انطلقت الانتخابات الأمريكية رسمياً، مع بدء عمليات الاقتراع بالبريد في ولاية كارولاينا الشمالية، الجمعة 4 سبتمبر/أيلول 2020 (بتوقيت أمريكا)، للاختيار بين الرئيس دونالد ترامب، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، في حملة تتزايد عدوانية يوماً بعد يوم.
الاقتراع بالبريد: وكالة الأنباء الفرنسية قالت إن ولاية كارولاينا الشمالية ستبدأ في إرسال أكثر من 600 ألف بطاقة اقتراع بريدية؛ لتلبية الطلب الكبير على ذلك، وستتبعها في الأسابيع المقبلة ولايات أخرى مهمة، مثل ويسكونسن، التي زارها كل من المرشحَين مؤخراً.
وستبدأ ولاية كارولاينا بالانتخابات قبل شهرين على موعدها المقرر في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، وذلك في وقت يستغل فيه ترامب المخاوف من احتجاجات عنيفة بمدن أمريكية، ويشكك في نزاهة آلية التصويت بالبريد، فيما كثف منافسه بايدن انتقاداته لرئيس "مؤسف" وفق تعبيره، معتبراً أنه غير مؤهل للمنصب.
تشير التوقعات إلى أنه من المنتظر أن تؤدي المخاوف من تفشي فيروس كورونا المستجد إلى ارتفاع وتيرة الاقتراع بالبريد، فيما يسعى ملايين الناخبين لتجنب مراكز التصويت.
وفي بلد يواجه أزمة صحية وانقساماً حول العنصرية، ستكون الأيام الستون المقبلة اختباراً لقدرة أكبر اقتصاد في العالم على تنظيم انتخاباته، بعدما غيَّره الوباء الذي أودى بحياة 187 ألف أمريكي.
شكوك حول طريقة التصويت: وباتت آلية الاقتراع موضوعاً ساخناً في مشهد سياسي يثير الانقسامات بشكل متزايد، فقد أظهر استطلاع أجرته مؤخراً صحيفة "يو إس إيه توداي" وجامعة سافولك، أن 56% من الناخبين الجمهوريين المستطلعة آراؤهم، قالوا إنهم سيتوجهون شخصياً إلى مراكز الاقتراع، مقارنة بـ26% من الناخبين الديمقراطيين يعتزمون القيام بالأمر نفسه.
كذلك فإن واحداً من بين أربعة ناخبين لبايدن، قالوا إنهم في حال خسارة مرشحهم في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، فإنهم لن يكونوا على استعداد للقبول بفوز ترامب باعتباره "فوزاً عادلاً"، فيما عبّر واحد من بين خمسة ناخبين لترامب عن رأي مماثل.
لكن وخلال حملته التي سعى فيها للفوز بولاية ثانية من أربع سنوات، زرع ترامب بذور الشك بصفوف قاعدته إزاء شرعية انتخابات تتضمن عدداً كبيراً من بطاقات الاقتراع المرسلة بالبريد.
ترامب نفسه، الذي يصوّت بالبريد في ولاية فلوريدا المسجل فيها، قال مراراً ومن دون تقديم أدلة، إن الاقتراع بالبريد يمكن أن يؤدي إلى تزوير واسع، حتى إنه اقترح على أنصاره أن يحاولوا الاقتراع مرتين؛ ليختبروا الآلية، ما عرّضه للتقريع على وسائل التواصل الاجتماعي ومن ديمقراطيين.
انتقادات لترامب: واحتدمت الحملة الانتخابية، الخميس 3 سبتمبر/أيلول 2020، مع تقرير نشرته مجلة ذي أتلانتيك، ذكر نقلاً عن أربعة مصادر لم يسمها وقالوا إنهم على اطلاع مباشر على المحادثات، أن ترامب أشار إلى جنود المارينز الأمريكيين الذين سقطوا في الحرب العالمية الأولى والمدفونين في مقبرة بفرنسا على أنهم "فاشلون" و"حمقى"، لأنهم قُتلوا في المعارك.
فخلال زيارته لفرنسا بمناسبة مئوية الحرب العالمية الأولى، لم يتوجه ترامب إلى المقبرة الأمريكية في إيسن مارن قرب باريس، بسبب رداءة الطقس الذي حال دون إقلاع مروحيته، كما أُعلِنَ رسمياً، وسارع ترامب إلى الرد بوابل من التغريدات للدفاع عن نفسه.
كتب الرئيس الأمريكي يقول: "ذي أتلانتيك تحتضر مثل معظم المجلات، لذا يختلقون قصة مزورة من أجل كسب بعض الاهتمام". وزاد من هجومه على التقرير الذي وصفه بـ"المشين" خلال تصريحات لصحفيين في البيت الأبيض.
أيضاً شن أنصار ترامب هجوماً معاكساً، وأغرقوا وسائل التواصل الاجتماعي بصور للرئيس برفقة جنود أمريكيين، لكن آخرين سارعوا لنشر تصريحات من حملة 2016، عندما سخِر من السيناتور الراحل جون ماكين، الذي كان أسير حرب لسنوات في فيتنام.
بايدن يهاجم ترامب: ومع احتدام المنافسة بين ترامب وبايدن، أثار تقرير المجلة غضب بايدن كما بدا في الحملة الانتخابية، وقال بايدن تعليقاً على المقالة: "أعتقد أن الأمر مثير للاشمئزاز، مؤسف، إنه مخالف تماماً للمفاهيم الأمريكية" مضيفاً أنه يعتقد أن التصريحات نُقلت بدقة، وأضاف: "من يظن نفسه؟".
انتقل بايدن للحديث عن ابنه بو، الذي خدم في الجيش الأمريكي قبل أن يصبح لاحقاً مدَّعياً عاماً لديلاوير وتوفي بالسرطان عام 2015، وقال بايدن إن بو "عندما ذهب إلى العراق لسنة، وحاز نجمة برونزية وأوسمة أخرى، لم يكن أحمق".
بدوره، ردَّ ترامب في وقت لاحق، من البيت الأبيض، متهماً الصحفيين بالتساهل مع منافسه الديمقراطي، وقال: "أنظر إلى مستوى الأسئلة التي تطرحونها، صدقاً الأمر مُخزٍ"، وأضاف: "إنها توجَّه للأطفال".
من المتوقع أن يعلق المرشحان الحملة خلال عطلة عيد العمل التي تستمر ثلاثة أيام، لكن يوم الجمعة المقبل قد يلتقي ترامب وبايدن وجهاً لوجه، إذ أعلن كل منهما عن المشاركة في مراسم في شانكسفيل بولاية بنسلفانيا، في ذكرى اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وردّاً على سؤال بشأن مشاركته المنصة مع ترامب في حال دُعي إلى ذلك، أجاب بايدن بـ"نعم"؛ "فهو لا يزال رئس الولايات المتحدة".