كشف موقع The Intercept الأمريكي، المتخصص بالتحقيقات الاستقصائية، أن الولايات المتحدة نشرت فرقة جوية في إسرائيل لمساعدة جيش الاحتلال في حربه على قطاع غزة.
وقال الموقع إن المعلومات المستخدمة أسهمت في شن غارات جوية وإطلاق أسلحة مدفعية بعيدة المدى بدور مركزي في الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة؛ حيث أرسلت القوات الجوية الأمريكية ضباطاً متخصصين في هذا النوع الدقيق من المعلومات الاستخبارية إلى إسرائيل في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
منذ بدء القصف الإسرائيلي رداً على عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أسقطت إسرائيل أكثر من 29 ألف قنبلة على قطاع غزة الصغير، وفقاً لتقرير استخباراتي أمريكي صدر في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
طائرات أمريكية مسيّرة في غزة لأول مرة في التاريخ
ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، ترسل إدارة بايدن طائرات استطلاع بدون طيار فوق غزة منذ أوائل نوفمبر/تشرين الثاني على الأقل، تحت ذريعة استعادة هذه القوات الخاصة للمحتجزين الإسرائيليين.
وفور الكشف عن هذه الطائرات بدون طيار، أصر الجنرال الأمريكي بات رايدر على أنَّ قوات العمليات الخاصة المنتشرة في إسرائيل "لم تشارك في تحديد الأهداف [للجيش الإسرائيلي]".
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد صرّح بعد ثلاثة أيام من 7 أكتوبر/تشرين الأول قائلاً: "لقد وجهت فريقي لتبادل المعلومات الاستخباراتية ونشر خبراء إضافيين من جميع أنحاء إدارة الولايات المتحدة للتشاور مع النظراء الإسرائيليين وتقديم المشورة لهم بشأن جهود استعادة الرهائن".
لكن بعد عدة أسابيع، وتحديداً في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدرت القوات الجوية الأمريكية مبادئ توجيهية لنشر الضباط في إسرائيل، بمن فيهم ضباط الاشتباك الاستخباراتي.
"على الأرجح يستهدفون الناس"
ويقول الخبراء إنَّ استخدام مثل هذا الفريق من ضباط الاستهداف يكون لتوفير معلومات استخباراتية عبر الأقمار الاصطناعية للإسرائيليين لغرض الاستهداف الهجومي، وفق الموقع.
ونقل الموقع عن لورانس كلاين، الذي عمل ضابط استخبارات في العراق قبل التقاعد، قوله: "إنهم على الأرجح يستهدفون الناس والجنود".
ويشير مصطلح "استخبارات الاستهداف" إلى تحديد أنشطة العدو وتوصيفها بما في ذلك إطلاق الصواريخ والمدفعية، ومواقع القيادة ومراكز القيادة والسيطرة، والمرافق الرئيسية.
أضاف كلاين: "ما أستطيع رؤيته هو أنَّ لدينا الكثير من الأصول العالمية من حيث الأقمار الاصطناعية وما شابه ذلك، والإسرائيليون لديهم الكثير من التغطية الرادارية المحلية"، وأوضح أنَّ ضباط المشاركة الاستخباراتية يقومون بتنسيق المعلومات الاستخبارية بين الولايات المتحدة والجيوش الشريكة.
وتوفر عملية المشاركة الاستخباراتية آلية غير لافتة يمكن للولايات المتحدة من خلالها التنسيق مع الجيش الإسرائيلي، وهي أداة قيمة في خضم الحساسية السياسية للصراع.
ويُعرّف كتاب تمهيدي للجيش الأمريكي المشاركة الاستخباراتية بأنها أداة "قوية" ومفيدة "خاصة عندما قد تقيد السياسة الأمريكية تفاعلنا؛ لأنها في كثير من الأحيان لا تتطلب ميزانيات ولا تترك آثاراً كبيرة".
"استثناء لإسرائيل"
من جانبه، قال تايلر ماكبراين، مدير تحرير موقع Lawfare المتخصص في قانون الأمن القومي: "يبدو أنَّ هناك استثناءً لإسرائيل من القواعد الأمريكية المتعلقة بالمساعدة العسكرية".
وقد أصدر الرؤساء السابقون عدة أوامر تنفيذية تحظر على الإدارة الأمريكية تنفيذ أو رعاية الاغتيالات في الخارج، وقد فُسِّر هذا الحظر على أنه يشمل استهداف المدنيين في زمن الحرب، وفقاً لمقالة نشرتها مجلة Foreign Affairs مؤخراً بقلم بريان فينوكين، المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية، الذي يعمل الآن في مجموعة الأزمات.
وقال ماكبراين: "هناك قيود قانونية محلية محددة؛ مثل قانون ليهي وحظر الاغتيالات، تنطبق على المهام الاستشارية الجوية، التي أتصور أنها تنطوي على تبادل المعلومات الاستخبارية والتدريب".
لكن عملية التدقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي يستلزمها قانون ليهي "معكوسة" بالنسبة لإسرائيل؛ إذ بدلاً من فحص الوحدات العسكرية الإسرائيلية مسبقاً، ترسل وزارة الخارجية الأمريكية المساعدات ثم تنتظر التقارير عن الانتهاكات، وفقاً لمقالة حديثة كتبها جوش بول، الذي استقال من منصبه مسؤولاً سياسياً عسكرياً في وزارة الخارجية بسبب مخاوفه بشأن الدعم الأمريكي لإسرائيل.
"لا شيء يحدث بالصدفة"
ويقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي البنى التحتية المدنية الفلسطينية عمداً، والمعروفة باسم "أهداف قوة"، من أجل "إحداث صدمة"، وفقاً لتحقيق أجراه الموقع الإخباري الإسرائيلي +972، ويُستخدَم نظام ذكاء اصطناعي يُعرف باسم "حبسورا"، وهي كلمة عبرية تعني "إنجيل"، لتحديد الأهداف.
وقال مصدر في المخابرات العسكرية الإسرائيلية لموقع +972: "لا شيء يحدث بالصدفة. عندما تُقتَل فتاة تبلغ من العمر 3 سنوات في منزل في غزة؛ فذلك لأنَّ أحد أفراد الجيش قرر أنَّ قتلها ليس بالأمر الجلل، وأنَّ ذلك هو الثمن الذي يستحق دفعه من أجل ضرب هدف آخر… هذه ليست صواريخ عشوائية. كل شيء متعمد. ونعرف بالضبط حجم الأضرار الجانبية على كل منزل".
وقد بذلت إدارة بايدن جهوداً كبيرة لإخفاء طبيعة دعمها لجيش الاحتلال الإسرائيلي، كما استخدم البنتاغون في تكتم ما يُسمَى بـ"فريق النمر" لتسهيل تقديم الأسلحة إلى إسرائيل، حسبما أفاد موقع "ذا إنترسبت" سابقاً.
كما رفضت الإدارة الكشف عن طبيعة أنظمة الأسلحة التي توفرها لإسرائيل وبأية كميات، وأصرت على أنَّ السرية ضرورية لأسباب أمنية.