدء الهجوم الحالي على غزة في 22 سبتمبر/أيلول من العام نفسه.
ويبدو أن السفن التي تنقل النفط والوقود إلى إسرائيل عمدت في الآونة الأخيرة إلى إيقاف إشارة نظام التعرف الآلي (AIS) قبل الوصول إلى المواني الإسرائيلية، ربما لأسباب أمنية.
حيث كشف التحليل أن الناقلتين الأمريكيتين الثانية والثالثة أبحرتا إلى إسرائيل بعد بدء الحرب على غزة، فقد بدأت الثانية رحلتها إلى إسرائيل في 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، أي بعد أن قتلت إسرائيل بالفعل أكثر من 16 ألف فلسطيني؛ وأبحرت الناقلة الثالثة من تكساس في 9 فبراير/شباط، أي بعد أسبوعين من صدور الحكم المؤقت لمحكمة العدل الدولية بأن أفعال إسرائيل في غزة من المعقول أن تندرج تحت جرائم الإبادة الجماعية.
وتشير صور الأقمار الاصطناعية إلى ظهور الناقلة في ميناء عسقلان الإسرائيلي في 6 مارس/آذار، وقد كان عدد القتلى الفلسطينيين وقتها قد بلغ 30 ألف شخص.
شحنات من النفط الخام
وأشارت البيانات أيضاً إلى أن إسرائيل تتلقى شحنات صغيرة نسبياً، وإن كانت منتظمة، من النفط الخام عبر خط أنابيب "سوميد"، وينقل خط الأنابيب هذا النفطَ الخام من السعودية ومصر والعراق والإمارات، وهي دول عربية انتقدت جميعها علناً الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة.
في غضون ذلك، قال خبراء في حقوق الإنسان إن الدول والشركات التي تزود القوات المسلحة الإسرائيلية بالنفط ربما تُتهم بالاشتراك في جرائم حرب وإبادة جماعية.
بدوره، قال ديفيد بويد، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان والبيئة: "إن الدول والشركات التي واصلت إمداد الجيش الإسرائيلي بالنفط بعد قرار محكمة العدل الدولية تُسهم في انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، وربما تكون مشاركة في جريمة إبادة جماعية".
فيما قال بيتر فرانكنتال، مدير الشؤون الاقتصادية في منظمة العفو الدولية في بريطانيا: "يجب على شركات النفط التحقق من أنها لا تساعد في ترسيخ نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، ولا تشارك في تأجيج جرائم الحرب والإبادة الجماعية المحتملة في غزة"، ويتعيَّن على كل شركة تربطها علاقات تجارية بالجيش الإسرائيلي أن تُولي هذا الأمر "العناية الواجبة".
وقالت آلي روزنبلوث، مديرة القسم الأمريكي في شركة Oil Change International، إن الدول وشركات النفط الكبرى التي تغذي آلة الحرب الإسرائيلية، مشاركة في الإبادة الجماعية المستمرة للشعب الفلسطيني، لا سيما الولايات المتحدة التي أمدَّت الجيش الإسرائيلي بالوقود مباشرة، وبأكثر من 100 صفقة أسلحة منذ بدء الحرب، ولذلك لا بد أن تخضع للمساءلة عن الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي".
يشار إلى أن تحليل شركة البيانات اعتمد على تتبع مواقع السفن، والتدفقات التجارية للسلع الأساسية، والمعلومات الواردة من سلطات الموانئ وسماسرة السفن وصور الأقمار الاصطناعية، علاوة على التقارير المالية والإعلامية، فيما تشير الأدلة إلى وجود تداخل كبير بين سلاسل إمداد الوقود المدنية والعسكرية الإسرائيلية.