وجّه مجلس الشيوخ الأميركي، أمس الأربعاء 12 ديسمبر/كانون الأول، تحذيراً جديداً إلى كلّ من إدارة الرئيس دونالد ترامب والحكومة السعودية بموافقته على إجراء تصويت نهائي على مشروع قانون يمنع واشنطن من الاستمرار في تقديم دعم عسكري للرياض في الحرب التي تخوضها ضدّ المتمرّدين الحوثيين في اليمن.
لكنّ صفوف الجمهوريين بدت أقلّ تراصّاً ممّا كانت عليه خلال أول تصويت إجرائي على مشروع القانون هذا في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، حين بدا أنّ مجلس الشيوخ وجّه ضربة قوية للرئيس ترامب.
ومع هذا فإنّ السخط على الرياض بسبب دورها في الحرب الأهلية في اليمن، وكذلك أيضاً بسبب جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصليتها في إسطنبول، لا يزال قوياً جداً في أوساط الجمهوريين.
ومن المحتمل أن يدفع هذا السخط بمجلس الشيوخ إلى اتّخاذ إجراء منفصل في الأيام المقبلة يتمثّل بتوجيه اتّهام مباشر لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالتورّط في جريمة قتل الصحافي السعودي.
ومن شأن هذا الأمر أن يمثّل انتكاسة أخرى للرئيس ترامب الذي يشكّك باحتمال أن يكون ولي العهد ضالعاً في الجريمة والذي أكّد طوال أسابيع على الأهميّة الاستراتيجية والاقتصادية للتحالف مع الرياض.
أحد أسباب غضب زعماء مجلس الشيوخ الثمانية الذين استمعوا اليوم الى مديرة ال CIA و أجمعوا على ضلوع ولي العهد بالاغتيال هو ان بومبيو و ماتيس و ترمب الذين استمعوا من جينا هاسبل الى المعلومات ذاتها قالوا انه لا يوجد دليل دامغ.
فرد عليهم السناتور غراهام بل "يوجد.. منشار دامغ".— Wajd Waqfi وجد وقفي (@WajdWaqfi) December 4, 2018
والأربعاء وافق مجلس الشيوخ بأكثرية 60 صوتاً (بينهم 11 جمهورياً) مقابل 39 على الانتقال لمرحلة التصويت النهائي على مشروع قانون يمنع الإدارة من تقديم دعم عسكري للرياض في حرب اليمن.
وإثر هذا التصويت شرع السيناتورات في مناقشة التعديلات المقترحة على مشروع القانون قبل إجراء التصويت النهائي عليه، والذي يمكن أن يتمّ في نفس اليوم.
ولكن حتى وإن أقرّ في مجلس الشيوخ، وهو أمر مرجّح، فإنّ النصّ لن يرى النور في مبنى الكابيتول؛ لأنّ الأكثرية الجمهورية في مجلس النواب الحالي كفيلة بوأده حالما يحال إليها، علماً بأنّ هذه الأغلبية ستنتقل من الجمهوريين إلى الديمقراطيين حين تبدأ ولاية مجلس النواب الجديد في 3 يناير/كانون الثاني المقبل.
ولكن حتى وإن وافق مجلس النواب الجديد على مشروع القانون وأحيل النص بالتالي من الكابيتول إلى البيت الأبيض فإنّ ترامب يمكنه عندها استخدام الفيتو الرئاسي ضدّه وإفشال هذه المحاولة من أساسها.
والأربعاء دعا زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إلى التصويت ضد مشروع القانون هذا؛ لأنّه ينال برأيه من صلاحيّات الرئيس المتعلّقة بإعلان الحرب.
ولكنّ ماكونيل أرسل إلى حليفه الوثيق ترامب رسالة تحذير لا تقلّ أهميّة بإعلانه تأييده التصويت على قرار غير ملزم يتّهم فيه مجلس الشيوخ علانية ولي العهد السعودي بالتورّط في قتل خاشقجي.
والإجراء الرامي إلى التنديد بجريمة قتل خاشقجي وتحميل الأمير محمد بن سلمان المسؤولية عنها تقدّم به السيناتور الجمهوري بوب كوركر المعروف بانتقاداته الشديدة للرئيس ترامب، ولكنّ التصويت عليه لن يتمّ قبل الخميس على أقلّ تقدير.
وتوقّع كوركر أن يوافق مجلس الشيوخ بأكثرية ساحقة على مشروعه.
وهناك إجراء ثالث في مجلس الشيوخ يرمي لتجميد مبيعات الأسلحة الأميركية إلى السعودية وفرض عقوبات على المسؤولين عن قتل خاشقجي، ولكنّه لن يحال إلى التصويت قبل حلول العام الجديد.
ويشعر أعضاء المجلس بالاستياء من رد فعل الرئيس دونالد ترامب على قتل خاشقجي وتفاقم الأزمة الإنسانية بسبب الحرب في اليمن.
وتدخّلت السعودية وحلفاؤها في 2015 في النزاع العسكري بين حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والمتمرّدين الحوثيين المسنودين من إيران.
وأدّى النزاع في اليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 10 آلاف شخص قتلوا معظمهم من المدنيين، منذ تدخّل التحالف العسكري بقيادة السعودية في الحرب الدائرة في اليمن في 2015.
هل يدين مجلس الشيوخ الأمريكي رسميا #محمد_بن_سلمان في قتل #جمال_خاشقجي؟ pic.twitter.com/3i88YU6aX1
— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 12, 2018
والدعم الذي يقدّمه الجيش الأميركي للتحالف غير قتالي ويشمل تبادل معلومات استخباريّة وتدريب طيارين على "أفضل الممارسات" في شنّ الغارات الجوية مع تقليل الضحايا المدنيين لأقصى حدّ، بحسب ما تؤكد واشنطن.
وكان البنتاغون يقوم كذلك بعمليات تزويد بالوقود في الجوّ لطائرات التحالف، لكنّه أعلن الشهر الماضي وقف هذه العمليات.