قالت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، في تقرير نشرته يوم الإثنين 14 مارس/آذار 2022، نقلاً عن متحدث باسم القوات البحرية التايلاندية إن بلاده كانت قد وقعت مع الصين اتفاقاً لبناء غواصة بمحركات ديزل من صناعة شركة "إم تي يو" MTU Friedrichshafen GmbH الألمانية.
لكن ألمانيا تحظر تصدير المحركات إلى الصين، في امتثال صارم لحظر الأسلحة الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على الصين عام 1989، بعد أن استخدمت السلطات الصينية القوةَ المميتة ضد المتظاهرين بميدان تيانانمين في بكين وهو ما يعيق معه تنفيذ الصين بنود الصفقة المطلوبة لتايلاند بالكامل، حيث باتت الغواصة بلا محركات.
غواصة صينية لتايلاند
الغواصة المخصصة لتايلاند تُسمى "إس 26 تي" S26T، وهي من فئة مخصصة للتصدير من غواصات البحرية الصينية طراز "يوان"، التي خلفت غواصات "سونغ" Song الصينية الشهيرة.
من جانبها تقول صحيفة WSJ الأمريكية إن الوضع الحالي أحرج الصين، خصوصاً أن الصفقة البالغة قيمتها 410 ملايين دولار، واحدةٌ من صفقتين تراهما الصين علامةً فارقة في طموحاتها إلى تعزيز الصادرات العسكرية، ورمزاً لتقوية العلاقات بين بكين وتايلاند، حليفة الولايات المتحدة.
أما الصفقة الصينية الأخرى، فهي صفقة مع باكستان لبيعها ثماني غواصات بمبلغ يصل إلى مليارات الدولارات، وقد رفضت باكستان الكشف عما إذا كانت الغواصات في صفقتها تحتاج إلى محركات ألمانية أم لا. ولم ترد ألمانيا على طلبات التعليق على الأمر.
رفض تصدير محركات الديزل
من جهة أخرى، قال فيليب دورت، الملحق العسكري الألماني في تايلاند، في شهر فبراير/شباط 2022، في تصريحات لصحيفة Bangkok Post، إن بلاده رفضت تصدير محركات الديزل، لأن الغرض استخدامها في معدات عسكرية صينية أو صناعات عسكرية صينية، وأوضح أن الصين لم تتشاور مع ألمانيا قبل توقيع عقد بيع الغواصة التي يُفترض أن تستخدم محركات من شركة "إم تي يو" الألمانية.
رداً على ذلك، قالت وزارة الخارجية الصينية لصحيفة WSJ، إن الحظر "لطالما كان مخالفاً للوضع الدولي الحالي، وتحسُّن العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، والشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والاتحاد الأوروبي"، وأعرب عن أمله في أن "يتخذ الاتحاد الأوروبي القرارَ الصحيح حيال الأمر في أقرب وقت ممكن".
كانت بعض الحكومات الأوروبية بذلت جهوداً لإلغاء حظر الأسلحة المفروض على الصين في عام 2005، لكن الولايات المتحدة اعترضت على الأمر، قائلةً إن هذه الخطوة ستنال من توازن العلاقات بين الصين وتايوان. لكن واقع الأمر أن الحظر لم يكن حظراً شاملاً قط، فقد أفسحت التفسيرات المتباينة لبنوده من دول الاتحاد الأوروبي مجالاً لاستمرار بعض الصادرات، وسمحت بعض الدول، على سبيل المثال، بتصدير المعدات التي لها استخدامات مدنية وعسكرية.
في سياق متصل قال سيمون وايزمان، الباحث البارز في برنامج نقل الأسلحة التابع لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إن محركات الديزل الألمانية الصنع ظلت بالفعل لبعض الوقت تندرج ضمن فئة المعدات ذات الاستخدام المدني والعسكري. وتشير تقديرات المعهد إلى أن ألمانيا نقلت 56 محرك ديزل من صناعة "إم تي يو" الألمانية إلى الصين منذ عام 1989، للاستخدام في غواصات هجومية من فئة "سونغ"، علاوة على 26 محركاً آخر على الأقل استُخدمت في تشغيل مدمرات صينية.
تزويد غواصات الصين بمحركات
لكن الأمور تغيرت لسببٍ ما، وقالت شركة "إم تي يو" في عام 2021، إنها بالفعل كانت قد باعت سابقاً محركات إلى الصين للاستخدام في غواصات "سونغ"، وإن السلطات الألمانية وافقت على هذه المبيعات قبل إبرامها. وأوضحت الشركة أخيراً في بيان، اطلعت عليه صحيفة WSJ، أن تلك اللوائح تغيرت، و"قد توقفنا أخيراً عن تزويد الغواصات الصينية بمحركات".
في المقابل لم ترد شركة "إم تي يو" على طلبٍ للتعليق على وقت حدوث هذا التغير في اللوائح التنظيمية، ورفضت التعليق على قضية الغواصة التايلاندية. كما لم ترد وزارة الخارجية الألمانية على طلب للتعليق.
من جانب آخر، قال الأدميرال بوككرونغ مونتاتفالين، نائب المتحدث باسم البحرية التايلاندية، إنه لما كانت الصين لا تستطيع الوفاء بمتطلبات تايلاند المتعلقة بالمحركات، فإن شروط الصفقة يجب أن تخضع للتعديل بما لا يضر بالبحرية التايلاندية. وأشار إلى أن الجانبين يجريان محادثات وأن الصين عرضت محركات أخرى، لكن الطرفين لم يتفقا، ومن ثم فإن تسليم الغواصة قد يتأخر.