توصل باحثون إلى أنَّ الولايات المتحدة شهدت أسوأ تلوث جوي ناتج عن دخان حرائق الغابات السام في تاريخها الحديث المُوثَّق، الأربعاء 7 يونيو/حزيران 2023؛ حيث تعرَّض الناس في نيويورك لمستويات تلوث أعلى بخمس مرات مما تحدده معايير جودة الهواء الوطنية، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
ووجد التحليل السريع للحدث النادر، الذي شاركه الباحثون مع صحيفة "الغارديان"، أنَّ الدخان المتصاعد جنوباً من حرائق الغابات في كندا تسبب في معاناة الأمريكيين من أسوأ يوم مُسجَّل من التعرض لمثل هذا التلوث منذ بدأت مجموعة البيانات الخاصة بالظروف البيئية المرتبطة بالدخان في عام 2006.
بدوره، قال مارشال بيرك، عالم البيئة في جامعة ستانفورد الذي قاد العمل: "كان أسوأ يوم على الإطلاق. وفي الواقع، كان من الصعب تصديق النتائج، واضُطررنا للتحقق منها أربع مرات لنرى ما إذا كانت صحيحة. لم نشهد مثل هذه الأحداث، أو حتى مستوى قريباً منها، على الساحل الشرقي من قبل. هذا حدث تاريخي".
"قد يتسبب بوفاة البعض"
وقدَّر باحثو جامعة ستانفورد أنَّ المواطن الأمريكي العادي تعرض، يوم الأربعاء 7 يونيو/حزيران، لـ 27.5 ميكروغرام لكل متر مكعب من الجسيمات الصغيرة المحمولة داخل أعمدة الدخان.
هذه البقع الصغيرة من السخام والغبار وغيرها من الحطام المحترق، والمعروفة باسم PM2.5، تُدفَن في أعماق الرئتين عند استنشاقها وترتبط بمجموعة متنوعة من الظروف الصحية ويمكن أن تسبب الوفاة.
This is how the George Washington Bridge (connecting New Jersey and New York City) looks like due wildfires across neighboring #Canada. pic.twitter.com/SRfP62W4pC
— Politics Today (@mypoliticstoday) June 7, 2023
كما أن هذا المستوى المرتفع للتلوث يتجاوز بكثير الحدث الأكبر التالي من هذا القبيل، الذي وقع في سبتمبر/أيلول 2020 على الساحل الغربي للولايات المتحدة بعد عام قياسي من الحرائق في الولايات الغربية، وكان أكثر حدة بالنسبة لأولئك الموجودين مباشرة في مسار الدخان، في معظم شمال شرق الولايات المتحدة.
وأوضح بيرك: "كانت مستويات الأمس خطيرة للغاية، لا سيما إذا كنت ضمن المجموعة المعرضة للخطر"، مضيفاً أنَّ هذه المجموعة تشمل قطاعات شاسعة من الناس مثل كبار السن والأطفال والنساء الحوامل وأولئك الذين يعانون من حالات طبية سابقة.
أضاف: "أتوقع أننا سنشهد زيادة طفيفة في دخول المستشفيات بسبب المشكلات التنفسية، والولادات المبكرة، وللأسف الوفيات".
تلوّث "مباغت"
وأشار بيرك إلى أنَّ العديد من سكان نيويورك ظلوا في منازلهم بدلاً من مواجهة رائحة النيران العالقة في الشوارع التي خيّم عليها الدخان، لكن حتى هذا لم يحمِ معظم الناس بالكامل، فقد أظهرت أجهزة مراقبة جودة الهواء الداخلي في مانهاتن أنَّ الناس تعرضوا لأكثر من 100 ميكروغرام من هذه الجسيمات.
وتابع: "كانت جودة الهواء في الأماكن المغلقة سيئة. وحتى البقاء في المنزل لا يوفر الحماية الكاملة. ولم يكن الساحل الشرقي، لحسن الحظ، مضطراً للتعامل مع أحداث تؤثر في جودة الهواء مثل هذه من قبل؛ لذلك لم يكن الكثير من الناس مستعدين".
وينظر بحث ستانفورد في مستويات دخان حرائق الغابات ويقيس متوسط التعرض لها لدى جميع الأمريكيين، وقد فعل ذلك منذ عام 2006.
مستويات "مجنونة" لتلوث الهواء
ومع ذلك، قال بيرك إنَّ النمو السكاني وزيادة شدة حرائق الغابات بسبب أزمة المناخ يعنيان أنه من غير المحتمل أنَّ عدد الأشخاص الذين تعرضوا سابقاً لدخان حرائق الغابات السام أكثر من الذين تعرضوا له يوم الأربعاء 7 يونيو/حزيران.
في السياق ذاته، أوصت فرانشيسكا دومينيتشي، الخبيرة في تلوث الهواء والمناخ في جامعة هارفارد، بأن يمتنع الناس عن ممارسة الرياضة في الهواء الطلق لتجنب "المستويات المجنونة" لتلوث الهواء، لكنها لا تزال تتوقع ارتفاعاً في حالات الدخول إلى المستشفيات بسبب مشكلات القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي الناجمة عن الدخان.
وأضافت: "هذا يوضح أنَّ تغير المناخ لا يؤثر فقط في الأنهار الجليدية والدببة القطبية، بل يؤثر فينا أيضاً لدرجة أننا لا نستطيع تنفس الهواء النظيف بعد الآن".