أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الثلاثاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني، تصريحه الرسمي حول موقفه من مقتل جمال خاشقجي كاتب مقالات الرأي في صحيفة Washington Post الأميركية، وموقفه من المملكة العربية السعودية.
وقالت مجلة Forbes الأميركية إن بيان الرئيس الأميركي يأتي قبل يومين من عيد الفصح، الذي يركز خلاله الأميركيون على أنفسهم وعائلاتهم. لكن تأكد أنَّ الرياض كانت تركز على الأميركيين أيضاً.
ورصدت المجلة بعض النقاط المهمة التي تكلم عنها ترامب في بيانه وكانت كالتالي:
- ركز ترامب على الشراكة بين السعودية والولايات المتحدة، والتهديد الذي تشكله إيران على واشنطن وحلفائها، وقال إنَّ السعودية كانت "حليفاً رائعاً في حربنا المهمة جداً ضد إيران".
- بالمثل، لفت ترامب الانتباه إلى أنَّ "السعودية وافقت على إنفاق مليارات الدولارات في قيادة الحرب ضد الإرهاب الإسلامي المتطرف".
- وأشار كذلك إلى صفقات مبيعات بقيمة مئات المليارات من الدولارات وقعتها الولايات المتحدة مع السعودية، من بينها مبيعات أسلحة عسكرية ضخمة.
- وسلَّط الرئيس الضوء على أنَّ السعودية "كانت مستجيبة للغاية لطلباتي بالحفاظ على أسعار النفط عند مستوياتٍ معقولة".
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب قال بعض النقاط التي أثارت على الأرجح قلق القادة في الرياض مثل:
- قال صراحةً إنَّه "من المحتمل جداً أنَّ وليّ العهد كان على علم" بمخطط قتل خاشقجي.
- بعد الإشارة إلى هذه الاحتمالات، فرَّق ترامب بين الحكام والدولة السعودية؛ فقال: "على أي حال، علاقتنا هي مع المملكة العربية السعودية". بمعنى آخر، هو سعيد بالأمور التي تفعلها السعودية وتعود بالنفع على الولايات المتحدة، لكنَّه غير مستعد للوقوف بجانب أي فرد من أفراد القيادة السعودية، على الأقل ليس الآن.
- قال ترامب إنَّه مستعدٌّ لدراسة أية أفكار يطرحها الكونغرس حول معالجة المشكلات مع السعودية. وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ هناك كثيراً من أعضاء الكونغرس والنواب الذين ينتقدون السعودية صراحةً.
وتقول بعض التعليقات الصحافية الاستفزازية وفقاً لتقرير Forbes إنَّ الرئيس ترامب ببيانه يسمح للسعودية بالإفلات بفعلتها، لكنَّ هذا ليس هو ما يحدث هنا.
وقالت المجلة إن في الدول ذات الحكم الملكي المطلق مثل السعودية، يكون الغرض من الحكومة هو دعم الملك (وفي هذه الحالة وليّ العهد السعودي). وما حدث هو أنَّ الرئيس ترامب أعرب عن دعمه للسعودية وليس القيادة الملكية الحالية. ورغم أنَّ كبار القادة في السعودية كانوا يسعون للحصول على دعمٍ للملك وولي العهد، لم ينالوا أياً من هذا.
وتكمن المشكلة التي تواجه القيادة الملكية في أنَّهم كانوا يروّجون على الصعيدين الداخلي والعالمي لوليّ العهد بوصفه عاملاً جوهرياً في العلاقات مع الولايات المتحدة. لكنَّ ترامب قال لتوّه عكس ذلك.
وتساءلت المجلة: كيف يمكن أن ترد القيادة السعودية؟ الحقيقة أنَّ السعودية ليست لديها رفاهية الرد مثلما فعلت حين انتقدتها ألمانيا في 2017 أو كندا الصيف الماضي. ففي كلتا الحالتين، قطعت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع البلدين، واتخذت قراراتٍ اقتصادية إعراباً عن سخطها. لكنَّ هذا لن يجدي مع الولايات المتحدة؛ إذ إنَّ السعودية بحاجة إليها اقتصادياً وجيوسياسياً.
إذا كانت القيادة السعودية غير سعيدة بغياب أي دعمٍ حقيقي من الرئيس ترمب، فإنَّ الخيار الأمثل هو محاولة رفع أسعار النفط خلال اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك) القادم، المقرر عقده مطلع ديسمبر/كانون الأول. لكنَّ السعودية أرادت خفض الإنتاج على أية حال، والانخفاض الأخير في أسعار النفط يساعدها على تحقيق أهدافها.
بيَّد أنَّ السؤال الأهم هو: هل يجب أن ترد السعودية؟ العالم مُعتاد على رؤية القادة السعوديين يتعاملون بجديةٍ شديدة مع كل توبيخٍ جيوسياسي (انظر لما حدث مع ألمانيا وكندا). لكن سيكون من الأنسب أن تتجاهل السعودية أية انتقاداتٍ وتتابع عملها حتى تمر الأزمة.
ربما تستطيع حينها إنجاز أشياءَ تفاجئ منتقديها، من ذلك مثلاً إطلاق سراح المعارضين أو التعاون مع إسرائيل، أو التصالح مع قطر أو بذل جهودٍ نحو إحلال السلام في اليمن.