أعلنت شركتا فيسبوك وتويتر، الجمعة 15 مارس/آذار 2019، أنهما ستحذفان المحتوى الذي يُظهر إطلاق النار على مسجدين في نيوزيلندا والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 49 شخصاً.
وبث مسلح لقطات حية للهجوم، على الإنترنت، من مسجد في مدينة كرايستشيرش، على غرار عمليات القتل في ألعاب الفيديو، بعد أن نشر بياناً يندد فيه بالمهاجرين.
وفي مقطع الفيديو الذي نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي في أثناء تنفيذ الهجوم، يظهر المهاجم وهو يقود سيارته إلى مسجد ثم يدخله ويطلق الرصاص عشوائياً على من بداخله.
وأظهر المقطع مصلين، ربما كانوا قتلى أو مصابين، وهم راقدون على أرضية المسجد. ولم يتسنَّ لـ "رويترز" التحقق من صحة اللقطات.
الأمن يطالب مواقع التواصل الاجتماعي لحذف المقاطع
وكتب موقع فيسبوك: "أخبرتنا الشرطة بشأن مقطع الفيديو بعد فترة وجيزة من بدء البث المباشر، وحذفنا حسابي المهاجم على فيسبوك وإنستغرام وكذلك المقطع على نحو السرعة".
واستكمل: "نحذف أيضاً أي إشادة بالجريمة، أو دعم لها ولمنفذها أو منفذيها فور علمنا بذلك".
وكتب تويتر أن لديه "آليات شديدة الدقة وفريقاً متفانياً للتعامل مع الحالات الملحّة والطارئة". وأضاف: "نتعاون أيضاً مع الأجهزة الأمنية لتسير تحقيقاتهم كما ينبغي".
كما قال موقع يوتيوب التابع لـ "جوجل": "نرجو أن تعلموا أننا نعمل بجهد لإزالة أي مقطع ينطوي على عنف".
وأصبحت خدمات البث المباشر مكوناً رئيسياً من استراتيجية النمو للشركات المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي في الأعوام القليلة الماضية. لكن، تزايد الإقبال عليها من مستخدمين لبثّ محتوى صادم وعنيف.
وفي عام 2017، بث رجل في تايلاند لقطات حية على فيسبوك في حين كان يقتل ابنته. وحذف الموقع المقطع بعد أكثر من يوم وبعدما سجل نحو 370 ألف مشاهدة.
شركات التكنولوجيا "لا تنظر إلى هذا باعتباره أولوية"
وأشارت شبكة CNN الأمريكية إلى أن هذه هي أحدث حالة تفاجأ فيها شركات التواصل الاجتماعي بنشر القتلة فيديوهاتٍ لجرائمهم، ثمَّ نشر المستخدمين الآخرين تلك الفيديوهات المزعجة. حدث هذا الأمر في الولايات المتحدة، وتايلاند، والدنمارك، وبلدان أخرى.
ويعيد فيديو حادث الجمعة 15 مارس/آذار 2019، إثارة التساؤلات بشأن كيفية تعامل منصات التواصل الاجتماعي مع المحتوى المسيء: هل تقوم الشركات بما يكفي لمحاولة رصد هذا النوع من المحتوى؟ وما مدى السرعة التي ينبغي أن نتوقع من الشركات إزالة ذلك المحتوى خلالها؟
قالت لوسيندا كرايتون، المستشارة البارزة بمنظمة "Counter Extremism Project" (مشروع مكافحة التطرف)، وهي منظمة للسياسة الدولية: "في حين تقول كلٌّ من منصات جوجل ويوتيوب وفيسبوك وتويتر إنَّها تتعاون وتتحرك لعمل ما هو أفضل لمصلحة الموطنين لحذف هذا المحتوى، فإنَّها في الحقيقة لا تفعل ذلك، لأنَّها تسمح بمعاودة ظهور تلك الفيديوهات طوال الوقت".
وبدا أنَّ أدوات الذكاء الاصطناعي والمشرفين البشريين بـ "فيسبوك" عاجزون عن رصد البث الحي للهجوم. إذ تقول الشركة إنَّ الشرطة النيوزيلندية هي مَن نبَّهتها.
قالت لوسيندا: "شركات التكنولوجية بالأساس لا تنظر إلى هذا الأمر باعتباره أولوية، إنَّهم يضربون كفاً بكف ثُمَّ يقولون إنَّ هذا مروع. لكن ما لا يفعلونه هو منع (مقاطع الفيديو) من الظهور مجدداً".
من ينشر الفيديوهات يُعتبر "جزءاً من الهجوم"
وقال جون باترسبي، خبير مكافحة الإرهاب بجامعة ماسي النيوزيلندية، إن البلاد قد تجنَّبت وقوع الهجمات الجماعية الإرهابية، جزئياً بسبب عُزلتها. لكنَّ مواقع التواصل الاجتماعي غيَّرت هذا.
وأضاف: "بثَّ هذ الرجل هجوم إطلاق النار مباشرةً، واحتفى به مؤيدوه، ومعظمهم ليسوا في نيوزيلندا. وللأسف، بمجرد أن يُوجَد مقطع الفيديو ويجري تحميله (Download)، يصبح بالإمكان الاستمرار في نشره على الإنترنت".
وقال ستيف مور، وهو عميل خاص مُشرِف سابق بمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) ومحلل إنفاذ القانون لدى شبكة CNN، إنَّ انتشار الفيديو قد يُمثِّل إلهاماً للمُقلِّدين.
وأضاف: "هذا ما سأقوله للجمهور: هل ترغبون في مساعدة الإرهابيين؟ لأنَّكم إن كنتم تريدون ذلك، فنشر الفيديو هو بالضبط ما عليكم فعله".
وتابع: "لا تنشروا الفيديو، وإلا فستكونون جزءاً من هذا الهجوم".