لم يكن يدرك عبدالعزيز، أحد الذين يداومون على الصلاة في مسجد لينوود بمدينة كرايست تشيرش النيوزيلندينة، أن حياته ستتعرض لمفترق طرق ظهر الجمعة 15 مارس/آذار 2019.
عبدالعزيز، الذي تنحدر أصوله من العاصمة الأفغانية كابول ذو 48 ربيعاً، كان الشخص الذي واجه منفذ هجوم نيوزيلندا، وهو يرى الضحايا يتساقطون، حتى أنه أمسك بأول شيء وقعت عيناه عليه، وهو آلة بطاقة ائتمان، وركض خلف هذا المسلح وهو يصرخ "توقف!"
عبدالعزيز البطل
من الطبيعي أن يصف الناس، عبدالعزيز بالبطل لأنه منع سقوط مزيد من الضحايا بعدما ركض خلف المسلح وطارده قبل أن يفر الأخير مسرعاً بسيارته، وذلك حسب تقرير لوكالة Associated Press الأمريكية.
لكن عبدالعزيز، الذي ظل أبناؤه الأربعة وعشرات المصلين الآخرين في المسجد خلال مواجهته للمسلح، قال إن أي شخص كان ليفعل ما فعله.
وأسفر الهجوم الإرهابي على المسجدين عن مقتل 49 شخصاً، فيما يُعد أعنف حادثة إطلاق نار جماعي في تاريخ نيوزيلندا الحديث.
ويُعتقد أن المسلح قتل 41 شخصاً في مسجد النور قبل أن يقود سيارته مسافة تصل إلى 5 كيلومترات عبر البلدة للهجوم على مسجد لينوود، حيث قتل سبعة أشخاص آخرين. ولفظ شخص آخر أنفاسه الأخيرة في المستشفى لاحقاً.
تسببت شجاعة عبدالعزيز في تقليل عدد الضحايا
اتُهم الأسترالي برينتون تارانت (28 عاماً) المؤمن بتفوق العرق الأبيض بارتكاب جريمة القتل بعد تنفيذه للهجوم، وقال قاض في نيوزيلندا اليوم السبت 16 مارس/آذار إنه من المنطقي أن يتبع ذلك توجيه مزيد من الاتهامات إليه.
لطيف علبي، أحد أئمة مسجد لينوود، أثنى على شجاعة عبدالعزيز، وقال إن عدد القتلى كان يمكن أن يصل إلى رقم أكبر بكثير في مسجد لينوود لولا شجاعة عبدالعزيز.
وأضاف أنه سمع صوتاً خارج المسجد نحو الساعة 1:55 مساء الجمعة 15 مارس/آذار وقطع الصلاة التي كان يؤمها ونظر من النافذة، ليرى رجلاً يرتدي ملابس عسكرية سوداء وخوذة ويحمل بندقية كبيرة، لكنه اعتقد أنه كان شرطياً. ثم رأى جثتين وسمع المسلح يصرخ بكلمات بذيئة".
وقال علبي: "أدركت أن هذا شيء آخر. هذا قاتل".
مشهد مخيف في المسجد
صاح لطيف علبي، أحد أئمة مسجد لينوود في تجمع المصلين الذي كان يضم أكثر من 80 شخصاً لينخفضوا، ولكنهم ترددوا. خرجت إحدى الطلقات النارية وتحطمت إحدى النوافذ وسقط قتيل، حينها أدرك الحضور أن ما يجري كان حقيقياً.
وأردف علبي قائلاً: "ثم جاء هذا الأخ (عبدالعزيز) وركض خلف هذا القاتل، وتمكن من دحره، وهكذا جرى إنقاذنا. وإلا كنا في عداد الموتى لو تمكن المسلح من اقتحام المسجد".
حاول عبدالعزيز تشتيت انتباه المسلح
قال عبدالعزيز إنه ركض خارج المسجد وهو يصرخ وكان يأمل في تشتيت انتباه المسلح، موضحاً أن الأخير ركض عائداً إلى سيارته ليحصل على بندقية أخرى، قبل أن يُلقي عبدالعزيز جهاز بطاقة الائتمان عليه.
وأضاف أنه كان بإمكانه سماع ولديه الصغيرين، البالغين من العمر 11 عاماً و5 أعوام، وهما يتوسلان إليه للعودة إلى داخل المسجد.
وذكر عبدالعزيز أن المسلح عاد مرة أخرى مطلقاً النار على المسجد، وأنه (عبدالعزيز) ركض مختبئاً خلف السيارات المصطفة في الممر، التي منعت المسلح من إطلاق النار بدقة. ثم وجد عبدالعزيز بندقية تركها المسلح وأمسك بها ووجهها إليه وضغط على الزناد، لكنها كانت فارغة.
وتابع قائلاً إن المسلح عاد مسرعاً إلى سيارته مرة ثانية، ليحصل على سلاح آخر على الأرجح.
ثم طارد المسلح في الشوارع
قال عبدالعزيز إن المسلح كان يسبه ويقول إنه سيقتلهم جميعاً، لكنه انطلق بعيداً بسيارته.
وأضاف أنه طارد السيارة في الشارع إلى أن توقفت في إحدى الإشارات المرورية، قبل أن تنعطف وتنطلق مسرعة.
وتشير مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت إلى أن ضباط الشرطة نجحوا في إجبار السيارة على الخروج عن الطريق، وإخراج المشتبه به منها بعد وقت قصير.
وقال عبد العزيز، إنه غادر بلاده لاجئاً عندما كان فتى وعاش أكثر من 25 عاماً في أستراليا، قبل أن ينتقل إلى نيوزيلندا منذ عامين.
وأكد عبدالعزيز أنه لم يشعر بالخوف عند مواجهة المسلح، بل كان الأمر وكأنه في وضع الطيار الآلي، وأنه يؤمن بأن الوقت لم يكن قد حان للانتقال إلى جوار ربه.