أطلقت الولايات المتحدة رحلاتٍ جوية طارئة للأفغان الذين عملوا مع قواتها المسلحة ودبلوماسييها بهدف إجلاء المئات ممن لا يزالون بانتظار تأشيراتهم إلى أمريكا على متن رحلات عسكرية، من أجل إنقاذهم من الخطر الذي قد يتعرضون له، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، السبت 31 يوليو/تموز 2021.
حيث أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمعة 30 يوليو/تموز، وصول أول رحلة جوية تقل مترجمين أفغاناً؛ وذلك في مستهل عملية لإجلاء وإعادة توطين الآلاف من المتعاونين مع القوات الأمريكية.
بايدن قال، في بيان نشره البيت الأبيض، إن "واشنطن تواصل الوفاء بوعدها لآلاف الأفغان الذين عملوا جنباً إلى جنب مع القوات والدبلوماسيين الأمريكيين، على مدار العشرين عاماً الماضية".
فيما أقلت المجموعة الأولى من المهاجرين الأفغان أكثر من مئتي شخص، معظمهم مترجمون وعائلاتهم، وستتم إعادة توطينهم في البلاد.
وأكد الرئيس الأمريكي أنه "يريد تكريم المحاربين القدامى والدبلوماسيين وغيرهم في الولايات المتحدة الذين دافعوا عن الأفغان"، مضيفاً: "أود أن أشكر هؤلاء الأفغان الشجعان لوقوفهم إلى جانب الولايات المتحدة، واليوم، أنا فخور بأن أقول لهم (أهلا بكم في وطنكم)".
يشار إلى أن المؤهلين للسفر هم فقط من وصلوا إلى المراحل النهائية من العملية الطويلة والبطيئة والبيروقراطية للتأشيرة، لكن إحضار المتقدمين إلى القارة الأمريكية في أعداد كبيرة لا يزال أمراً غير مسبوق في السنوات الأخيرة، وفقاً لتصريح مسؤولين عاملين في البرنامج.
ضغط سياسي متزايد
هذا الأمر يعكس الضغط السياسي المتزايد الذي تعيشه الولايات المتحدة بشأن مصير الأفغان الذين دعموا مهمة الناتو في أفغانستان وباتوا معرضين الآن لـ"الانتقام" في ظل تدهور الوضع الأمني مع اتساع نطاق سيطرة حركة طالبان على الأراضي الأفغانية.
بينما ينتظر مئات الآلاف من الأفغان الذين تربطهم صلات بالولايات المتحدة الرد على طلبات التأشيرة، ومن بينهم أكثر من 18 ألف شخص عملوا مع الجيش أو السفارة، وما يزيد عن 5 آلاف من أفراد الأسرة مؤهلون للسفر معهم، خاصة أن البعض ظل طي النسيان لسنوات.
يأتي ذلك في الوقت الذي ذكرت فيه شبكة CNN الأمريكية الأسبوع الماضي أن مقاتلي طالبان قطعوا رأس مترجم سابق للقوات الأمريكية عند نقطة تفتيش عسكرية. بينما يقول آخرون ممن لا يزالون في البلاد إنهم يواجهون تهديدات بالقتل بشكل منتظم ويخشون المطاردة.
أول طائرة إجلاء إلى أمريكا
من جهته، أوضح جيه سي هندركسون، كبير مديري السياسات والمناصرة في لجنة الإنقاذ الدولية التي تدعم الوافدين الجدد، أن أول طائرة إجلاء إلى أمريكا هبطت يوم الخميس 29 يوليو/تموز تحمل على متنها حوالي 200 راكب من كابول، لافتاً إلى سرعة إنهاء الإجراءات الخاصة بسفرهم، وقد هرع الموظفون إلى ولاية فيرجينيا للاستعداد لهذا الأمر.
في حين ساعدت لجنة الإنقاذ ما يزيد عن 16 ألف أفغاني على الاستقرار في الولايات المتحدة بعد الحصول على تأشيرات مهاجرين خاصين، لكنها المرة الأولى التي يشاركون فيها في عملية التأشيرة. ويتوقعون وصول ما يصل إلى 3 آلاف شخص على متن رحلات جوية خاصة.
أضاف هندركسون: "لم أسمع بشيء مثل هذا بالتأكيد في العقد أو العقدين الماضيين.. على أراضي الولايات المتحدة الأمريكية. إنها خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح، وهي دعم أشخاص باتت حياتهم معرضة للخطر بسبب علاقتهم بالولايات المتحدة".
كما دعا هندركسون الحكومة الأمريكية إلى المضي قدماً في دعم الأفغان المعرضين للخطر، بما في ذلك إنجاز طلبات التأشيرة المتراكمة وإنشاء برنامج منفصل لتأشيرات الأفغان ذوي العلاقات الأمريكية التي قد تجعلهم محل استهداف من طالبان ولا يزالون غير مؤهلين للحصول على تأشيرة مهاجرين خاصين.
كان الكونغرس الأمريكي قد صادق بالإجماع، الخميس، على تشريع طارئ لتشديد الإجراءات الأمنية لحماية مبنى الكابيتول، وزيادة عدد تأشيرات الدخول للأجانب الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية في أفغانستان.
كما أقر مجلس النواب هذا التشريع بـ416 صوتاً مقابل 11.
من المتوقع أن يوقع الرئيس جو بايدن على التشريع الذي ينص على تخصيص 2.1 مليار دولار لدفع رواتب عناصر الشرطة الذين يضمنون حماية مبنى الكابيتول، وتمويل الإجراءات الخاصة بمنح مزيد من التأشيرات للأجانب، معظمهم من الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية في أفغانستان.
أوزبكستان وكازاخستان وطاجيكستان
في سياق متصل، قال سراج الدين مهر الدين، وزير خارجية طاجيكستان، يوم الثلاثاء 27 يوليو/تموز المنصرم، إن بلاده لا تعتزم أن تستضيف بشكل مؤقت آلاف الأفغان الذين ينتظرون الحصول على تأشيرات هجرة للولايات المتحدة.
كانت واشنطن قد طلبت من أوزبكستان وكازاخستان وطاجيكستان استقبال نحو تسعة آلاف أفغاني يواجهون خطر استهداف حركة طالبان.
كما أكدت أوزبكستان، التي تربطها حدود مشتركة مع أفغانستان مثل طاجيكستان، أنها من المستبعد أن تستجيب للمطلب الأمريكي، قائلة إنه لا يوجد سند قانوني لاستضافة جميع الأفغان المعرضين للخطر.
بينما لم تعلق كازاخستان بعد على المطلب الأمريكي.
جدير بالذكر أن الوضع الأمني في أفغانستان تدهور في الأسابيع القليلة الماضية باندلاع القتال في أقاليمها، في حين تستكمل القوات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة انسحابها، وتشن طالبان هجمات كبيرة وتسيطر على مناطق ومعابر حدودية.