بدا والد الشاب السوري جمال محبطاً، لا يدري كيف ستنتهي الأزمة التي تمر بها عائلته بعد نشر شريطي فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يومي الثلاثاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني، والأربعاء 28 نوفمبر/تشرين الثاني، التي يظهر فيهما تعرُّض ابنه جمال وشقيقته لاعتداءين في حرم "مدرسة ألموندبيري المجتمعية" بمدينة هيدرسفيلد البريطانية من قبل زملائهما.
الوالد أصيب بخيبة أمل من عدم حصولهم على الحماية المرجوة، رغم الوعود والتصريحات الإعلامية التي يطلقها المسؤولون والشرطة عن اهتمامهم بهم.
ليس جمال وحده.. شقيقته أيضاً
وباتت العائلة في وضع لا تُحسد عليه مع تكرر الاعتداءات على ابنيها، فبعد الاعتداء المتكرر على جمال وشقيقته منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تعرضت الأخيرة للضرب وسحب الحجاب من على رأسها في المدرسة، الثلاثاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني، ثم نشر المعتدون فيديو يظهر جزءاً مما جرى على مواقع التواصل الاجتماعي الأربعاء، رداً على الضجة التي رافقت انتشار فيديو الاعتداء على جمال، وفقاً لتقدير الأب.
AssalamalykumThe video is of the Syrian brothers sister being assaulted in Almondbury community school in Huddersfield which took place yesterday 27th November 2018. After speaking to a number of students she has been assaulted on numerous occasions.The students have been threatened by teachers not to speak to us the protesters.We need answers and an independent investigation into this whole story any cover up by the school etc.We need the support of our local and wider community in protest outside the school to show our support and to demand answers. Tomorrow we have ITV and various media covering the protest at 12.30 outside the school please show your support as without it little coverage will be broadcasted like we saw today please show support for this family and others in this situation !JazakAllahkhirMirban (bradford)07764678142 Please share
Gepostet von Luqman Khan am Mittwoch, 28. November 2018
ورداً على سؤال من "عربي بوست" فيما إذا كانت السلطات من شرطة ومجلس مدينة ومدرسة تقوم بواجباتها حيال ما يمرون به من ظروف صعبة، نفى الوالد بشدة ذلك، متحدثاً عن تقاعس الشرطة في التجاوب معه، ضارباً المثل باتصاله بهم بخصوص نشر فيديو ضرب ابنته وعدم قدومهم رغم مرور ساعة ونصف مذاك للحديث في الأمر.
وكانت طالبات صديقات للمجموعة المعتدية على جمال، قد قامت سابقاً بملاحقتها في مرحاض المدرسة والتحرش بها، ثم كسر نظارتها؛ ما دفعها لمحاولة قتل نفسها بجرح معصمها بقطعة زجاج من نظارتها المكسورة، إلا أنها لم تنجح لحسن الحظ، وتم إسعافها.
وأوضح الموظف، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"عربي بوست"، أن المجموعة المعتدية "حوَّلت حياة جمال إلى جحيم، بتهديده بالقدوم لمنزله وضربه هناك، ووضع عائلته أيضاً في حالة قلق دائم".
وقال الأب لـ"عربي بوست"، أمس الأربعاء إنه لن يرسل أولاده الأربعة للمدرسة المذكورة حالياً، وفقاً لما نصحه محاميه، لأنه يعتبر أولاده ليسوا في مأمن خلال تواجدهم هناك.
وذكر محامي العائلة السورية في وقت سابق أنه تم الإبلاغ عن جميع حالات التنمر والاعتداء لموظفي المدرسة، الذين -على الرغم من ملاحظتهم الأحداث- فشلوا في حماية هؤلاء الأطفال من الأذى المستمر.
فيديو خنق الشاب
وكان شريط الفيديو الذي يُظهر تعرُّض جمال (16 عاماً) للضرب والخنق والإيهام بالغرق من قِبل زميله البريطاني، أثار استياءً وغضباً شديدَين بعد انتشاره على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي ووصول عدد مشاهديه للملايين.
British kids beating up Jamal—a Syrian refugee kid w/a broken arm
•This is Huddersfield UK
•Jamal's family literally escaped torture & certain death…for this?
•When media & politicians demonize marginalized communities—like refugees—this is one resultpic.twitter.com/B2XX6nfRTO— Qasim Rashid, Esq. (@MuslimIQ) November 27, 2018
وقال المهاجم الذي أوقعه أيضاً: "سأغرقك!"، قبل أن يرش الماء على وجه جمال، الذي أفلت أخيراً منه وابتعد وهو مغمض الذراع، دون تدخُّل أحد من الطلاب الموجودين في المكان.
وجاء الهجوم الظاهر في الفيديو ضمن حملة تنمر عنصرية لفظياً وجسدياً طالت جمال داخل المدرسة وخارجها من قِبل مجموعة من زملائه، وبعد فترة من محاولة المعتدي ومجموعة من رفاقه توريط جمال في علاقة جنسية مع طالبة، أو نسب اعتداء جنسي إليه، وفشلهم في ذلك، الأمر الذي بلّغت العائلةُ الشرطةَ به، ثم قيامهم بالاعتداء عليه بالضرب؛ ما أدى إلى كسر ذراعه، بحسب ما ذكره موظف مختص بشؤون الهجرة والاندماج، على صلة وثيقة بالعائلة السورية، لـ"عربي بوست"، والذي أوضح أن جمال يبرر هذه الحملة ضده بتفوقه دراسياً على نحو خاص.
رغبوا في إذلاله فنشروا الفيديو
وتم تصوير الفيديو المتداول حالياً عن جمال، قبل قرابة شهر، من قِبل المجموعة المعتدية نفسها ونشروه على تطبيق سناب شات؛ رغبة منهم في إذلال الشاب السوري، كما أوضح الموظف، لكنه انتشر يوم الثلاثاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، على وجه التحديد، بمنصات التواصل الاجتماعي؛ ما أدى إلى تفاعل الناس والسلطات مع القضية.
ورغم الإصابة القوية التي تعرض لها جمال، وإبلاغ المدرسة والشرطة بها، استمرت المجموعة المعتدية عليه في الدوام بالمدرسة كأن شيئاً لم يكن في البداية! ثم تم فصل الشاب المعتدي من المدرسة لاحقاً، لا سيما بعد توكيل العائلة محامياً.
الأب يشتكي من معاملة الشرطة
واشتكى الأب، الراغب في عدم الكشف عن هويته، في اتصال هاتفي مع "عربي بوست"، مساء الأربعاء 28 نوفمبر/تشرين الثاني، من التفرقة التي تمارسها الشرطة مع عائلته، حتى بعد هذه الانتشار الإعلامي لتفاصيل الاعتداء على ابنيه وشريطي الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلاً عن سبب وضع عدة سيارات شرطة أمام منزل المعتدي لحمايته يوم الثلاثاء، بعد ما قيل عن تعرضه لتهديدات، في الوقت الذي لم يحظ منزلهم بحماية تُذكر، رغم تهديد المعتدي بطعن ابنه بسكين، على حد قوله.
وأحاطت الشرطة بمنزل الشاب المعتدي، مساء الثلاثاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2018؛ نظراً إلى قدوم عدد كبير من سكان المدينة المستائين إلى هناك، حيث خشيت السلطات -فيما يبدو- من تعرضه لمكروه. وذكر موقع "ديلي ميل" أن هذا جاء بعد أن تمت مشاركة عنوانه على شبكة الإنترنت، وتم توجيه تهديدات له ولعائلته.
وقال الأب إنه وبعد انتشار فيديو الاعتداء على جمال على مواقع التواصل الاجتماعي الثلاثاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني، تواصل معه وزاره عدد كبير من الناس، وعبر الكثير من المسلمين في المنطقة وجيرانه من بريطانيين وعرب عن تضامنهم معه.
توجيه تهمة الاعتداء للشاب
وكانت غالبية منشورات حساب المعتدي على جمال بموقع فيسبوك تعج بالشتائم والتهديدات الموجَّهة إليه منذ يوم الثلاثاء، لا سيما تلك التي لا يُخفي تعاطفه فيها مع حركة "بريطانيا أولاً" اليمينية المتطرفة والناشط تومي روبنسون، بحسب ما اطلع عليه "عربي بوست".
وكذلك، كان حال حساب والدته على فيسبوك، التي شاركت عليه أيضاً أحد فيديوهات اليميني المتشدد "روبنسون" المذكور.
الأمر الذي دفع البعض لاعتبار الاعتداء على جمال ليس تنمراً، بل "اعتداء ذو دافع سياسي".
Apparently it's not bullying but a politically-motivated assault. Perp seems to have expressed far-right views https://t.co/eLHknO3URd
— Thomas Pierret (@ThomasPierret) November 28, 2018
مدير المدرسة يؤكد عدم التسامح مع هذا السلوك
ونقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن مدير المدرسة، ترفور بوين، زعمه أن أمان الطلاب ورفاههم "يتخذان أهمية فائقة بالنسبة لهم"، واصفاً ما جرى بأنه "حادثة خطيرة جداً".
وأضاف أنه ليس بوسعهم التعليق أكثر من ذلك، وهم يدعمون الشرطة في التحقيق، لكنه يريد أن يكون واضحاً بأنهم لا يتسامحون مع السلوك غير المقبول من أي نوع كان في مدرستهم، على حد ادعائه.
التحقيقات والتحويل إلى المحاكمة
وذكرت الشرطة المحلية، الثلاثاء، أنها تحقق في تقرير عن هجوم عنصري شديد حصل بالمدرسة المذكورة، في الساعة الواحدة ظهراً من يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وأكدت الشرطة، الأربعاء 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، توجيه تهمة الاعتداء إلى الشاب الظاهر في الفيديو المتداول، وأنه سيظهر في محكمة لليافعين بالوقت الملائم، مضيفة أنها حققت أيضاً مسبقاً في الواقعة، التي قيل إنه ذراع جمال كُسرت خلالها في السابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018، داعية إلى عدم مشاركة الفيديو، لأنها قد تضر بسير الإجراءات الجنائية في المستقبل، وفق ما نقل عنها موقع "الإندبندنت".
صدمة وتضامن كبير من مشاهير
ووصف مقدم البرامج التلفزيونية جيرمي فاين مقطع الفيديو بأنه "محطم للقلب"، داعياً إلى مساعدة الضحية.
I'm trying to resist naming the bully in this film — his name is all over Twitter anyway.
More important, is it possible to do anything for the victim? A Syrian refugee who already had a broken wrist, apparently from a similar attack.
Heartbreaking. pic.twitter.com/iej9Vb5grd— Jeremy Vine (@theJeremyVine) November 27, 2018
واعتبر البرلماني باري شيرمان، على حسابه بموقع تويتر، الفيديو "صادماً"، قائلاً إنه يدعم العائلة منذ أن تم لفت انتباهه إليها أول مرة، مشيراً إلى أنه وبحسب ما فهمه من السلطات، فإن المدرسة اتخذت إجراءات قوية في هذا الصدد.
Video of assault against one of my constituents absolutely shocking. Have been supporting the family since it was first brought to my attention. Understand from council that the school have taken strong action. Will be following up to ensure all available support is being given!
— Barry Sheerman (@BarrySheerman) November 27, 2018
وطلب مقدم البرامج التلفزيونية لدى "بي بي سي"، جيك هامفري، من شيرمان معرفة النادي الذي يشجعه جمال، كي يرسل إليه رحلة مدفوعة التكاليف إلى مباراة.
Hi @BarrySheerman. If you're in touch with Jamal's family please find out which football team he/they support and let me buy them an all-expenses paid trip to a game. Thanks.
— Jake Humphrey (@mrjakehumphrey) November 27, 2018
كما قال حارس نادي هدرسفيلد تاون الذي يلعب في الدوري الإنكليزي الممتاز، إنه يريد إظهار حبه بدعوة جمال وعائلته ليكونوا ضيوفه في مباراة للفريق.
I completely agree with @mrjakehumphrey. I'd like to show my love to Jamal by inviting him and his family to a @htafcdotcom game as my guest. Can someone help me contact the right person connected with Jamal to arrange this please?
— Jonas Lössl (@JonasLoessl) November 28, 2018
جمع أكثر من 100 ألف جنيه إسترليني من متعاطفين مع العائلة
ومع انتشار فيديو الواقعة وتعاطف الكثيرين من مشاهديه مع الشاب السوري وعائلته، بدأ شخص يدعى محمد طاهر حملة تبرع للعائلة على "غو فند مي"، لتتدفق عليها الأموال وتصبح ضمن "تريند" الموقع، ويصل المبلغ حتى كتابة هذه الأسطر صباح الخميس إلى قرابة 118 ألف جنيه إسترليني.
وبدا مفتتِح الحملة غير ذي صلة بالعائلة السورية، إذ كتب لاحقاً على صفحة الحملة، أن الموقع طلب منه معلومات إضافية للتأكد أن المال سيصل للأناس المعنيِّين بها، موضحاً أن صديقه الذي يعمل بالأعمال الخيرية في هيدرسفيلد، وضمن ذلك تقديم المعونة للاجئين، على تواصل مع العائلة، وأعلمهم بأمر الحملة، على حد زعمه.
وأشار إلى أنه يخطط لإضافة الأوصياء على جمال ليكونوا مستفيدين من مجموع الأموال المتبرع بها، ويعمل مع شخص من الموقع للتأكد من وصول المال لهم، مبيناً أن المبلغ الذي يهدف إلى جمعه يزيد تباعاً، حيث كان المبلغ في البداية 15 ألف جنيه إسترليني، وأصبح الآن 150 ألفاً.
وأكد الموظف المقرب من العائلة لـ "عربي بوست"، الثلاثاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أن الأب لم يكن يعرف شيئاً عن هذه الحملة، وأنه غير راضٍ حتى عن فتح باب التبرع، لا سيما أن العائلة ليست بحاجة للمال.
العائلة خرجت من سوريا قبل الحرب
وعائلة جمال من مدينة حمص، وخرجت من البلاد قبل الانتفاضة السورية والحرب، إلى لبنان؛ خوفاً على حياتهم، بعد اختطاف النظام السوري عدداً من أفراد عائلته، وتعرضهم لتعذيب مروع تسبب في استشهاد أحد أفراد العائلة، بحسب محاميه.
وبقيت العائلة هناك حتى عام 2016، عندما انتقلوا للعيش في هيدرسفيلد بالمملكة المتحدة عبر برنامج الأمم المتحدة لإعادة التوطين اللاجئين.
وذكر الموظف المختص بالاندماج الذي يعمل مع العائلة السورية، أن الأب كان يعمل بالمقاولات في لبنان، وسبق أن طالب بعودته إلى هناك، لدى رفض جلب والدته إلى بريطانيا أيضاً كما تم وعده سابقاً.