توقع محللون أن تقفز العقود الآجلة للقمح حول العالم، الإثنين 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إذ يجعل انسحاب روسيا من اتفاق نقل الحبوب عبر البحر الأسود الصادرات الأوكرانية من الحبوب في خطر.
إذ علّقت موسكو مشاركتها في اتفاق التصدير عبر البحر الأسود، السبت 29 أكتوبر/تشرين الأول 2022، رداً على ما قالت إنه هجوم أوكراني كبير بالطائرات المسيرة على أسطولها في شبه جزيرة القرم التي ضمتها من أوكرانيا.
اتهامات أوكرانية أمريكية لروسيا
في حين قالت كييف، وفق تقرير نشرته رويترز، الأحد 30 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن روسيا تختلق سبباً لخروج أعدت له مسبقاً من الاتفاق، بينما وجهت واشنطن اتهاماً لموسكو باستغلال الغذاء كسلاح.
في حين أن أسواق القمح حساسة للغاية إزاء أي تطورات منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ثمانية أشهر، نظراً لأن البلدين من بين أكبر مصدّري القمح في العالم، كما أن أوكرانيا مورّد رئيسي للذرة.
من جهة أخرى، فقد ساهم إطلاق الممر الآمن، الذي أتاح شحن أكثر من تسعة ملايين طن من الحبوب وسلع البذور الزيتية من الموانئ الأوكرانية، في استقرار أسواق الحبوب وكبح الأسعار حول العالم، بعدما وصلت لمستويات قياسية.
ومن المرجح أن ينتهي هذا الهدوء النسبي عندما يبدأ أسبوع التداول على عقود القمح الآجلة في شيكاغو وباريس، وهما الأوسع نشاطاً في العالم.
قفزات متوقعة في الأسعار
من جانبه، قال آرثر بورتييه من شركة أجريتل الاستشاري: "إعلان روسيا سيكون له بالتأكيد تأثير تصاعدي، ومن المرجح أن تشهد بداية الأسبوع قفزات في الأسعار، وذلك ببساطة لأن كميات أقل من الحبوب ستخرج من أوكرانيا".
في حين ذكر سمسار أوكراني أن شراء الحبوب للشحن من موانئ البحر الأسود في أوكرانيا توقف بعد قرار روسيا.
كما فاقم الجفاف في الأرجنتين والسيول في شرق أستراليا مخاوف الإمدادات، وأثار قلقاً بشأن مواسم الحصاد القادمة في الدول المصدرة للقمح في نصف الكرة الجنوبي.
إضافة إلى ذلك، فإن نشاط الشحن القوي في بداية الموسم من الاتحاد الأوروبي يعني أن الفائض هناك قد تضاءل.
كذلك فقد أشار بورتييه إلى أن "المشكلة هي أن إمدادات القمح تتناقص في الدول المصدرة الرئيسية الأخرى".
تزايد الصادرات الروسية
يقول كارلوس ميرا، رئيس أبحاث أسواق السلع الزراعية في رابوبنك، إن العقود الآجلة للقمح قد تقفز بما يتراوح بين 5و10%، لكن رد الفعل قد يتلاشى؛ لأن انسحاب موسكو من الاتفاق كان متوقعاً إلى حد ما، فضلاً عن نمو الصادرات الروسية.
أوضح: "هناك تزايد في الصادرات من روسيا، لذلك فإن الإتاحة على المدى القصير قد تظل قائمة من البحر الأسود".
كما يترقب المشاركون في السوق إمكانية إنقاذ الاتفاق، مع مواصلة الأمم المتحدة جهود التفاوض.
قال بورتييه: "انتهاء الاتفاق سيؤدي حتماً إلى ارتفاع الأسعار، وهذا يجعل الوضع سيئاً للغاية بالنسبة للمستوردين".
توقف عشرات السفن
من جهتها، قالت وزارة البنية التحتية الأوكرانية، الأحد 30 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن 218 سفينة في المجمل "توقفت فعلياً" بسبب قرار روسيا تعليق مشاركتها في اتفاق تصدير الحبوب، بعد تعليقها من قبل روسيا، السبت، على خلفية هجمات شهدتها مدينة سيفاستوبول جنوبي شبه جزيرة القرم التي تحتلها من أوكرانيا منذ 2014.
الوزارة الأوكرانية أشارت في بيان، عبر تطبيق تلغرام، إلى أنه نظراً لعدم الحصول على تصاريح من مركز التنسيق المشترك للعبور من خلال الممر الآمن فإن "218 سفينة توقفت في مواقعها الحالية"، في حين تحاول تركيا التوسط بين روسيا وأوكرانيا لإحياء الاتفاق من جديد، وفق وزارة الدفاع التركية.
في الوقت ذاته، ذكر البيان أن 95 سفينة محملة كانت قد غادرت الموانئ الأوكرانية تنتظر حالياً التفتيش للإبحار باتجاه المستهلك النهائي، وأن 101 سفينة فارغة تنتظر التفتيش لدخول الموانئ الأوكرانية.
أضاف البيان أن "22 سفينة محملة بالسلع الزراعية تنتظر لمغادرة الموانئ الأوكرانية". كانت أوكرانيا أعلنت أن الاتفاق، الذي أتاح فتح ثلاثة موانئ على البحر الأسود، سمح لها بتصدير نحو تسعة ملايين طن من السلع الزراعية حتى الآن.
وساطة تركية
من جانب آخر، أعلنت وزارة الدفاع التركية، الأحد، أن الوزير خلوصي أكار يبذل "جهوداً" لاستئناف مبادرة شحن الحبوب الأوكرانية بعد تعليقها من قبل روسيا، مضيفة في بيان أن روسيا أعلمت تركيا والأمم المتحدة بأنها أوقفت مؤقتاً عمل آلية شحن الحبوب عبر البحر الأسود، بعد هجمات سيفاستوبول.
مراسم توقيع وثيقة تصدير الحبوب الأوكرانية للعالم/ الأناضول
أضاف البيان أن أكار يواصل مباحثاته مع محاوريه والجهات المعنية لحل المشكلة، واستئناف أنشطة مبادرة الحبوب التي نفّذت بنجاح عبر التنسيق المشترك حتى (الأحد).
وأشار إلى أن أكار "يهيب خلال مباحثاته مع تلك الأطراف بأهمية استمرار مبادرة شحن الحبوب التي أثبتت منحاها الإيجابي على الإنسانية في أنحاء العالم، وإمكانية حل كافة الأزمات عبر الحوار والنوايا الحسنة، ويؤكد ضرورة تجنب أي استفزاز من شأنه أن يؤثر سلباً على استمرار الآلية".
كما أكد البيان أن "الجمهورية التركية ستواصل كما كانت في السابق، القيام بدورها لضمان السلام بالمنطقة وإيصال المساعدات الإنسانية". لافتاً إلى أن الموظفين الروس العاملين في مركز التنسيق المشترك بإسطنبول (تركي روسي أممي) لا يزالون في أماكن عملهم.
في الوقت ذاته، أوضح البيان أنه لن تنطلق سفن جديدة من السواحل الأوكرانية خلال الفترة الراهنة، مع مواصلة تفتيش السفن المحملة بالحبوب المنتظرة على سواحل إسطنبول الأحد والإثنين 30 و31 أكتوبر/تشرين الأول.
يُذكر أن روسيا أعلنت، السبت 29 أكتوبر/تشرين الأول، تعليق مشاركتها في اتفاق الحبوب مع أوكرانيا، على خلفية استهداف أسطولها في البحر الأسود بمدينة سيفاستوبول. ووصف بيان لوزارة الدفاع الهجوم بـ"الإرهابي"، حسبما ذكرت وكالة "تاس" المحلية.
في حين أنه وفي 22 يوليو/تموز 2022، شهدت إسطنبول توقيع "وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية"، بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.
تضمن الاتفاق تأمين صادرات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود (شرق أوروبا) إلى العالم، لمعالجة أزمة نقص الغذاء العالمي التي تهدد بكارثة إنسانية.