يسود نقاش في سويسرا حالياً، حول غرامة قدرها 210 فرنك (187 يورو تقريباً) فُرضت على شاب سويسري المولد تركي الأصل، عمره 22 عاماً، سُمي أورهان (اسم مستعار)، لأنه حيّا زميله في مدينة شافهاوسن بقول "الله أكبر"، في شهر مايو/أيار من العام الماضي.
ويقول الشاب إنه فرح لرؤية زميله فحيّاه بالقول: "السلام عليكم.. الله أكبر".
وذكر الشاب لموقع "بليك" السويسري أنه لم يُرد استفزاز الناس والهتاف بـ "الله أكبر"، بل كانت مجرد تحية لصديقه، وأن الشرطة أخطأت في حقه. مشبهاً ذلك بقول شخص سويسري لآخر لم يره منذ وقت طويل: "يا إلهي.. كم هي جميلة رؤيتك".
وفسَّرت شرطية مدنية كانت تقف على مسافة 15 متراً عنهما ذلك على نحو آخر، بحسب الشاب، واعتبرت هذه المقولة مسببة لإزعاج العامة، فتحقَّقت من بياناته الشخصية، وسجَّلت مخالفة ضدَّه قيمتها 150 فرنكاً، يُضاف إليها 60 فرنكاً رسوماً إدارية.
وفيما إذا كان قوله "الله أكبر" قد أخاف أحداً من المارة أو أصابه بالذعر، يقول الشاب للموقع المذكور، إنه كان هناك 3 أشخاص فقط، هو وزميله والشرطية.
في المقابل قال المتحدث باسم الشرطة باتريك كابريتز: كانت هناك احتمالية لأن يخاف الناس، أو يشعروا بالذعر في المكان العام في تلك الساعة، زاعماً أن الشارع يشهد حركة مرور قوية في ساعات الازدحام المسائية هناك، لذلك قامت الشرطية على نحو صائب بتسجيل المخالفة.
وقال كابريتز إن الشرطة في المدينة لديها تفويض أساسي بضمان الأمن، وأن صيحة "الله أكبر" أصبحت كثيراً ما تُطلق قبل تنفيذ الأعمال الإرهابية في جميع أنحاء العالم في الماضي القريب، لذا ينبغي تفحّص وقائع مثل هذه بشكل أدق. وتحدَّثت شرطة المدينة عن الواقعة على أنها "حالة فردية"، ولا تنوي اتخاذ تدابير خاصة في هذا الصدد.
ويريد الشاب الطعن في الغرامة المفروضة عليه، مؤكداً أنه سيواصل قول "الله أكبر"، "أقولها 50 مرة في اليوم، إنها ليست مستنكرة، وتنتمي إلى ديننا".
مجموعة مناهضة للعنصرية ترفع دعوى ضد الشرطية
كما كشف موقع "20 مينوتن" عن تقديم مجموعة تتكون من 50 شخصاً تقريباً من الأجانب ومزدوجي الجنسية، موجودين على الإنترنت تحت اسم "لينكه بيبل أوف كلر زيوريخ"، دعوى جنائية عبر البريد ضد الشرطية بتهمة التمييز العنصري.
وقد شرحت المجموعة في منشور على حسابها بموقع فيسبوك للقراء أن "الله أكبر" تُستخدم في الحياة اليومية في الدول ذات الطابع الإسلامي، حتى من قبل السكان المسيحيين، للتعبير عن السعادة أو التفاجؤ، أو كتحية، كما في حالة الشاب أورهان، وكذلك في سياق ديني كالصلاة.
وبينت المجموعة أن الدعوى تستند إلى أحكام الإسلاموفوبيا والعنصرية المسبقة، عبر ربط التكبير، وضمنياً الإسلام، مع الإرهاب.
Wir, Linke PoC Zürich, haben bei der Staatsanwaltschaft Schaffhausen Strafanzeige wegen Rassendiskriminierung gegen die…
Gepostet von Linke PoC Zürich am Mittwoch, 9. Januar 2019
واعتبرت المجموعة أن الدعوى تعد انعكاساً للإسلاموفوبيا المنتشرة في المجتمع السويسري. فعندما يتم اعتبار تعبير شائع إزعاجاً للعامة فالمشكلة إذا في المجتمع السويسري، الذي يعاني من تزايد العنصرية، وليست في التعبير الشائع.
وعبرت عن اعتقادها بأن الشرطية لم تميز دينياً فحسب ضد أشخاص يعد التكبير جزءاً من لغتهم اليومية في بلدانهم، بل إثنياً وثقافياً. وأكدت المجموعة عدم تواصلها مع الشاب المعني بالقضية، وأنها تصرفت بشكل مستقل، انطلاقاً من التضامن مع المجتمع المسلم.
ونقل موقع "20 مينوتن"، الأربعاء 9 يناير/كانون الثاني 2019، عن النيابة العامة، قولها إن الدعوى المذكورة لم تصلها بعد. وعبر أورهان عن سعادته بهذا الدعم، وشكره للمجموعة، مشيراً إلى أن ردات الفعل كانت كبيرة، حيث تواصلت معه وسائل إعلام دولية، ومشاهير، بشكل شخصي.
ما رأي القانونيين في الواقعة؟
يعتقد المحامي أندرياس فوتريش من مدينة شافهاوسن أنه لا يمكن اعتبار عبارة "الله أكبر" وحدها مسبباً لإزعاج للعامة، وأن باستطاعة الجميع في إطار حرية العقيدة الاستناد إلى معتقدهم الديني، والتعبير عنه.
وأشار إلى إمكانية شعور المستمعين للتعبير من العامة بالخوف أو الانزعاج، نظراً إلى أنه قد تم ترديده عند تنفيذ اعتداءات إرهابية في الماضي، لكنه لفت إلى أنه في هذه الحالة استخدمت من قبل أبناء بلد واحد، أمام ناد ثقافي تركي، أي في دائرة أشخاص مقيدة أو خاصة تقريباً.
وبيَّن أن الأمر كان من الممكن أن يكون مختلفاً لو أن أحدهم صرخ بالعبارة أمام مجموعة كبيرة من الناس وبطريقة استفزازية، مشككاً بوجود إزعاج للعامة في هذه الحالة، داعياً إلى أن يكون النداء غير معاقب عليه في القانون.
وذهب المحامي والخبير القانوني في زيوريخ دافيد غيبور أبعد من هذا، في حديث مع موقع "20 مينوتن"، وقيَّم الغرامة على أنها مخالفة للقانون، لعدم تفسيرها بشكل صحيح، واصفاً العقوبة بأنها تدخّل تعسفي وشديد في حرية المعتقد والتعبير.
وأشار إلى أن "الله أكبر" تعبير ديني لمديح الإله، شائع في كل الديانات التوحيدية.
وتساءل العديد من المعلقين المستائين من الغرامة، على مواقع التواصل الاجتماعي، ما إذا كانت الشرطة ستُعاقِب أيضاً مَن يلقي تحية "غروس غوت- مرحباً (ليباركك الله حرفياً)" الشائعة في جنوب ألمانيا، والنمسا، وسويسرا.
Aber "Grüezi" oder "Grüss Gott" darf man noch sagen? 🤨 pic.twitter.com/oyUQxIAjA8
— Silvan Amberg (@silvan_amberg) January 7, 2019
Hey @schaffhausen @bua_sh,
Ist bei euch auch strafbar, "Grüss Gott" zu sagen?
Oder schikaniert ihr nur Muslime mit solchen Bullshit-Bussen? https://t.co/iZcE07tXmR— Dimitri Rougy 🧐 (@DimitriRougy) January 7, 2019