لمَّح مسؤولون كبار في مقاطعة شينجيانغ الصينية إلى أن نظام مراكز اعتقال المسلمين في شينجيانغ ربما يمكن التخلُّص منه يوماً ما.
وأوضحت صحيفة The Guardian البريطانية أنه في خضم دفاعهم عن سياساتهم خلال جلسة تشريعية لمجلس الشعب الصيني، قال مسؤولون رسميون إن المعسكرات -التي تصفها الصين بأنها مراكز للتدريب مهني- قد يجري التخلُّص منها إذا انتهت الحاجة لها.
وقال شوهرات ذاكر، حاكم المقاطعة وأكبر مسؤول إيغوري رسمي، وفق ما نقلته الصحيفة البريطانية، الأربعاء 13 مارس/آذار 2019: "بشكل عام، سيتناقص عدد الطلاب في المراكز. وستختفي المراكز التدريبية إذا استغنى مجتمعنا عنها يوماً ما".
الإفراج عن نسبة كبيرة من الأقلية المسلمة
ويأتي تعليق ذاكر، بعد شهور من النقد الدولي المتزايد، علامةً على ما قد يكون مرحلةً جديدةً في حملة الصين على مقاطعة شينجيانغ؛ إذ تعجز الحكومة المحلية على تحمل تكلفة المراكز بشكل دائم، وأن نسبة كبيرة من السكان اجتازوها بنجاح بها.
يقول والتبت أدريان زينز، الباحث المختص بشؤون شينجيانغ: "هذا البيان يمكن أن يكون إشارةً إلى أن نسبةً كبيرة من المحتجزين حالياً قد يُفرَج عنهم في مرحلةٍ ما. وهو أيضاً مؤشرٌ واضح على أن الدولة تعتقد أن حملة إعادة التأهيل قد نجحت بشكل أساسي".
ووفقاً لزينز، من غير المُرجَّح أن تُغلَق مراكز اعتقال المسلمين في شينجيانغ بشكل كامل، فالتهديد بإعادة بعض الأشخاص إليها قد يكون أداةً جديدة في عملية السيطرة. وقال: "أعتقد أنها (المعسكرات) جزءٌ من خطة طويلة الأمد للسيطرة الاجتماعية بشكل عام، لا في شينجيانغ وحدها".
فوفقاً لبعض التقارير المستندة إلى شهادات أقارب المحتجزين، فإن الإفراج عن المحتجزين يجري بشكل بطيء؛ لكنهم يظلون تحت الإقامة الجبرية. وتقول تقارير أخرى إن المعسكرات تغذي نظام عمالة إجبارية، حيث يُطلَق سراح المحتجزين؛ لكنهم يؤمرون بالعمل في مصانع للنسيج.
وقال ذاكر في تصريحاته، الثلاثاء 12 مارس/آذار 2019، إن الطلاب يصبحون قادرين على كسب 1500 أو 2000 يوان (220-300 دولار) شهرياً بعد تدريبهم.
الصين تُصر على اعتبار الاتهامات الموجهة إليها "ملفقة"
لكن شهادات لمحتجزين سابقين وأقاربهم وبعض المقيمين الحاليين والسابقين في شينجيانغ، بالإضافة إلى وثائق حكومية وصور التقطتها الأقمار الاصطناعية، ترسم صورةً لما يصفها الحقوقيون بأنها حالةٌ مقلقة من الانتهاكات الحقوقية الجماعية في شينجيانغ.
وصف ذاكر، هذا التصوير للوضع في شينجيانغ بأنه "ملفقٌ بالكامل"، و"سخيفٌ للغاية". إذ قال إن المعسكرات "تشبه المدارس الداخلية"، حيث يحصل الطلاب على إقامة مجانية، وتدريب لمهاراتهم، وفصول لتدريس اللغة الصينية وتعليم القانون الصيني. وبإمكان الطلاب -كما يصفهم المسؤول- أن يذهبوا إلى منازلهم خلال العطلات الأسبوعية والتحدث بلغاتهم الأم.
وبما أن مراكز اعتقال المسلمين في شينجيانغ لا تحتوي على أي أنشطة دينية -كما تنص القوانين الصينية- قال إن الطلاب "أحرار في ممارسة شعائرهم بعد العودة إلى المنزل أو بعد التخرج". وأضاف: "إننا نحترم ونحمي معتقدات الطلبة الدينية بشكل كامل".
لكن معتقلين سابقين أخبروا صحيفة The Guardian البريطانية بأنهم عوقبوا بسبب التحدث بأي لغة غير اللغة الصينية الشمالية (الماندرين)، وأنه لم يُسمَح لهم بالمغادرة أو التواصل مع ذويهم، وهي شهادة تطابق ما جاء في تقارير إعلامية أخرى.
بينما تواصل بكين اعتقال مزيد من النشطاء المسلمين
وفي حين تتعالى أصوات أقارب المحتجزين في شينجيانغ، فإن النشطاء أيضاً يقعون تحت ضغط. إذ وُضِعَ الناشط البارز سيريكشان بيلاش تحت الإقامة الجبرية بكازاخستان، في حين ينتظر محاكمته بزعم دعوته إلى "الجهاد" ضد الحكومة الصينية.
يُعتقد أن تشن كوانغو، سكرتير الحزب الشيوعي بشينجيانغ، هو مَن هندَسَ هذه الإجراءات منذ نقله من التبت إلى المقاطعة عام 2016. وفي تصريح نادر له يوم الثلاثاء 12 مارس/آذار 2019، أشاد تشن باستخدام اعتقال المسلمين في شينجيانغ في تجمعات "الوحدة العرقية"، قائلاً إن "الشعب بجميع عرقياته سيحظى بمزيد من التبادل والتواصل خلال عملية العيش والدراسة والعمل معاً".
ومنذ وصول تشن، أقامت شينجيانغ الآلاف من أقسام الشرطة ونقاط التفتيش، إلى جانب برامج تهدف إلى إدماج عرقية الإيغور بشكل أكبر في ثقافة الهان الصينية. علاوة على ذلك، تزرع مبادرة "لنصبح عائلة" مسؤولاً صينياً من الهان ليعيش مع الأسر المسلمة، بهدف "مراقبة أي نشاط غير عادي والإبلاغ عنه".
وباستخدام التشبيه نفسه الذي يطلقه المسؤولون الرسميون غالباً عند مناقشة شؤون شينجيانغ، قال تشن: "نقود أفراد جميع العرقيات إلى حب الوحدة كما يحبون أعينهم، والتمسك بالوحدة كما يتمسكون بحياتهم، والحفاظ على قرب بعضهم من بعض مثل حبيبات الرمان".