شهدت الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، خطابات منتقدة للعالم الغربي وسياساته القديمة والحالية في القارة الأفريقية، وذلك على لسان زعماء أفارقة رأى بعضهم أن الديمقراطية الغربية "لا تصلح لأفريقيا الناضجة".
حيث قال مامادي دومبويا القائد العسكري لغينيا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس 21 سبتمبر/أيلول 2023، إن النموذج الغربي للديمقراطية لا يصلح لأفريقيا كما هو واضح من موجة الانقلابات الأخيرة.
وانتقد دومبويا رد فعلهم ووصفه بأنه "عنصري ومتعالٍ"، وقال أمام زعماء العالم في نيويورك إن "أفريقيا تعاني من نموذج حكم فُرض عليها.. نموذج جيد وفعال بالنسبة للغرب ولكن من الصعب أن يلائم واقعنا وعاداتنا وبيئتنا".
وتابع: "لقد حان الوقت للكف عن إلقاء المحاضرات علينا والتوقف عن معاملتنا باستعلاء مثل الأطفال"، مضيفاً أن الأفارقة ناضجون بما فيه الكفاية لتصميم نماذجهم الخاصة للحكم.
وأشار دومبويا إلى أنه يتم وضع الدول الأفريقية بشكل غير منصف في صناديق وإجبارها على الانحياز لأطراف بعينها في معركة أيديولوجية من حقبة الحرب الباردة ولا صلة لها بعلاقاتها الحالية.
أضاف أن الأفارقة ليسوا مؤيدين أو مناهضين للأمريكيين أو الصينيين أو الفرنسيين أو الروس أو الأتراك وإنما "ببساطة مؤيدون لأفريقيا".
واستولى دومبويا على السلطة في انقلاب جرى في 2021، وهو واحد من ثمانية انقلابات شهدتها دول بوسط أفريقيا وغربها في السنوات الثلاث الماضية، في حين استولى عسكريون على السلطة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد والغابون.
وقوبلت الانقلابات باستنكار شديد من جانب الأمم المتحدة والقوى الغربية مثل الولايات المتحدة وفرنسا، كما طالبت هذه القوى باستعادة الديمقراطية في أقرب وقت ممكن.
"ثرواتكم جُمعت من دماء الأفارقة"
إلى جانب غينيا، كان الرئيس الغاني، نانا أكوفو آدو، هاجم الغرب خلال كلمته، الأربعاء 20 سبتمبر/أيلول، أمام المتحدة كذلك، وقال إنه حان الوقت للاعتراف بأن الكثير من ثروات أوروبا وأمريكا "جُمعت من دماء الأفارقة".
وأضاف أنه يجب على تلك الدول أن تدفع تعويضات عن تجارة العبيد لمعالجة ما وصفه بـ"الظلم التاريخي"، مشيراً إلى أن "الكثير من ثروات الغرب تم بناؤه من تعب، ودموع، ودماء، ورعب تجارة العبيد عبر المحيط الأطلسي وقرون من الاستغلال والاستعمار".
أضاف أكوفو آدو أن بناء مجتمعات واثقة ومزدهرة في الدول التي تعرضت لنهب مواردها الطبيعية واستغلال شعوبها كسلع "لم يكن أمراً سهلاً".
فيما شدد الرئيس الغاني على أنه لا يسعى لتحميل الآخرين مسؤولية المشكلات الحالية التي تواجه أفريقيا، ولكنه دعا إلى الاعتراف بأن هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة ترتبط بالظلم التاريخي.
فيما يتعلق بموضوع التعويضات، أكد الرئيس أنها ضرورية للإشارة إلى "الشر" الذي ارتكب خلال تجارة العبيد، وعدم تعويض الملايين من الأفارقة الذين تم ترحيلهم من قارتهم واستغلالهم في أمريكا الشمالية والجنوبية دون تعويض عن عملهم.
وختم الرئيس أكوفو آدو خطابه بالدعوة إلى استعادة تدفق الأموال غير الشرعية من أفريقيا، وعبّر عن أمله في تحقيق تحول إيجابي من خلال إجراء التغييرات اللازمة في هياكل الأمم المتحدة لبناء الثقة وتعزيز التضامن العالمي.
كبح استغلال موارد أفريقيا
في سياق متصل، حثّ الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الخميس، الأمم المتحدة على أن تصبح أكثر فاعلية في معالجة قضايا الفقر والأمن في بلاده وأن تساعد في مكافحة استخراج الموارد بشكل غير قانوني.
وأضاف المتحدث باسم الرئيس النيجيري في بيان أن تينوبو أثار هذه القضايا عندما التقى بالأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش الأربعاء (20 سبتمبر/أيلول) على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال الرئيس النيجيري إن "الجهات الخبيثة التي تشارك في أنشطة غير مشروعة، مثل تهريب الموارد والأسلحة، تستغل الثروة المعدنية الهائلة في أفريقيا وتقوض استقرارها".
كما نقل البيان عن تينوبو قوله: "إننا نواجه التحدي الكبير المتمثل في تخريب جامعي القمامة لأراضينا وقمع شعبنا في المناجم غير القانونية، وأخذ ثرواتنا الذهبية والمعدنية إلى الاقتصادات المتقدمة عن طريق التخفي والعنف".
أضاف "سنكون الآن عدوانيين وسنشكك في الدوافع. وسنوقف ما يحدث"، داعياً إلى "تعاون فعال" مع الأمم المتحدة، كما دعا الرئيس النيجيري الأمم المتحدة إلى التطور من منصة للنقاش العالمي إلى مركز تنسيق استباقي.
وذكر البيان أن غوتيريش رد بالإقرار بالحاجة إلى إصلاح شامل داخل الأمم المتحدة لمعالجة نقاط الضعف المؤسسية وتحسين سلطة صنع القرار للدول النامية.