قالت صحيفة The Independent البريطانية في تقرير نشرته يوم الأحد 6 مارس/آذار 2022 إن الأوكرانيين البارعين في التكنولوجيا، يتعاونون على مواقع الإنترنت والتطبيقات المختلفة من أجل مساعدة الفارِّين من الغزو الروسي على الحصول على وسيلة نقل من أماكن الخطر وإيجاد ملجأ في مختلف أنحاء البلاد.
إذ تُسخِّر مجموعة من المتطوعين، بينهم مبرمجون وسياسيون، شبكة الإنترنت لدعم المدنيين الذين يعانون، فيما تدخل حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يومها العاشر، سواء كان ذلك بإنشاء مواقع من الصفر أو تعديل الغرض من بعض التطبيقات أو العمل مع شركات النقل التشاركي.
إنشاء تطبيق لدعم اللاجئين
حيث استفادوا من خبرة الشباب في أوكرانيا، التي لطالما كانت واحدة من أهم مراكز التكنولوجيا في أوروبا وموطناً لواحدة من أكبر صناعات التعهيد (الإسناد لمصادر خارجية) في مجال تكنولوجيا المعلومات في القارة.
من جانبه قال ستانيسلاف خيلوبوتشينكو، وهو مدير مركز اتصالات أوكراني، إنَّه وأصدقاءه أنشأوا موقعاً يُسمَّى Prykhystok "يشبه تطبيقيّ Airbnb أو Couchsurfing للاجئين".
أضاف صاحب الـ33 ربيعاً لصحيفة The Independent البريطانية: "حين اندلعت الحرب، شكَّلتُ فريقاً من 50 من موظفي خدمة العملاء لدينا ممَّن وافقوا على العمل معنا. كنا في البداية ننسق أماكن ليبقى فيها الناس على طول مسار خروج اللاجئين من أوكرانيا. لكنَّ مركز اتصالاتنا الآن ينسق معلومات مثل أماكن الحصول على الطعام في مدينة خاركيف، وكيفية شراء البنزين في الجنوب، وأي الطرق يمكن سلوكها من مدينة كييف إلى مدينة لفيف".

تنسيق حركة المحتجين في أوكرانيا
كذلك فقد تبنَّى مبرمجون آخرون تطبيقات إنترنت أقدم مثل OPIR.org، الذي أُنشئ خلال انتفاضة عام 2014 المؤيدة للاتحاد الأوروبي في أوكرانيا من أجل تنسيق حركة المحتجين، لكنَّه الآن يقدم خرائط تفصيلية لملاجئ القنابل المحلية والصيدليات والمستشفيات.
في السياق ذاته فقد التقت صحيفة The Independent في مخيم مؤقت للنازحين أُقِيمَ في كنيسة إنجيلية بمدينة خميلنيتسكي، والتي تمثل مفترق طرق في الغرب على مسار اللاجئين، عائلات فرَّت من بعضٍ من أكثر المناطق تعرُّضاً للاستهداف في البلاد واستخدمت موقع Prykhystok لإيجاد ملجأ.
قالت تاتيانا (39 عاماً)، والتي قضت الليلة مع زوجها أندريه وطفليها على الأرض في القاعة الرئيسية بالكنيسة: "بحثنا على الإنترنت عن مكان ما نذهب إليه حين نزحنا من كييف تحت القصف. وقد عثرنا على الموقع والآن نحن هنا".
في حين يعتمد المدنيون إلى حدٍّ كبير على أنفسهم من أجل الوصول إلى بر الأمان في هذا الكابوس، وبالتالي تثبت شبكة المصادر والأدوات على شبكة الإنترنت أنَّها لا تُقدَّر بثمن.
المبرمجان أندريه تاغانسكي (38 عاماً) ويوجين غوساروف (29 عاماً)، عملا في بادئ الأمر على منصة Prykhystok وتوجها لاحقاً للشراكة مع تطبيقيّ النقل التشاركي وسيارات الأجرة BlaBlaCar وUklon –المنافس الأوكراني لتطبيق Uber- من أجل تنظيم عملية تشارك الانتقال في السيارات والرحلات للمدنيين الفارِّين من بعض أسوأ مناطق الصراع.
إذ يعلم الاثنان ما يعنيه أن تكون لاجئاً، ليس مرة واحدة فقط بل مرتين، بعدما فرَّا من دونيتسك إلى كييف عام 2014، ثُمَّ غادرا العاصمة قبل أيام إلى لفيف.

فيما يوجد والدا تاغانسكي محاصرين في مدينة إربين، على ضواحي كييف، وهي مدينة تتعرَّض لواحدة من أعنف عمليات القصف وهما يدركان احتياجات أولئك النازحين.
إلغاء رسوم العمولة على الهاربين من الحرب
أوضح تاغانسكي قائلاً: "أقنعنا منصة BlaBlaCar بإلغاء رسوم العمولة وجعلناها تبعث برسائل نصية لـ17 ألف سائق في مختلف أنحاء أوكرانيا تدعوهم للمساعدة في نقل الناس إلى بر الأمان".
حيث أقنعت المنصة لاحقاً شركات التأمين الأوكرانية بإرسال رسائل نصية لأكثر من 70 ألفاً من أصحاب الحافلات تناشدهم الانضمام إلى مبادرة BlaBlaCar وأضاف: "نقلت BlaBlaCar في الأيام الثلاثة الأولى فقط أكثر من 50 ألف شخص إلى غرب أوكرانيا حيث الأمان".
في سياق متصل سوف يطلقان خدمة Ukraine Now، وهي خدمة لتوفير الملاجئ عبر الإنترنت ستعمل على جمع المعلومات عن الملاجئ الكبيرة والصغيرة، كي يمكث بها الأفراد في طريقهم للخروج من البلاد.

موجة كبيرة من المهاجرين
من جانبها، تقول النائبة بالبرلمان الأوكراني هالينا يانتشينكو، والتي كان موقع Prykhystok من بنات أفكارها، إنَّ الموقع توسَّع الآن إلى خارج أوكرانيا، إذ بدأ أيضاً الناس في الدول المجاورة والقريبة في فتح منازلهم وكنائسهم ومراكزهم المجتمعية للأوكرانيين في ظل تزايد عدد اللاجئين يومياً.
أضافت لصحيفة The Independent عبر الهاتف من كييف: "نتوقع أن تكون هناك موجة كبيرة أخرى من اللاجئين مع اشتداد القتال، لذا نوسِّع مبادرتنا".
كما قالت إنَّه في حين تساعد التطبيقات والمواقع والمجموعات على منصات التواصل الاجتماعي الأوكرانيين بصفة يومية، تحتاج البلاد إلى تدخُّل العالم الخارجي، وخصوصاً لأنَّ أزمة اللاجئين ستراكم الضغوط على بلدان أخرى.
في حين أضافت: "هنالك مئات الآلاف من القصص مثل قصتي، أي الانفصال عن أطفالي الذين يحتاجون للنزوح. هذه ليست أزمة إنسانية ضخمة لأوكرانيا فقط، بل أيضاً لأوروبا".