رحبت الولايات المتحدة على لسان المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، بمواقف السعودية "الداعمة لأوكرانيا"، الثلاثاء 25 أكتوبر/تشرين الأول 2022، وذلك في نبرة مختلفة عن التهديدات التي أطلقتها واشنطن ضد الرياض على أعقاب إعلان قرار أوبك+ خفض الإنتاج مطلع الشهر الحالي.
بيير أشادت في تصريحات صحفية بتصويت السعودية ضد روسيا في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى تعهدها بتقديم 400 ملايين دولار لدعم عمليات إعادة الإعمار في أوكرانيا والاحتياجات الإنسانية.
بايدن "يتروّى" في الرد على قرار "أوبك+"
وأضافت: "لاحظنا أنه بعد قرار تحالف أوبك+، صوتت السعودية ضد روسيا في الأمم المتحدة، وتعهدت بتقديم 400 ملايين دولار لدعم إعادة إعمار أوكرانيا". مشيرة إلى أن الرئيس جو بايدن وفريق عمله "سيأخذان وقتهما في تقييم العواقب التي يجب أن تواجهها السعودية، رداً على قرار تحالف أوبك+، الذي تقوده السعودية خفض الإنتاج".
في السياق، تطرق متحدث الخارجية الأمريكية نيد برايس، إلى الموقف السعودي الداعم لأوكرانيا، في إفادة صحفية له، في وقت متأخر الثلاثاء. وقال إن تلك "الخطوات الداعمة لأوكرانيا لا تعوض قرار خفض الإنتاج المعلن، لكنها جديرة بالملاحظة".
في الوقت ذاته، أوضح أن الإدارة الأمريكية "ستراقب الوضع لترى ما ستفعله المملكة خلال الأسابيع المقبلة"، مضيفاً أن المشاورات في هذا الشأن "ستظهر في النهاية" في قرار الرئيس بايدن.
"أوبك+" تثير غضب أمريكا
يشار إلى أنه في 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلن تحالف "أوبك+"، عقب اجتماع له، خفض إنتاج النفط الخام بمقدار مليوني برميل يومياً، اعتباراً من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، لفت في مؤتمر صحفي أعقب الاجتماع آنذاك إلى تعديل الإنتاج الإجمالي "في ضوء عدم اليقين الذي يحيط بآفاق الاقتصاد العالمي وسوق النفط، والحاجة إلى تعزيز التوجيه طويل المدى لسوق النفط، وتماشياً مع النهج الناجح المتمثل في الاستباقية".
وأثار القرار غضباً أمريكياً تجلى على لسان البيت الأبيض الذي قال إن بايدن "يشعر أنه ينبغي إعادة تقييم العلاقات مع السعودية"، في حين اعتبرت واشنطن قرار خفض إنتاج النفط "اصطفافاً بجانب روسيا".
في حين علقت الخارجية السعودية على تصريحات واشنطن بأنها لا تقبل أي نوع من الإملاءات، وترفض أية تصرفات تهدف لتحوير الأهداف التي تسعى إليها لحماية الاقتصاد العالمي.
وقالت الخارجية في بيان، الخميس 13 أكتوبر/تشرين الأول: "تود حكومة المملكة العربية السعودية بداية الإعراب عن رفضها التام لهذه التصريحات التي لا تستند إلى الحقائق، وتعتمد في أساسها على محاولة تصوير قرار أوبك بلس خارج إطاره الاقتصادي البحت، وهو قرار اتخذ بالإجماع من كافة دول مجموعة أوبك بلس".
كما أكدت المملكة أن مخرجات اجتماعات أوبك بلس يتم تبنيها من خلال التوافق الجماعي من الدول الأعضاء، ولا تنفرد فيها دولة دون باقي الدول الأعضاء، مضيفة أنه يتم من منظور اقتصادي بحت يراعي توازن العرض والطلب في الأسواق البترولية، ويحد من التقلبات التي لا تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين، على حد سواء.
السعودية "تستغرب" من الاتهامات الأمريكية
والأحد 16 أكتوبر/تشرين الأول، أعرب وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، عن "استغرابه" من الاتهامات الموجهة لبلاده بأن المملكة تقف مع روسيا في حربها على أوكرانيا، في أعقاب قرار "أوبك+" خفض إنتاج النفط.
تصريحات الوزير السعودي وشقيق ولي العهد محمد بن سلمان، جاءت في تغريدة تعليقاً على تغريدة أخرى للرئيس الأوكراني يشكر فيها السعودية على دعمها وحدة أراضي بلاده، لافتاً إلى أن "هذه الاتهامات الزائفة (بأن المملكة تقف مع روسيا) لم تأتِ من الحكومة الأوكرانية".
وتابع في تغريدة أخرى: "على الرغم من أن قرار أوبك+، الذي اتُّخذ بالإجماع، كان لدوافع اقتصادية بحتة، إلا أن البعض اتهم المملكة بوقوفها بجانب روسيا!". ومضى قائلاً: "إيران كذلك عضو في أوبك، فهل يعني هذا أن المملكة وقفت بجانب إيران أيضاً؟".
وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، قال إن الرئيس جو بايدن سيعيد تقييم علاقات بلاده مع السعودية؛ "لوقوفها بجانب روسيا" ضد المصالح الأمريكية، على حد قوله.
وقال سوليفان في تصريح لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن "بايدن لن يتخذ أي قرار بشأن مستقبل العلاقة مع السعودية منفرداً وسيشاور أعضاء الكونغرس من الحزبين للعمل بشكل مشترك"، مضيفاً: "لدينا خيارات عديدة لنهجنا الجديد مع السعودية تشمل المساعدات الأمنية".
السعودية تتعامل بـ"نضج"
من جانب آخر، شدد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، أمس الثلاثاء 25 أكتوبر/تشرين الأول، على أن بلاده تتعامل بـ"نضج" حيال التوتر القائم بين الرياض وواشنطن، وذلك على هامش مشاركته في فعاليات مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في العاصمة الرياض.
وقال رداً على سؤال عن عودة العلاقات بين الرياض وواشنطن إلى مسارها الصحيح: "نحن في المملكة العربية السعودية قررنا أن نكون ناضجين".
وفي السياق، حذر الوزير السعودي من "استخدام الاحتياطيات الاستراتيجية"، تعليقاً على إعلان الرئيس الأمريكي إطلاق 15 مليون برميل من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي، في محاولة لتخفيف حدة ارتفاع أسعار الطاقة، وتصاعد معدلات التضخم.