قالت صحيفة نيويورك تايمز، الأربعاء 14 أكتوبر/تشرين الأول 2020، إن مجموعة من المزارعين المكسيكيين تسلحوا بالعصي والحجارة والدروع محلية الصنع، ونصبوا كميناً لمئات من الجنود الذين يحرسون سداً، واستولوا على أحد أهم المسطحات المائية في المنطقة الحدودية.
قال المزارعون، وفق ما ذكرته الصحيفة الأمريكية، إن الحكومة المكسيكية كانت ترسل المياه -مياههم- إلى تكساس الأمريكية، ولم تترك لهم أي شيء تقريباً لمحاصيلهم المتعطشة. لذلك استولوا على السد ورفضوا السماح بتدفق أي من المياه إلى الولايات المتحدة لأكثر من شهر.
حرب من أجل البقاء: قال فيكتور فيلدرين، المزارع الذي ساعد في قيادة عملية الاستحواذ "هذه حرب من أجل البقاء على قيد الحياة ومواصلة العمل وإطعام عائلتي".
المواجهة هي تتويج للتوترات طويلة الأمد حول المياه بين الولايات المتحدة والمكسيك، والتي تحولت مؤخراً إلى أعمال عنف، ما أدى إلى تأليب المزارعين المكسيكيين ضد رئيسهم والقوة العظمى العالمية المجاورة.
إذ لطالما توترت المفاوضات بشأن تبادل المياه بين البلدين، لكن ارتفاع درجات الحرارة وحالات الجفاف الطويلة جعلت الأنهار المشتركة على طول الحدود أكثر قيمة من أي وقت مضى.
تقول "نيويورك تايمز"، يعتبر الاستيلاء على السد مثالاً صارخاً على مدى استعداد الناس للذهاب للدفاع عن سبل العيش التي يهددها تغير المناخ، ونوع الصراع الذي قد يصبح أكثر شيوعاً مع تزايُد الطقس القاسي.
معاهدة عمرها عقود: على طول المنطقة الحدودية القاحلة، تخضع حقوق المياه لمعاهدة عمرها عقود، تُجبر الولايات المتحدة والمكسيك على تقاسم تدفقات نهري كولورادو وريو غراندي، حيث يرسل كل جانب المياه إلى الآخر. تخلفت المكسيك كثيراً عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الولايات المتحدة، وتواجه الآن موعداً نهائياً لتوصيل المياه هذا الشهر.
لكن هذه السنة كانت واحدةً من أكثر الأعوام جفافاً في العقود الثلاثة الماضية بالنسبة لشيهواهوا، الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال الجزء الأكبر من المياه التي تدين بها المكسيكيين، ما جعل مزارعيها يتمردون ويعبرون عن قلقهم من أن فقدان المزيد من المياه سيحرمهم من فرصة حصاد صحي العام المقبل.
إذ قال كريستوفر سكوت، أستاذ سياسة الموارد المائية في جامعة أريزونا: "هذه التوترات موجودة بالفعل، وقد تفاقمت بسبب تغير المناخ، إنهم يقاتلون من أجل حياتهم، لأنه لا ماء ولا زراعة، لا زراعة ولا مجتمعات ريفية".
"خيانة" الحكومة للمزارعين: منذ فبراير/شباط الماضي، عندما احتلت القوات الفيدرالية السد لأول مرة لضمان استمرار توصيل المياه إلى الولايات المتحدة، قام النشطاء في تشيهواهوا بإحراق المباني الحكومية وتدمير السيارات واحتجاز مجموعة من السياسيين لفترة وجيزة كرهائن. لأسابيع، قاموا بإغلاق خط سكة حديد رئيسي يُستخدم لنقل البضائع الصناعية بين المكسيك والولايات المتحدة.
أثار تمردهم قلق المزارعين والسياسيين في تكساس، حيث ناشد جريج أبوت، الحاكم الجمهوري للولاية، وزير الخارجية مايك بومبيو، الشهر الماضي، بإقناع المكسيك بتسليم المياه بحلول الموعد النهائي الأسبوع المقبل، أو المخاطرة بإلحاق الأذى بالمزارعين الأمريكيين.
من جانبه تعهّد رئيس المكسيك أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، بأن بلاده ستفي بالتزاماتها المائية تجاه الولايات المتحدة، سواء أحبت ذلك ولاية تشيهواهوا أم لا.
كما أرسل المئات من أفراد الحرس الوطني لحماية سدود تشيهواهوا، وجمدت حكومته مؤقتاً الحسابات المصرفية الخاصة بالمدينة التي يعيش فيها العديد من المتظاهرين. بالنسبة للمزارعين، فإن موقف الحكومة هو خيانة.