تواجه الهدنة الإنسانية التي توسطت فيها روسيا في إقليم ناغورني قره باغ خطر الانهيار بشكل متزايد بعد يوم من الاتفاق عليها، إذ تبادلت أذربيجان وأرمينيا، الأحد 11 أكتوبر/تشرين الأول 2020، الاتهامات بارتكاب انتهاكات خطيرة وجرائم بحق المدنيين، فيما تسعى موسكو وأنقرة لإنقاذ الهدنة.
المَدافع لم تصمت: واتهم كل من الجانبين الآخر بانتهاك وقف إطلاق النار فور سريانه يوم السبت الفائت، وأعطت أذربيجان الانطباع في تصريحات علنية من جانب كبار المسؤولين بأنها تعتبره هدنة قصيرة.
كذلك قالت أذربيجان، الأحد، معلنة عن أول هجوم منذ بدء سريان الهدنة، إنها شنت ضربات جوية على فرقة أرمينية وكبدتها خسائر جسيمة، في حين قال متحدث باسم حاكم إقليم قره باغ لوكالة رويترز إنه ليس لديه معلومات عن هذا الهجوم.
في وقت سابق من الأحد أيضاً، اتهمت أذربيجان، أرمينيا بقصف عنيف لمنطقة سكنية في كنجة ثانية أكبر مدنها في الساعات الأولى من الصباح وإصابة مبنى سكني.
مكتب المدعي العام في أذربيجان قال إن تسعة أفراد قُتلوا وأصيب 34 في الهجوم الذي ذكر أنه انتهاك لبنود اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين.
كان الهدف من وقف إطلاق النار السماح للقوات العرقية الأرمينية في ناغورني قره باغ والقوات الأذربيجانية بتبادل الأسرى وقتلى الحرب، وتحققت الهدنة بعد محادثات مطولة في موسكو دعا إليها الرئيس فلاديمير بوتين.
كذلك كانت محادثات موسكو أول اتصال دبلوماسي بين الجانبين منذ اندلع القتال في 27 سبتمبر/أيلول 2020، ويحظى الإقليم باعتراف دولي باعتباره جزءاً من أذربيجان لكن سكانه وحكامه ينتمون للعرق الأرمني.
عشرات القتلى: وفي مدينة كنجة (ثاني أكبر مدن أذربيجان) شوهد رجال إنقاذ وهم يحملون قتيلاً من بين أنقاض مبنى سكني كبير صباح أمس الأحد، بعد أن سوي بالأرض. كما شوهدت جرافة ترفع الأنقاض، في حين تعرضت مبان وسيارات في محيط المبنى لأضرار جسيمة.
السلطات في باكو أشارت إلى أن أكثر من 40 مدنياً قتلوا وأصيب نحو 200 منذ تجدد الصراع، بينما اعتبرت أرمينيا أن حديث أذربيجان عن الهجوم على المدينة "كذب محض"، وفق قولها، واتهمت باكو بمواصلة قصف مناطق الإقليم.
مخاوف من حرب أوسع: واتهمت أذربيجان، أرمينيا كذلك بشن هجوم صاروخي فاشل على محطة لتوليد الكهرباء من المساقط المائية في مينجاتشفير. ونفت قوات أرمينية في قره باغ صحة هذا الاتهام.
إذ وصف أرايك هاروتيونيان، زعيم إقليم قره باغ، الوضع بأنه هادئ نسبيا صباح الأحد، لكنه قال إنه لا يعلم إلى متى سيستمر الهدوء، مشيراً إلى أن التوتر مستمر على جبهة القتال.
كما اتهم هاروتيونيان قوات أذربيجان بالقيام بمحاولة فاشلة للسيطرة على بلدة هادروت، وقال إن عملية تبادل الأسرى بين الجانبين كانت من المفترض أن تبدأ، الأحد، لكن لم يتضح بعد متى ستتم أو إن كانت ستنفذ من الأصل.
كان تجدد الاشتباكات في الصراع القائم منذ عشرات السنين قد أثار مخاوف من نشوب حرب أوسع تشارك فيها تركيا حليفة أذربيجان وروسيا التي تربطها بأرمينيا اتفاقية دفاعية.
محاولة لإنقاذ الهدنة: وأمام عودة اشتعال المواجهات والخطر الذي يهدد الهدنة، تخوض تركيا وروسيا محادثات لإنقاذ وقف إطلاق النار، وقالت وزارة الخارجية التركية إن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو طلب من نظيره الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي، الأحد، الضغط على أرمينيا للالتزام بشروط الهدنة.
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره التركي أوغلو، أكدا ضرورة التنفيذ الصارم لاتفاق وقف إطلاق النار في الإقليم المتنازع عليه.
أضافت الوزارة الروسية أن لافروف وأوغلو بحثا في اتصال هاتفي الوضع القائم في الإقليم، وتطبيق التزامات البيان المشترك لوقف إطلاق النار.
ومن المقرر أن يصل وزير خارجية أرمينيا إلى موسكو اليوم الإثنين لإجراء محادثات مع مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
يُشار إلى أن الاشتباكات أججت المخاوف على أمن خطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز من أذربيجان إلى أوروبا، لا سيما أن هذه المعارك هي الأسوأ منذ حرب دارت بين عامي 1991 و1994 بين أذربيجان وأرمينيا، وقتل فيها 30 ألفاً تقريباً، وانتهت بوقف لإطلاق النار تعرض لانتهاكات متكررة.