بلاد الحريات تعلم العالم درساً في العنصرية!

عدد القراءات
543
عربي بوست
تم النشر: 2020/06/15 الساعة 12:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/15 الساعة 12:28 بتوقيت غرينتش
الموقع الذي قتل فيه جورج فلويد/ رويترز

" عندما تكون الديمقراطية هبة الاحتلال.. كيف لك أن تتعلم الحرية من جلادك؟!"

– أحلام مستغانمي

خرج مئات المتظاهرين في الولايات الامريكية بينما أحتشد العشرات أمام البيت الأبيض يرفعون شعار"لاعدالة لا سلام".

وأعتقل أكثر ٢٠٠ شخص بعد محاولاتهم القيام بأعمال الشغب أثناء أحتجاجات شارك فيها الآلاف في مدينة نيويورك، بحسب قائد شرطة المدينة.

 يأتي ذلك على خلفية مقتل المواطن من أصول أفريقية، جورج فلويد، في مدينة منيابوليس تحت قبضة شرطي منعه من التنفس وهو يلقي القبض عليه حتى قطعت أنفاسهُ تمامًا وفارق الحياة.!

ولأنها أمريكا فالمواطن هناك له رأي وصوت يمكنه أن يحتج ويخرج للشارع رافضًا سلوكيات الجهات المعنية

وعنصريتها ولكن وفق القانون.

إن تجاوزت حدود الحرية الممنوحة إليك سوف تعاقب وفق القانون أيضًا، وهذا ما رأيناه بعد أن اعتقلت الشرطة مراسل قناة ال سي ان ان على الهواء مباشرة اثناء تغطيتهُ الاحتجاجات في منيابوليس متهمينه بأثارة الفوضى.!

هل يمكن أعتبار هذا الحدث الفريد من نوعه في بلاد الحريات، تقييد وأنتهاك لحرية الصحافة، خصوصًا وأن الرئيس ترامب لديه مواقف سيئة يتهم فيها الصحفيين ويهاجمهم بشكل علني.

وبحسب موقع التايمز الأمريكي قال العديد من ساكني مقاطعة مينيابوليس "لا أعرف ما إذا كنت انا التالي"

يشيرون إلى العنف المفرط من قبل الشرطة ضد أصحاب البشرة السمراء، ويضيف آخرون نحن خرجنا للتضامن والوقوف ضد العنف بكل أشكاله.

ألا يذكرنا هذا ياسادة بأحداث بلادنا المريرة، ببغداد وبيروت وغيرها من مدن التي قتل وضرب واعتقل فيها الناس لأنهم طالبوا بالحق.

وكانت صرخات الشباب تعلوا في بغداد تحمل شعار " أنا الشهيد القادم"

بعد مقتل المئات من المحتجين على أيدي السلطات.

نحن نخرج نطالب بالحق، فيقلبون الحق باطل علينا ونتهم بالخيانة وعدم الولاء، بينما المتواطئ والمُتستر على الجرائم والمساهم في قتل الأبرياء وسرقة المال العام، يترأس الطاولات المستديرة للحكم بين الناس بالعدل.

هذهِ هي بلاد العالم الثالث، نعم يوجد قانون لكنه يفرض على العامة، عندما يطالبون بحقوققهم ويخرجون من كهوف السياسات المظلمة التي لطالما كانت الطبقات الفقيرة بيئة خصبة لتكاثرها، الفقر يجعل الناس مسحوقة ترضا بالقليل من الفتات، والجهل والخوف وايهام المجتمعات بأن لا مفر وخلاص من الواقع السيء الذي صنعته السياسة مستخدمة كل ما تملك من سلطة وبطش.

نتساءل هنا ما وجه الشبه بين أمريكا وبيننا نحن الدول النامية؟

عندما يخرج الناس هناك على أثر مقتل مواطن واحد معبرين عن غضبهم من العنصرية أو سياسة ترامب الهوجاء بكل حرية، لن يعتقلون إلا وفق القانون، ولن يقتادوهم للسجون على أثر منشور صريح على الفيس بوك لأنه انتقد الحكومة والقائد.

المواطن الأمريكي والصحافة الأمريكية بأمكانها التعبير عن الواقع الذي تراه، وكتابة ما يناسب الحقيقة وكشفها أمام الرأي العام، وفق القانون بشفافية تسمح للمواطن بالقبول أو الرفض.

الرئيس الذي فشلت سياسيتهُ لن ينتخبوه مجددًا، والسلطات التي تمارس العنصرية سوف تفكر عشرات المرات قبل القيام بأفعال فردية لأن بأمكانها تحريك رأي عام بأكمله ضد السلطات والحكومة.

وجميعنا نعرف أن"الشعب هو مصدر السلطة".

بينما نحن ننتظر أن تصلح الحكومات الحال، وبدل الفرصة تأخذ سبعة عشر عامًا من الفرص، تلك الفرص هي عمرنا ومستقبلنا ومستقبل أطفالنا الذين نحلم ان لا يولود وهم حاملين هذهِ البلاد في أرواحهم وقلوبهم.

ننتظر أن لا نعتقل والا نخاف قول الحق أو تسليط الضوء عليه فقد لا يتناسب مع الأفكار المدججة بالسلاح، نحن الذين نعيش في هذهِ الأرض التي طالما حلمنا ومازلنا نحلم بمغادرتها على وجه السرعة إن سمحت الظروف وتوفرت الفرص.

أخيرًا إنه الإعلام يخدعكم مرة تلو الآخرى ويرسخ تلك الصور بشتى أنواعها عن بلاد العم سام، وجمال العيش تحت حمياتها، لكن دعونا لا ننكر جميعًا أن لهذهِ الأمم قانون، يمنعك أن تثير الفوضى والشغب حتى لو كان الحق معك، هم لديهم من العنصرية ما يكفي للقتل والظلم وتبرير ذلك بكل وحشية، يمكن أن تتعامل أمريكا مع ثقافة الصمت والخوف مثلنا نحن العرب، ولكن يعلم شعبها أنك عندما لا تقول شيء فأنت تنحاز إلى جانب الظالم.

ويمكنك أن تختار أن تبقى مع الظالم مستسلم للخوف،

أو تجعل من ظلمهُ رصاصة الرحمة الأخيرة لرحيله.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تمارة عماد
صحفية وكاتبة عراقية
تحميل المزيد