يريد إسقاط أردوغان ويدعم الهند ضد جارتها المسلمة.. لماذا يتقمص بايدن شخصية الإمبراطور الشعبوي؟

عدد القراءات
1,906
عربي بوست
تم النشر: 2020/08/22 الساعة 12:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/22 الساعة 12:50 بتوقيت غرينتش
المرشح الديمقراطي للانتخابات الأمريكية جو بايدن/ رويترز

في تصريح مدير الاتصالات السابق في البيت الأبيض، جين بساكي، عن العلاقة القوية التي كانت تجمع الرئيس باراك أوباما ونائبه، المرشح الحالي للانتخابات الرئاسية الأمريكية، عن الحزب الديمقراطي، جو بايدن، قال بساكي إن العلاقة بين أوباما وبايدن كانت أكثر من ممتازة، لكن مع ذلك لم يستطع أحد أن يخفي حالة السخرية التي كانت تنتاب موظفي البيت الأبيض، لاسيما الشباب، من زلات بايدن، وافتقارهم إلى الانضباط تجاه تصرفاته كما كان أوباما، فكانوا يضحكون من كيفية بدء بايدن الاجتماعات، مشبهينه بالعم المسن الذي يلقي خطباً طويلة مملة سمعها الجميع في عيد الشكر من قبل.

على الرغم من أن بايدن استطاع أن ينهي ترشحه بشكل أسرع مما فعل أوباما في عام 2008، وهو ما يشكّل مصدر فخر لحملة بايدن، محاولين الاستفادة من ذلك بالترويج للرجل على أنه أكثر قبولاً وحنكة، ويستطيع تسويق نفسه حتى أكثر من الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، ما يعني أن حظوظه في النجاح قد توازي هذا القبول أو أكثر، ويؤكد ذلك تلك المؤشرات واستطلاعات الرأي التي تُظهر تقدم بايدن على منافسه الرئيس الحالي دونالد ترامب، مع ذلك فإن مساعدي أوباما، والذين حضروا العشرات من الاجتماعات مع الرئيس ونائبه "بايدن"، يرون في الرجل الأكثر قبولاً بحسب حملته الانتخابية صاروخاً غير موجّه لا يعرف أحد أين سيستقر.

رفع المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن شعار "استعادة روح أمريكا"، وهو ما يذكرنا بالشعار الشعبوي الذي استخدمه الرئيس ترامب في حملته الانتخابية عام 2016، ما يؤشر أن بايدن التقط طرف الخيط من ترامب، وشمّر عن ساعديه لينطلق نحو الشعبوية. ولعل اختياره لليسارية التقدمية كامالا هاريس نائبة له يزيد المشهد شعبوية. كما صرّح بايدن بالوقوف إلى جانب الهند أمام التهديدات التي تواجهها على طول حدودها، وهو بذلك يعني الصين في تصريحه، بعد المناوشات الأخيرة مع الهند، وباكستان المسلمة التي تعيش حالة توتر مستمر في ظل حالة اللاحرب واللاسلم التي تعيشها مع جارتها الهندية.

أما الشعبوية في أوج تجلياتها فقد كانت في تصريحات سابقة أعيد نشرها هذه الأيام لبايدن، وهو يتكلم بطريقة سلبية عن الرئيس التركي أردوغان، واصفاً إياه بالمستبد. حتى تلك اللحظة من الفيديو المنشور الرجل يعبر عن وجهة نظره في أحد الحكام، وهو ما تكفله حرية الرأي في بلاده، لكن الرجل تعدّى حرية الرأي إلى التخطيط لجريمة يعاقب عليها القانون الدولي، ويبدو أن الصاروخ غير الموجّه كما وصفه زملاء حملة الرئيس أوباما قد أطلق عياراً ثقيلاً في سكرة شعبوية معجونة بصياح الحاضرين، ليقول إنه سيدعم ويشجع المعارضة التركية في حال أصبح رئيساً، من أجل إسقاط أردوغان.

الطريقة التي تحدث بها جو بايدن أكدت شعبويته، فالرجل متقمّص شخصية إمبراطور في عصور ما قبل التاريخ، ولا يدرك الزمن الذي يعيشه في عالم يطلق ضرباته الصغيرة في كل أجزاء بدن الولايات المتحدة الذي تلملمه من العالم، وتقلص تمثيلها العسكري، ليس فقط للظروف الاقتصادية التي تعيشها، ولكن لرفض العالم لوجودها على أراضيها، فالعالم كره الغطرسة الأمريكية، حتى حلفاؤها المقربون كألمانيا وفرنسا سئموا هذه الغطرسة وهذا الأسلوب الصلد في التعامل، وفي حالة تركيا التي تسعى بخطى حثيثة نحو مكانة عالمية بين الكبار فإن الأمر مرفوض.

لن ينسى الشعب التركي موقف الإدارة الأمريكية من محاولة الانقلاب الفاشل، في الخامس عشر من يوليو/تموز 2016، حيث كان بايدن نائباً للرئيس الأمريكي المخزي بالصمت تارة، وبالفعل المستتر بتزويد طائرات الانقلابيين في الجو دونما الحاجة للهبوط تارة أخرى. كما أن إدارة أوباما التي آوت فتح الله غولن على أراضيها، وهو المدبر الرئيسي لمحاولة الانقلاب الفاشلة، يجعلها متورطة بالتواطؤ أو تمرير الجريمة، فالانقلاب لا يبدأ إلا بموافقة دولية أو إقليمية، ويكفي غولن موافقة الإدارة الديمقراطية في أمريكا لكي يبدأ في جريمته.

ولأن بايدن صاروخ غير موجّه، فقد أعطى بتصريحاته هذه فرصة لغريمه ترامب، فتصريحاته ضد باكستان أو المسلمين، ثم تصريحاته ضد الرئيس أردوغان وتركيا، ونيته دعم المعارضة فيها، أعطى ترامب فرصةً لمكاسب قد تظهر في المستقبل القريب، كما أعطى فرصة للرئيس أردوغان لمحاسبة من يتعاون مع جهات خارجية لإسقاط الإدارة المنتخبة ديمقراطياً، وينقلب على إرادة الشعب.في 2006، أجرى البروفيسور دين سيمنتون، بحثاً تاريخياً لمعرفة معدل ذكاء رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، فكان جورج بوش الابن من الرؤساء الأقل ذكاء، إذ جاء معدل ذكاء بوش 124، وهو معدل قليل لفرد عادي، فما بالكم وهو رئيس أكبر دولة في العالم، وعلى الرغم من ذلك فإن بوش حكم الولايات المتحدة الأمريكية مدتين من 2001 إلى 2009، فهل يكسر بايدن رقم جورج القياسي؟ 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ياسر عبدالعزيز
كاتب وباحث سياسي
ياسر عبد العزيز هو كاتب وباحث سياسي، حاصل على ليسانس الحقوق وماجستير في القانون العام. كما حاز على دبلوم الإدارة والتخطيط الاستراتيجي، وهو الآن عضو مجلس إدارة رابطة الإعلاميين المصريين بالخارج في اسطنبول ومدير مركز دعم اتخاذ القرار بحزب الوسط المصري.
تحميل المزيد