أثار منطاد التجسس الصيني، الذي يطفو فوق الولايات المتحدة، قلقاً عميقاً في مبنى الكابيتول هيل، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه جاء في أعقاب تقرير سري إلى الكونغرس حدد حوادث الأعداء الأمريكيين الذين يُحتمل أن يستخدموا تكنولوجيا جوية متقدمة للتجسس على البلاد.
ناقش التقرير السري المقدم إلى الكونغرس حادثتين على الأقل لقوة منافسة تقوم بمراقبة جوية باستخدام تقنية متطورة غير معروفة، على ما يبدو، وفقاً لمسؤولين أمريكيين. وفي حين أن التقرير لم ينسب الحوادث إلى أي دولة، قال مسؤولان أمريكيان مطلعان على البحث إن المراقبة ربما أجرتها الصين، وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة New York Times الأمريكية، السبت، 4 فبراير/شباط 2023.
تقرير أمريكي يرصد عمليات مراقبة
ركز التقرير المتعلق بما تسميه أجهزة الاستخبارات بظاهرة جوية مجهولة على عدة حوادث يُعتَقَد أنها عمليات مراقبة. وتضمنت بعض هذه الحوادث مناطيد، في حين أن البعض الآخر شمل طائرات مسيَّرة رباعية المراوح.
من جهتها، قالت الحكومة الصينية، الجمعة، 3 فبراير/شباط، إن المنطاد الصيني الذي اكتُشِفَ فوق الولايات المتحدة كان أساساً لأبحاث الطقس. ومع ذلك، قال المسؤولون الأمريكيون إنهم قيّموا الجهاز على أنه جهاز تجميع، وليس جهازاً يمكنه جمع نوع المعلومات الحساسة التي تجمعها أقمار الاستطلاع الصينية المتقدمة بالفعل.
تستخدم العديد من البلدان تقنية التجسس الجوي لجمع البيانات عن الدول المتنافسة، وكذلك الحلفاء والشركاء، ولإلقاء نظرة على الأجزاء النائية من العالم. لكن هذه الممارسة يمكن أن تؤدي إلى أزمات دبلوماسية وتوترات عسكرية أكبر عندما تخرج عن مسارها.
من جانبه، ألغى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الجمعة، رحلة إلى بكين، والتي كانت أول زيارة يقوم بها كبير الدبلوماسيين الأمريكيين هناك منذ أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد أن بدأت وكالات الأنباء الأمريكية في الإبلاغ عن منطاد التجسس الصيني يوم الخميس، عندما كان المنطاد يحلق فوق مونتانا.
أزمة دبلوماسية بين الصين وأمريكا
اما في العام 2001، اصطدمت طائرة استخبارات تابعة للبحرية الأمريكية بطائرة اعتراضية صينية بالقرب من جزيرة هاينان الصينية، وخلَّف الحادث طياراً صينياً يُفترض أنه مات، وأدى إلى أزمة دبلوماسية بين قادة البلدين.
من جهتها، تنفق الصين حوالي 209 مليارات دولار، أو 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي، على جيشها بشكل عام، وفقاً لتقرير البنتاغون. لكن صانعي السياسة في واشنطن قلقون بشكل خاص بشأن استثماراتها في التقنيات التي يمكن أن تكون لها تطبيقات عسكرية أو استخباراتية.
في حين يعتقد مسؤولو الدفاع الأمريكيون أن الصين تقوم بمراقبة مناطق التدريب العسكري والتدريبات كجزء من محاولة لفهم أفضل لكيفية تدريب أمريكا طياريها والقيام بعمليات عسكرية معقدة. وقال مسؤولون إن المواقع التي حدثت فيها عمليات مراقبة غير عادية تشمل قاعدة عسكرية في الولايات المتحدة وقاعدة في الخارج.
عمليات مراقبة أجنبية تخص الصين
من ناحية أخرى، قال مسؤول أمريكي إن التقرير السري ذكر أن محطة فالون الجوية البحرية في نيفادا ومحطة سلاح مشاة البحرية الجوية إيواكوني في اليابان كموقعين يُعتَقَد أنهما حدثت فيهما عمليات مراقبة أجنبية، لكنه لم يذكر صراحة أن الصين كانت وراء هذه الإجراءات.
منذ العام 2021، فحص البنتاغون 366 حادثة لم تُفسَّر في البداية، وقال إن 163 منها كانت مناطيد تجسس. وقال مسؤول أمريكي إن حفنة من تلك الحوادث تضمنت مناطيد مراقبة متقدمة، لكن لم يكن أي منها يجري عمليات استطلاع مستمرة للقواعد العسكرية الأمريكية (ومع ذلك، فإن مناطيد التجسس التي تحددها الحكومة الأمريكية على الفور لم تُضمَّن في تتبع الظاهرة الجوية المجهولة، وفقاً لمسؤولين أمريكيين).
نظراً لأن مناطيد التجسس هي أجهزة تجميع أساسية نسبياً، وأن المناطيد الأخرى لم تحلق طويلاً فوق الأراضي الأمريكية، فإنها لم تولّد في السابق الكثير من القلق مع البنتاغون أو وكالات الاستخبارات، وفقاً لمسؤولين.
مراقبة أكثر إثارة للقلق
كما أنه من المحتمَل أن تكون حوادث المراقبة التي تنطوي على تقنية متقدمة، والتي وُصِفَت في التقرير السري أكثر إثارة للقلق، حيث تنطوي على خصائص لا يمكن تفسيرها.
في سياق متصل قال المسؤولون إن هناك حاجة إلى مزيد من التحقيقات، لكن الحوادث قد تشير إلى استخدام تكنولوجيا لم تكن مفهومة بالكامل أو لم تُحدَّد علناً. ومن بين التقارير الـ171 التي لم تُنسب إلى المناطيد أو الطائرات المسيَّرة، "يبدو أن بعضها أظهر خصائص طيران أو قدرات أداء غير عادية، ويتطلب مزيداً من التحليل".
حتى خارج الحوادث المذكورة في التقرير السري، حذّر بعض المسؤولين العسكريين الحاليين والسابقين من الاستهانة بتكنولوجيا المراقبة المتقدمة التي يمكن تضمينها في منطاد التجسس الصيني الذي يسافر حالياً عبر الولايات المتحدة. يقول مسؤولو البنتاغون إن منطقة البطن في المنطاد تضم معدات مراقبة يبلغ طولها حوالي 90 قدماً، أو ما يعادل 3 حافلات مدرسية.