تشهد مدينة "ذا فيليجيز" الهادئة بولاية فلوريدا، والتي يقصدها أمريكيون تزيد أعمارهم على 55 عاما؛ لينعموا بطقسها المشمس وهدوئها، مواجهات شديدة بين مؤيدي الرئيس دونالد ترامب، ومؤيدي المرشح الديمقراطي جو بايدن على هامش الدعاية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
حيث يتصاعد التوتر بين المسنين المؤيدين للرئيس دونالد ترامب والمعارضين له، ما يترتب عليه اعتداءات وشتائم واستدعاء للشرطة، وقد انتشرت مقاطع فيديو شاركها دونالد ترامب في تغريدة حذفها لاحقاً من حسابه، يظهر فيها أحد سكان المدينة يهتف: "السلطة للبيض!"، لدى مروره بعربة غولف أمام متظاهرين ضد ترامب اتهموه بدورهم بأنه "عنصري"، وفق تقرير للوكالة الفرنسية نشرته الأحد 23 أغسطس/آب 2020.
توتر بسبب الانتخابات: فيما قالت رئيسة النادي الديمقراطي الذي يجمع أنصار الحزب في المدينة كريس ستانلي: "التوتر شديد هنا". وأوضحت: "هذا ليس جديداً، لكنه أسوأ بكثير في عهد ترامب، ويتفاقم كل سنة".
كذلك تراقب ستانلي وهي تتكلم، مسيرة مؤيدة لبايدن تضم أكثر من مئتي عربة غولف تتقدم ببطء تحت مراقبة الشرطة. وإن كانت المسيرة تجري من دون أي حادث، فإن الأشهر الأخيرة سجلت عدداً متزايداً من الصدامات.
في حين روت ستانلي: "في آخر مرة قمنا بذلك، كانوا في انتظارنا وهددوا بإلقاء مقذوفات علينا، مسامير أو أشياء يمكن أن تلحق أضراراً بعربات الغولف". وتابعت: "اضطررنا عندها إلى استدعاء الشرطة. إذ نقوم بتحركاتنا الديمقراطية، هم يقومون بتحركاتهم المعادية للديمقراطية".
ملصقات لجو بايدن: وفيما تتقدم العربات الصغيرة التي تحمل ملصقات مؤيدة لجو بايدن، يتجمع الجمهوريون أمام مخبز.
كذلك تستعرض هنرييتا إيمي (83 عاماً)، باعتزازٍ تأييدها لترامب، مرتديةً قميصاً كُتب عليه: "احفظوا عظمة أمريكا"، شعار ترامب الانتخابي. وتتأمل بازدراءٍ الموكب الديمقراطي: "مجموعة من الفاشلين".
في حين تنفي السيدة المُسنَّة الاتهامات الموجهة إلى مرشحها بالتعاطف مع أنصار نظرية تفوُّق العرق الأبيض، وبإساءة التعاطي مع وباء كوفيد-19، وتقول: "الاقتصاد في حالة ممتازة".
وأكدت أن ترامب وفى بوعوده الانتخابية، مشيرة إلى أنه "اهتم بالهجرة غير القانونية"، وتوضح: "نريد أن يأتي الناس إلى هنا، ولكن بصورة قانونية. جاء والداي من هولندا، قدِما إلى هنا بشكل قانوني وتعلَّما الإنجليزية".
لكنها تقر بتصاعد التوتر مؤخراً في المدينة، ملقيةً بالمسؤولية على عاتق الديمقراطيين. وتوضح: "يوجهون إليَّ كلاماً نابياً، ولا يعجبني ذلك. أقول لهم فقط: هل علّمتك أمك أن تتكلم هكذا؟".
ناخبون من الجمهوريين: وتنتمي إيمي إلى الغالبية في المدينة التي وُلد جميع المقيمين بها في أماكن أخرى، والتي تستقطب خصوصاً متقاعدين من البيض والمحافظين.
بحسب الأرقام الرسمية، فإن 57% من الناخبين في مقاطعة سومتر وكبرى مدنها "ذا فيليجيز"، من الجمهوريين.
من جانبه رأى الكاتب أندرو بليكمان الذي نشر كتاباً عن المدينة بعنوان "مدينة الترفيه: مغامرات في عالم بلا أطفال"، أنها تمثل "مجسماً لما يحصل في أمريكا".
وأوضح بليكمان أن الأجواء في البلد "ازدادت احتداماً وتحزُّباً"، مشيراً إلى أن "سكان المدينة منخرطون كما بقية البلاد في الاستقطاب القائم بين الحزبين".
كذلك يقول: "يعيشون في وهْم، في عالم خيالي، مطابق لما يتصوّرونه عن أمريكا الخمسينيات والستينيات. مع أسلوب هندسي خاطئ، وتاريخ خاطئ، ثمة معالم تاريخية خاطئة في كل مكان".
يُذكر أن فلوريدا من كبرى الولايات الأمريكية عددياً ويبلغ عدد الناخبين فيها 14 مليون نسمة، وهي ولاية أساسية غالباً ما سُلِّطت الأضواء عليها في المراحل الانتخابية؛ بتسجيلها في غالب الأحيان هامش انتصار ضيقاً، وهو ما يُبقي الغموض مخيماً على النتائج النهائية ويُبقي الأمة برمَّتها في ترقُّب.