انعكاسات حزب محرم اينجه المحتمل على السياسة التركية

عدد القراءات
1,003
عربي بوست
تم النشر: 2020/08/03 الساعة 08:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/03 الساعة 08:58 بتوقيت غرينتش

لم يصلّ أحد من قادة الأحزاب المعارضة في جمعة افتتاح آيا صوفيا بالرغم من الدعوات التي وجهت لعدد منهم غير أن محرم اينجه مرشح المعارضة للرئاسة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في يونيو/حزيران 2018 ضد الرئيس رجب طيب أردوغان ذهب للصلاة، لكنه اختار أن يصلي بين الناس وليس ضمن الترتيبات البروتوكولية، لم يقرأ كثيرون هذه الرسالة سوى أنها ضمن شخصية اينجه المتميزة عن حزبه غير أن اينجه كان يفكر في شيء آخر بل بدأ التحضير له وهو إنشاء حزب معارض جديد.

لقد انتظر محرم اينجه إلى ما بعد انتهاء يوم 25 أغسطس/آب 2020 الأسبوع الماضي حيث تم انتخاب كمال كليجدار أوغلو للمرة السابعة رئيساً لحزب الشعب الجمهوري حيث حصل المرشح الوحيد كليجدار أوغلو على أصوات 1251 مندوباً من أصل 1318 شاركوا في الاقتراع، فيما اعتبرت أصوات 67 مندوباَ باطلة. ويترأس كليجدار أوغلو،  71 عاماً، حزب الشعب الجمهوري، منذ 22 مايو/أيار 2010.

وقد اعتبر عدد من المنافسين لكليجدار أوغلو  أن كليجدار أوغلو قد استبعد كل المنافسين له من قيادة الحزب ومن بينهم محرم اينجه حتى أن بعض القراءات ترى أن ترشيح كليجدار أوغلو لمحرم اينجه ليكون مرشحاً منافساً لأردوغان في الرئاسة كان لعبة منه لاستبعاد محرم اينجه، حيث إن المرشح الرئاسي لا يمكن أن يجمع بين الترشيح للرئاسة والبرلمان، وبالتالي أصبح اينجه خارج البرلمان بعد خسارة الانتخابات الرئاسية وتم التعامل معه على أنه أخذ فرصته وبالتالي استبعاده تدريجياً، ومن المعروف أن اينجه كان صوتاً ناقداً قوياً داخل حزب الشعب الجمهوري. ويمتلك اينجه أيضاً مهارات خطابية متميزة عن كليجدار أوغلو.

خلال عطلة عيد الأضحى وفي يومه الأول خرجت معلومات لم تجعل قادة حزب الشعب الجمهوري يقضون عطلاتهم براحة، وهي نية محرم اينجه إنشاء حزب جديد ووجود عدد من نواب حزب الجمهوري على استعداد للانتقال إلى الحزب الجديد بل تجاوز النية إلى البدء في الاستعدادات من قبل محرم اينجه، كما أن الأخبار الواردة أشارت إلى أن اينجه سوف يعلن عن الحزب في منتصف سبتمبر/أيلول القادم وفي مدينة هكاري.

كما يتحرك اينجه مع اوندر ساف وهو قيادي في حزب الشعب الجمهوري كان بمثابة الرجل الثاني في الحزب خلال رئاسة دنيز بايكال  من خلال عمله كأمين عام للحزب منذ 2001 وهو من الذين تم استبعادهم خلال فترة رئاسة كليجدار أوغلو للحزب حيث عزله كليجدار أوغلو في 2010.

لو نظرنا إلى أرقام محرم اينجه خلال الانتخابات الرئاسية في عموم تركيا فقد حصل على 15 مليون صوت بنسبة 30% أما حزب الشعب الجمهوري فقد حصل حينها على 11 مليون صوت بنسبة 22% وبالتأكيد لا يعني هذا أن اينجه سيحصل على نفس الأصوات ولكن بالنظر إلى وجود مرشحين مثل ميرال اكشينار التي حصلت على 7% وصلاح الدين ديمرتاش الذي حصل على 8.5% فإن هذا يعني أن محرم اينجه لم يأخذ أصواتاً كثيرة من القوميين والأكراد، وبالتالي فإن معظم أصواته جاءت من حزب الشعب الجمهوري، ولهذا فإن حزب الشعب الجمهوري أمام خطر حقيقي على الأقل يستهدف نسبة تدور حول ثلث أصواته في حال استطاع محرم اينجه إقناع أنصار الحزب ببرنامجه الانتخابي في ظل الاستياء من قيادة كليجدار أوغلو للحزب والذي خسر في حوالي 9 مرات أمام حزب العدالة والتنمية في الانتخابات العامة.

يشكل قرار محرم اينجه إنشاء حزب جديد خيبة أمل للمعارضة التي كانت تأمل في توحيد جهودها كما فعلت في الانتخابات البلدية الأخيرة، وبالتالي هي عرضة للانقسام بشكل كبير بعد أن تفاءلت بخروج بعض الأحزاب مثل حزب داود أوغلو وحزب علي باباجان من رحم حزب العدالة والتنمية واللذين لم يثبتا أنفسهما حتى الآن كحزبين قويين وبالتالي لا يشكلان خطراً كبيراً على حزب العدالة والتنمية في الانتخابات القادمة.

من المؤكد أن رئيس حزب الشعب الجمهوري يعيش لحظات صعبة حالياً للتفكير في كيفية التعامل مع واقع خروج حزب جديد من رحم حزب الشعب الجمهوري ولعل هذا يمكن أن يكون كفيلاً بالقضاء على آمال المعارضة في الوصول للحكم والتي كان كليجدار أوغلو قد أعلن عن وجودها وعن خطته للوصول للحكم في 2023 والتي أصبحت أكثر تعقيداً من ذي قبل بكثير.

كما أن هذه النوايا إن وجدت طريقها للواقع، فإن حزب العدالة والتنمية سوف يكون أكثر راحة في العمل للانتخابات القادمة، مما لو كان حزب الشعب الجمهوري كله موحداً مع الأحزاب الأخرى، وسوف يكون الأمر أكثر صعوبة في حال لو خرج حزب جديد من رحم حزب معارضة آخر، وعلى سبيل المثال من حزب الشعوب الديمقراطية، وهو أمر ليس بالمستبعد.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
محمود الرنتيسي
باحث فلسطيني مختص بالشأن التركي
محمود سمير الرنتيسي باحث فلسطيني يعمل في مركز سيتا للدراسات، مساعد رئيس تحرير مجلة «رؤية تركية» الصادرة عن المركز، وحاصل على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية، صدر له كتاب «السياسة الخارجية القطرية تجاه بلدان الربيع العربي والقضية الفلسطينية»، وله عدة دراسات منشورة في مركز الجزيرة للدراسات ومجلة السياسة الدولية ومجلة رؤية تركية.
تحميل المزيد