صاحب التغريدات الفظة التي أودت به خارج البيت الأبيض.. لماذا يستحق ترامب لقب “شهيد تويتر”؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/11/10 الساعة 13:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/11/10 الساعة 13:13 بتوقيت غرينتش
دونالد ترامب / عربي بوست

طيلة مدة ولايته، مارس الرئيس الأمريكي ترامب سلطاته عبر تويتر بحيث ظن أن تغريداته هي عبارة عن قرارات ملزمة لمن يقرأها في مختلف أنحاء العالم وتمادى في إصدار فرماناته بشكل فظ أحياناً كثيرة، لكن جائحة كورونا راوغته كالثعلب الذي رواغ الغراب فسلبه قطعة الجبنة التي كان يحملها بين منقاريه، وهذا تماماً ما فعلته كورونا مع الرئيس ترامب، إذ إن تغريداته حولها لم يستقبلها المواطن الأمريكي كزقزقة حسون بل أزعحته كأنها نعيق غراب، وهذا الذي أودى به إلى خارج البيت الأبيض ليحوز على لقب شهيد تويتر بامتياز.

أما شعبويته فلم تكن سبباً لسقوطه كما يظن البعض لأن هذه الشعبوية ليست مسألة شخصية بل هي مزاج شريحة واسعة من الأمريكيين عبر عنها ترامب خير تعبير لذلك حصد ملايين الأصوات من أولئك البيض الذين يعتقدون أنهم هم روح أمريكا مذ غادروا الإمبراطورية البريطانية لبناء أرض ميعادهم في القارة الجديدة، وإن من هاجر لمشاركتهم الحلم الأمريكي هو مجرد جسد لذلك يجب إن تسمو الروح على الجسد بشكل دائم، وهذه الشروخات الثقافية التي تنهش المجتمع الأمريكي بدأت تعبر عن نفسها بشكل تصدعات سياسية تنمو حالياً بمتواليات حسابية لكن المؤشرات التاريخية تفيد أنها ستنمو إلى متواليات هندسية في المستقبل لتضع حتى النظام الفيدرالي الأمريكي القائم على كف عفريت.

من هنا نرى أن خليفة ترامب في البيت إضافة إلى اهتمامه بمعالجة تداعيات كورونا تقع على عاتقه مهمة أخرى هي رأب الصدع في المجتمع الأمريكي بتخفيف حدة الاصطفافات وظبطها بحيث لا تنتشر الفوضى، وهي مهمة صعبة إضافة إلى كل ذلك تزامن انتخاب الرئيس جو بايدن مع فقدان أمريكا زمام المبادرة في العالم بعد مقارعة الصين لها من الند إلى الند، إضافة إلى تربع فيروس كورونا على عرش النظام العالمي بشكل استثنائي لذلك ستكون قدرات هذا الرئيس على إطلاق مبادرات وقرارات سياسية حول العالم محدودة خلال السنوات الأولى من عهده، وبما يخص منطقتنا فالبلطجة التي مارسها ترامب حول حماية الأنظمة والدول في المنطقة ستتحول إلى ابتزاز يحقق الأهداف نفسها بعد إعادة شعار حقوق الإنسان إلى قاموس السياسة الخارجية الأمريكية، وسيطرح مشروع الشرق الأوسط الكبير من جديد على الطاولة بعد تقييم المتغيرات التي حصلت بعد مغادرة الإدارة الديمقراطية البيت الأبيض إبان عهد ترامب، لكن هل الرئيس بايدن الذي عمل في ظل الرئيس أوباما تجاوز هذا التقييم الذي حصل عليه سلفه، خصوصاً أنه هو الرئيس الثاني الكاثوليكي بعد الرئيس كنيدي والكل يعلم المصير المشؤوم لذلك الرئيس، وعلاوةً على ذلك فإن اختيار نائبة رئيس من جذور هندية لن ترضي شريحة كبيرة في المجتمع الأمريكي فهل بلغنا عتبة أفول العصر الأمريكي؟ أم أن الغطرسة الأمريكية قادرة على تجديد نفسها؟ هذا ما ننتظر جوابه في السنوات المقبلة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ناصر الحسيني
كاتب صحفي لبناني مقيم في إفريقيا
مواليد 1958 بلبنان، حائز على ماجستير في الهندسة المدنية من جامعة الصداقة في موسكو سنة 1983 ودبلوم دراسات عليا سنة 1990. مهندس استشاري لدى منظمة الأمم المتحدة للتنمية UNDP، عملت في جريدة الديار قبل عام 2000، وكذلك لي كتابات ومساهمات في جريدة النهار وجريدة البلد، مقيم في إفريقيا منذ 2010 بشكل شبه دائم في غينيا الاستوائية وغينيا بيساو.
تحميل المزيد