قالت صحيفة The Financial Times البريطانية، إن مسؤولي الأمن القومي الأمريكيين يدققون في استحواذ منتظَر لصندوق ثروة سيادي مملوك لأبوظبي على مجموعة فورتريس للاستثمار، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، وسط مخاوف في واشنطن من العلاقات التي تربط الإمارات بالصين، وذلك حسبما علمت الصحيفة من أشخاص مطلعين على الموقف.
وأوضحت الصحيفة أن المراجعة التي تجريها لجنة الاستثمارات الأجنبية داخل الولايات المتحدة (CFIUS)، وهي هيئة حكومية دولية تجري تدقيقات حول ما إذا كانت الصفقات التجارية قد تضر الأمن القومي؛ لا تزال في مراحلها الأولية، ولا يُتوقع أن يُتخذ قرار قبل عدة أشهر، وذلك وفقاً للأشخاص المطلعين.
ووافقت شركة "مبادلة" للاستثمار الإماراتية على شراء حصة الأغلبية في مجموعة فورتريس، التي تدير حوالي 46 مليار دولار في صورة أصول والتي تتخصص في الاستثمار في الديون المتعثرة، من مجموعة سوفت بنك اليابانية، وذلك في شهر مايو/أيار الماضي.
وقالت الشركة الإماراتية، التي يديرها الرئيس التنفيذي خلدون المبارك، إنها تنوي إتمام الصفقة في الربع الأول من عام 2024، بشرط الحصول على الموافقات التنظيمية، في حين رفضت الشركة ومجموعة فورتريس التعليق، بحسب صحيفة "فايننشيال تايمز".
بدورها، قالت وزارة الخزانة الأمريكية التي تشرف على عملية لجنة الاستثمارات الأجنبية داخل الولايات المتحدة، إنها لا تعلق على العمليات التي "ربما تكون تراجعها أو لا تراجعها"، لكنها أضافت أنها كانت "ملتزمة باتخاذ كافة الإجراءات الضرورية في نطاق سلطتها لحماية الأمن القومي الأمريكي".
تدقيق في الاستثمارات المرتبطة بالصين
يأتي تحرك لجنة الاستثمارات الأجنبية داخل الولايات المتحدة (CFIUS) بينما تكثف إدارة بايدن من التدقيق في الاستثمارات المرتبطة بالصين، وتستعد للكشف عن أمر تنفيذي سوف يطلب من الشركات الأمريكية التي تستثمر في قطاعات حساسة محددة -بما في ذلك أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية- إبلاغ الحكومة الفيدرالية بعملياتها. كذلك ستحظر الاستثمار في مجالات محددة.
يشار إلى أن شركة "مبادلة" الإماراتية استحوذت على حوالي 10% من مجموعة فورتريس في 2019 وحصلت على ترخيص من لجنة الاستثمارات الأجنبية داخل الولايات المتحدة من أجل هذه العملية، وذلك حسبما قال أشخاص مطلعون على المراجعة.
لكن ثمة مراجعة جديدة مطلوبة من أجل خطتها الجديدة لشراء 60% أخرى من مجموعة فورتريس، وفقاً للأشخاص المطلعين.
في إطار الاتفاق، سوف يمتلك القائمون على المجموعة نسبة الـ30% المتبقية، مع امتلاكهم فئة خاصة من الأسهم ستسمح لهم بتعيين غالبية أفراد مجلس الإدارة.
عودة الساعة إلى الوراء
من جانبه، أبلغ خبير في لجنة الاستثمارات الأجنبية (CFIUS) بأن هناك على الأرجح سببين وراء تدقيق الهيئة الحكومية الدولية في الاستحواذ المخطط له على مجموعة فورتريس، بما في ذلك المخاوف المتنامية لدى واشنطن بشأن العلاقات الناشئة بين أبوظبي والصين، وفق الصحيفة ذاتها.
وقال الخبير: "ما نشهده أيضاً هو عودة الساعة إلى الوراء، حيث كانت صناديق الثروة السيادية تخضع لتدقيق متزايد"، وذلك في إشارة إلى الفترة التالية للتحقيق الذي أجرته اللجنة حول صفقة شركة موانئ دبي العالمية (التي تعرف الآن بشركة دي بي وورلد) لشراء شركة بي آند أو البريطانية لإدارة الموانئ.
حيث وافقت لجنة الاستثمارات الأجنبية (CFIUS) على الصفقة في 2006، ولكن بعد حالة غضب من الساسة الأمريكيين، ومن بينهم هيلاري كلينتون التي كانت عضواً في مجلس الشيوخ آنذاك، ألزمت الإمارات شركة موانئ دبي العالمية بالتنازل عن السيطرة على خمس محطات موانئ في الولايات المتحدة، كانت قد استحوذت عليها في إطار عملية شراء شركة بي آند أو.
لم تكن مخاوف الولايات المتحدة حينها متعلقة بالصين، بل بتعرض موانئها لهجمات إرهابية. وزعم المشرعون الأمريكيون أن دبي كانت نقطة انتقال للمكونات المرتبطة بالاستخدامات النووية إلى كلٍّ من إيران وليبيا وكوريا الشمالية.
وفي الوقت الراهن، ينتاب القلق إدارة بايدن من الإشارات بأن الصين كانت تبني منشأة عسكرية في ميناء خليفة، في إطار جهود لاستعراض القوة العسكرية.