قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية، في تقرير نشرته السبت، 28 يناير/كانون الثاني 2023 إن الملياردير الهندي غوتام أداني اتُّهم يوم الثلاثاء، 23 يناير/كانون الثاني 2023 بالاحتيال والتلاعب بالأسواق في تقرير أعدته شركة هيندينبيرغ ريسيرش، وتسبب في خسارته عشرات المليارات من القيمة السوقية لشركاته.
نتيجة لذلك، فقد تراجعت ثروة أداني، الذي كان حتى وقت قريب يمتلك ثروة تفوق ثروة بيل غيتس ووارين بافيت، بأكثر من 22 مليار دولار يوم الجمعة، 27 يناير/كانون الثاني 2023، وفقاً لمجلة Forbes. وأفادت وكالة Bloomberg News بأن شركات أداني السبع المطروحة للتداول العام، والتي تعمل في قطاعات مختلفة، مثل الطاقة والبنية التحتية، خسرت أكثر من 50 مليار دولار من قيمتها السوقية.
تنفيذ أكبر عملية احتيال
قالت شركة هيندينبيرغ ريسيرش، في دراسة نُشرت بعد تحقيق استمر عامين، إن أداني نفذ أكبر "عملية احتيال في تاريخ الشركات".
في حين وصفت شركة Adani Group، التي يمتلكها الملياردير، اتهامات هيندينبيرغ بأنها "لا أساس لها من الصحة، وفاقدة للمصداقية"، وأشارت إلى أن هذا التقرير كيدي، وظهر في هذا التوقيت لتخريب عملية بيع ثانوية لأسهم إحدى شركات المجموعة.
بداية متواضعة
في سياق متصل، فإن بداية أداني (60 عاماً) كانت متواضعة. فقد وُلد لتاجر منسوجات في ولاية غوجارات الغربية، وعمل في بداية حياته المهنية تاجراً للبلاستيك، وكان يتنقل بدراجة نارية صغيرة.
وتشرف شركات أداني على موانئ بحرية هندية كبرى، وتنتج الأسمنت وتبيع زيت الطهي. واستحوذ أداني مؤخراً على قناة تلفزيون نيودلهي الرائدة، التي تبث برامجها باللغة الإنجليزية، وكانت واحدة من آخر الشبكات التي تعتبر مستقلة صحفياً.
لكن الفحم يظل هو الأساس الذي ترتكز عليه إمبراطوريته، وهو صاحب أكبر شركة خاصة لتطوير محطات توليد الطاقة بالفحم والمناجم في العالم، وفقاً لمنظمة Global Energy Monitor. وذكرت صحيفة The Washington Post في ديسمبر/كانون الأول 2022، أن أكثر من 60% من عائدات شركته القابضة مصدرها أنشطة مرتبطة بالفحم.
فيما تمتد إمبراطوريته في الوقت الحالي إلى قطاعات، مثل الأسلحة والطاقة المتجددة والنقل والبنية التحتية.
في الوقت نفسه، يسير صعود أداني المذهل جنباً إلى جنب مع مسيرة مودي السياسية. إذ التقى الرجلان لأول مرة في التسعينيات في ولاية غوجارات التي ينحدران منها، حين كان أداني رجل أعمال صاعداً، وكان مودي عضواً متميزاً في حزب بهاراتيا جاناتا.
في العقود التي تلت ذلك، حرص أداني على إقامة علاقات مع القادة السياسيين على مستوى الهند، لكن الاثنين ربطتهما علاقة صداقة وطيدة، وفقاً لما قاله مقربون من الرجلين لصحيفة The Washington Post. وقال مستشار سابق لمودي إن مودي أشرف على مشاريع خدمات أساسية، حين تولى قيادة ولاية غوجارات، وأبدى إعجابه بأداني، واصفاً إياه بالمتمكِّن.
تعديلات على القوانين لتسهيل الاتجار في الفحم
من جهتها، ذكرت صحيفة The Washington Post في ديسمبر/كانون الأول 2022، أن الحكومة الهندية أدخلت تعديلات على القوانين 3 مرات على الأقل؛ لتسهيل تجارته في الفحم، وهذا وفّر عليه ما لا يقل عن مليار دولار. وقال منتقدون مثل منظمة Adani Watch غير الربحية ومقرها أستراليا، إن مزاعم هيندينبيرغ، إن ثبتت صحتها، "ما هي إلا مثال آخر لما يحدث عندما تخلق رأسمالية المحسوبية ومحاباة النظام ثقافة الإفلات من العقاب".
قال شخص مقرّب من أداني، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مصرح له بالإدلاء بتصريحات علنية، لصحيفة The Washington Post إن نجاح الملياردير يرجع إلى قدرته على دعم أولويات دلهي الاقتصادية، مثل تطوير الموانئ لنقل الفحم، حين واجهت الهند مشكلات في توفيره، وبناء مصانع الفحم حين احتاجت البلاد إلى الكهرباء.
من جهة أخرى، نشرت هيندينبيرغ تقريراً اتهم مجموعة أداني برفع أسعار أسهم شركاتها رفعاً زائفاً على مدى عدة عقود من خلال شبكة شركات وهمية خارجية مرتبطة بأفراد عائلة أداني. وقال تقرير هيندينبيرغ إن قيمة شركات أداني مجتمعة كانت تزيد على قيمتها الحقيقية في سوق الأسهم الهندية بأكثر من 80%.
حيث وصف المستثمر الملياردير، بيل أكمان، في تغريدة يوم الخميس، تقرير هيندينبيرغ بالـ"موثوق" و"المدروس بعناية". وأوقفت الأسواق الهندية التداول في بعض شركات أداني يوم الجمعة، 27 من هذا الشهر بعد ارتفاع حجم عمليات بيع الأسهم.
الذهاب إلى ساحة القضاء
من جهتها، قالت شركة أداني إنها ستدرس رفع دعوى قضائية على هيندينبيرغ، التي قالت إنها ترحب بذلك، وقال هيميندرا هازاري، محلل الأبحاث المستقل، إن الانخفاض الحاد في أسعار الأسهم يعني أن "الأسواق أخذت محتوى التقرير على محمل الجد".
في الوقت نفسه، قال آندي موخيرجي، المعلق الاقتصادي الهندي الذي يكتب في قسم Bloomberg Opinion، إن هذه المزاعم تثير الشكوك في نزاهة أسواق المال الهندية.
أضاف في رسالة بريد إلكتروني: "هذا يضع هيئات التنظيم الهندية في موقف صعب بخصوص ما يتعين عليها أن تفعله بعد ذلك: فهل ستحاول استعادة ثقة المستثمرين بإجراء تحقيق شامل في مزاعم التلاعب بالسوق، أو ستتجاهل الأمر، هيندينبيرغ وتعتبره مؤامرة من أجانب يشعرون بالغيرة من تطور الهند؟".