يلجأ بعض المواطنين في فنزويلا إلى سرقة المقتنيات الثمينة وحتى الرفات البشري في المقابر، بسبب الفقر والانهيار الاقتصادي، والبعض الآخر يستخدمها في السحر، حتى إن أحد السائقين قال: "مقابر جنوب كراكاس العامة سيئة السمعة، لأنَّ الكثير من السرقات تقع فيها".
جاء ذلك في تقرير نشرته مجلة Newsweek الأميركية، نقلت فيه تصريحات كاهن كان يؤدي مراسم دفن أحدهم، لقناة "فرانس 24″، حيث قال: "سُلِّمت هذه المقبرة للصوص القبور، وهذا تدنيس للمقدسات في نظر الرب". وقال رجل آخر: "في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، كانت الجثث تُدفَن رفقة مصوغات من الذهب، لذا يُلقي المجرمون الآن نظرةً على تواريخ الميلاد والوفاة الموجودة على شواهد القبور، ليفتحوا القبور ويُخرجوا الذهب منها ويبيعوه".
سرقة العظام البشرية من القبور وبيعها
وقالت المجلة الأميركية إنه عندما لا يتمكَّن اللصوص من العثور على أي مصوغات، يلجؤون إلى سرقة العظام البشرية وبيعها. ونقلت المجلة تصريحات أحد الأشخاص لقناة "فرانس 24″، قال فيها: "ينتزعون الرفات من الأرض. الجمجمة تساوي مبلغاً، وكل إصبع يساوي مبلغاً مختلفاً، واليد تساوي مبلغاً آخر. هذا غير مقبول! نحن ندفن الأموات حتى يرقدوا في سلام"، مضيفاً أنَّ المقبرة أصبحت مقراً لممارسة السحر.
وأظهرت لقطات كاميرات المراقبة أنَّ اللصوص اقتحموا أيضاً أضرحة بمقبرة الجنوب العامة المركزية في كاراكاس، حيث دُفِنَت بعض الشخصيات البارزة. واختفى رفات الرئيس السابق خواكين كاسترو، الذي حكم فنزويلا في أواخر القرن التاسع عشر. ونقل التقرير عن رجل يعتقد أنَّ عظام السياسي ربما تكون استُخدِمَت في ممارسة شعائر سانتيرية، وهي ديانة كاثوليكية توفيقية يعتنقها الكوبيون من أصل إفريقي، ونشأت من معتقدات شعب اليوروبا وعاداتهم.
لذلك يحاول أفراد العصابات حماية مقابر أهاليهم من السرقة
وتقع مقبرة جنوب كاراكاس العامة بالقرب من أحد الأحياء الفقيرة، لذا فإنَّ أفراد العصابات الذين يعيشون هناك يشرفون على موتاهم الذين تضمهم المقبرة. وإذا اكتشفوا أنَّ أحدهم انتهك حرمة جثث أقاربهم، فإنَّهم يأتون بلِصِّ المقابر المسؤول ويقتلونه، وذلك بحسب ما قاله أحد متعهدي دفن الأموات للقناة.
وجاء بتقرير صدر في يوليو/تموز 2018، عن وكالة "أسوشييتد برس"، أنَّ مجموعة من الرجال -يُطلق عليهم "paleros" ("الحفارون" باللغة الإسبانية)- يجمعون عظام المقابر لإبرام اتفاق مع الأموات، وفقاً لمعتقداتهم. وبعض هؤلاء الرجال يتقاضون ما يصل إلى 5 آلاف دولار نظير الجمجمة البشرية.
الأموات أحد ضحايا الانهيار الاقتصادي
وتقول المجلة الأميركية إن الأموات في فنزويلا يُعَدون آخر ضحايا الانهيار الاقتصادي، إذ كشفت وكالة "أسوشييتد برس" أنَّ هناك شواهد قبور برونزية تختفي من مقبرة كاراكاس الشرقية، التي تعد واحدة من أعرق المقابر في البلاد.
ومع أنَّ سرقة الشواهد البرونزية ليست ظاهرة جديدة في فنزويلا، شرع الساعون لإعادة بيع المعادن الثمينة، في اقتحام إحدى المقابر التي كانت تعتبر يوماً محصنة ضد النشاط الإجرامي. وفي أعقاب موجة من الغضب اجتاحت الشبكات الاجتماعية لإدانة عمليات السرقة، قال المسؤولون عن مقبرة كاراكاس الشرقية، في بيان، بذلك الوقت، إنَّهم عززوا إجراءات الأمن، لكنَّ التقرير وجد أنَّ غياب الحراس كان ملحوظاً.
تدهور اقتصادي كبير في فنزويلا
وتعاني فنزويلا تدهوراً اقتصادياً بسبب الإجراءات الشعبوية التي اعتمدها النظام التشافيزي (نسبة إلى الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز) ما يقرب من 20 عاماً. وبلغ التضخم في البلد الواقع بأميركا الجنوبية معدلاً مذهلاً بلغ 1.2 مليون في المائة، ومن المتوقع أن يصل إلى 4.3 مليون في المائة بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2018، وفقاً لخبراء الاقتصاد.
وأجبر نقص الأدوية والمواد الغذائية -فضلاً عن انعدام الأمن، وسوء التغذية لدى الأطفال، والبنية الأساسية المعطلة- 3 ملايين فنزويلي على الفرار من بلدهم إلى البلدان المجاورة في أميركا الجنوبية منذ عام 2015.
وبحسب تقرير لوكالة "رويترز"، صدر في أوائل ديسمبر/كانون الأول 2018، شكَّل التضخم الشديد كذلك عقبة أمام الفنزويليين الساعين للعثور على الخشب والمعدن اللازمَين لصناعة التوابيت، وكذلك الأسمنت لبناء المقابر. ونتيجة لذلك، حاول الكثير من الفنزويليين حرق جثث أحبائهم، لكنَّ أماكن حرق الجثث تعاني هي الأخرى نقص غاز البروبان، بسبب ارتفاع الطلب عليه.