المحلات فتحت أبوابها لكن الشوارع خالية.. ألمانيا تقدم نموذجاً للتعايش مع كورونا رغم تخفيف الحظر

عربي بوست
تم النشر: 2020/04/23 الساعة 09:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/23 الساعة 20:38 بتوقيت غرينتش
صورة من محيط بحيرة الألستر فى هامبورج

فى يوم مشمس معتدل كان من المعتاد أن يمتلأ هذا المكان الواقع على بحيرة ألستر في مدينة هامبورغ الألمانية بالناس حتى آخره. لكن رغم روعة طقس يوم الثلاثاء 21 أبريل/نيسان، كان المكان فارغاً.

يجلس هناك بضعة أشخاص فقط وهم يحافظون على مسافات التباعد الاجتماعي، فيما مراكب التنزه في البحيرة متوقفة، لأنها ممنوعة من الحركة، رغم تخفيف السلطات الألمانية إجراءات الحظر المفروض على الناس بسبب تفشي وباء كورونا.

وبعد أسابيع من الإغلاق وتقييد الحركة، أعلنت الحكومة الفيدرالية يوم الأربعاء 15 أبريل/نيسان، عن بدء تخفيف قيود الحظر.

وعلى الرغم من إجراءات تخفيف الحظر في ألمانيا، فإن الأجواء تبدو هادئة جداً كما كان عليه الوضع وسط فترة تفشي وباء كورونا هناك. تبدو هذه الأجواء هي الأقرب لما سيكون عليه العالم بعد أن تمر ذروة تفشي وباء كورونا، إذ لن تعود الحياة أبداً كما كانت، في ظل عدم التوصل إلى علاج أو لقاح للمرض القاتل.

إجراءات تخفيف الحظر

بالفعل فتحت محلات كثيرة أبوابها بداية من يوم الإثنين 20 أبريل/نيسان، وغيَّرت بعضها مواعيد العمل لتتناسب مع الظروف الجديدة.

وشملت إجراءات تخفيف الحظر في ألمانيا فتح المحال التجارية التي تقل مساحتها عن 800 متر مربع، وكذلك معارض بيع السيارات ومتاجر الدراجات، والمكتبات، بشرط الحفاظ على شروط النظافة المتبعة.

ومن ضمن هذه الشروط أيضاً، أن يكون هناك شخص واحد لكل 20 متراً مربعاً. كذلك في محلات السوبر ماركت ينبغي للجميع استخدام عربة التسوق؛ لضمان المسافات بين الأشخاص ولمساعدة إدارة المحال التجارية في التحكم بعدد الزبائن. 

التزام البيوت مستمر

لكن طبقاً لما رصده "عربي بوست" في جولة ميدانية بمدينة هامبورغ، كان الغالبية العظمى من الناس ملتزمين بالبقاء في المنزل، وظهرت الشوارع التجارية التي تزدحم عادة بالناس، فارغة إلى حد كبير.

وعند الدخول إلى بعض المواصلات العامة، كانت تبدو غير ممتلئة على الإطلاق حتى في أوقات الذروة. وهو ما يعكس خشية الناس وإصرارهم على البقاء بالمنزل.

وسائل المواصلات شبه فارغة في هامبورغ
وسائل المواصلات شبه فارغة في هامبورغ

وعلى الرغم من أن قرار فرض ارتداء "الكمامة" في أثناء التسوق والمواصلات العامة لن يبدأ تطبيقه قبل يوم الإثنين القادم، فإن الظاهر بالشوارع هو التزام الناس بارتدائها.

وأعلِنَ يوم الثلاثاء 21 أبريل/نيسان، عن إصابة 1785 شخصاً بفيروس كورونا المستجد، ليرتفع مجمل الإصابات إلى 143457 حالة، في حين وصل إجمالى الوفيات إلى 4598 حالة.

قيود لم تخفف بعد

لكن تخفيف إجراءات الحظر استثنى عديداً من أماكن التجمعات. لا تزال أماكن اللعب للأطفال مغلقة سواء الخارجية أو المغلقة. 

ورغم أنه بإمكان الأفراد التنزه في الحدائق العامة والتمشية وممارسة الرياضة بشكل منفرد أو مع الأُسرة، فإن هناك قيوداً تتضمن عدم مصاحبة أكثر من شخص واحد من خارج الأسرة، والتزام مسافة التباعد المقررة بمتر ونصف المتر.

الصورة لأحد المطاعم في هامبورغ
الصورة لأحد المطاعم في هامبورغ

كما أن المكتبات العامة في ولاية هامبورغ لا تزال مغلقة حتى الآن، ولن يعاد فتحها حتى يوم 11 مايو/أيار القادم.

كذلك لم تُستثنَ المطاعم والمقاهي من إجراءات الحظر، باستثناء مطاعم التسليم السريع.

مخاوف من عودة الدراسة

في ولاية هامبورغ، تنتهي الدراسة رسمياً يوم 24 يونيو/حزيران القادم. لذلك قررت الولاية إعادة فتح المدارس بدءاً من 4 مايو/أيار للصفوف النهائية.

هذه العودة ستكون مشروطة بتقليل كثافة الفصول وعدد ساعات الدراسة، إلا أن التفاصيل لم تعلَن بعد.

 لكن هذا القرار قوبل بكثير من القلق بين الألمان، حيث تصدَّر هاشتاغ #SchulboykottDE (مقاطعة المدارس)، قائمة الهاشتاغات الأعلى تداولاً في ألمانيا يوم الأحد 20 أبريل/نيسان.

ويخشى كثير من الآباء الذين التقاهم "عربي بوست" من ذهاب أبنائهم إلى المدارس واختلاطهم بأطفال آخرين.

وذكر أحدهم أنه تصعب السيطرة على سلوك الأطفال وضمان اتباعهم تعليمات النظافة وعدم تبادل أشيائهم الخاصة مع زملائهم، وهو ما يجعل المخاطر مرتفعة.

لكن في المقابل، يرى البعض أن هناك وجهة نظر سياسية في هذا الأمر، تتمثل في وجوب "ترتيب حياتنا واعتيادنا وجود هذا الفيروس حتى يتم اكتشاف لقاح له".

المساجد ودور العبادة

أما بالنسبة للمساجد ودور العبادة، فكان المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية صرح يوم الأربعاء 15 أبريل/نيسان، بأنه لا يوجد سبب يدعو إلى تغيير تعليمات حظر التجمعات في دور العبادة بالوقت الحالي.

وذكر المتحدث أن وكيل وزارة الداخلية، ماركوس كريبر، سيجري محادثات مع ممثلي طوائف دينية مختلفة يوم الجمعة المقبل؛ لبحث شروط تخفيف محتمل لإجراءات تقييد الاختلاط السارية حالياً في دور العبادة.

وسيشارك في المناقشات ممثلون عن الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية والمجلس المركزي لليهود ومجلس التنسيق الإسلامي.

وفي إشارة إلى شهر رمضان الذي سيبدأ الأسبوع المقبل، قال المتحدث إن الإجراءات الضرورية للحد من أعداد الإصابات وضعت المسيحيين أمام تحديات كبيرة خلال فترة عيد القيامة، موضحاً أن ذلك انطبق أيضاً على اليهود في عيد الفصح، وسينطبق على المسلمين في رمضان أيضاً.

صورة من إحدى الحدائق بولاية هامبورغ
صورة من إحدى الحدائق بولاية هامبورغ

وأضاف المتحدث: "يتعين علينا جميعاً أن نتعامل مع الأمر، وهذا ليس سهلاً بالنسبة لنا"، مؤكداً في المقابل أن الأولوية حالياً لصحة الأفراد.

وأوضحت نتائج استطلاع للرأي في ألمانيا، أجراه معهد "إينسا كونزوليره" لصالح صحيفة "تاغس بوست" الكاثوليكية، أن أكثر من ثلثي الألمان لا يرون ضرورة لإقامة التجمعات الدينية في دور العبادة كإقامة القداسات والصلوات الجماعية في أزمة كورونا.

في المقابل، أظهر الاستطلاع نفسه الذي نُشرت نتائجه الخميس 16 أبريل/نيسان 2020، أن 12% فقط من الألمان يعتقدون ضرورة السماح بإقامة تجمعات دينية ميدانية في أثناء الجائحة.

تشديد بعدم مرور الخطر

في الواقع، لا يوجد فرق شاسع بين إجراءات الحظر قبل 20 أبريل/نيسان وبعده. ما زالت المدارس والسينما ودور العبادة والصالات الرياضية مغلقة، فيما عدا فتح المحلات التي لا تتجاوز مساحتها 800 متر.

وعلى مستوى الخروج من المنازل، يدرك المواطنون أيضاً خطورة الوضع، فما زالت هناك حالات إصابات ووفيات جديدة.

وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مؤتمر منذ يومين، أنه "لا ينبغي لنا أن نشعر بالأمان ولو لثانية واحدة، فالخطر ما زال موجوداً".

وربما ساهمت تصريحات المستشارة الألمانية المحذِّرة من وقوع انتكاسة جديدة، والداعية إلى تغيير الألمان لأسلوب حياتهم، في استمرار التزام التعليمات ومحاولة البقاء في المنازل.

تحميل المزيد