تداول في الأيام الأخيرة كثير من الأخبار حول اعتزام الخزانة الأميركية فرض عقوبات على قتلة جمال خاشقجي الذي قتل في القنصلية السعودية في اسطنبول لكن بات هناك سؤال جوهري لماذا تقوم الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على شخصيات ومنظمات ومؤسسات دولية؟.
السر في هذا ، يعود إلى قانون جلوبال ماجنيتسكي الذي يسمح لها بلعب هذا الدور لمعاقبة كل الأسماء التي ذكرتها النيابة السعودية كمسؤولين عن قتل وتقطيع جثة الصحافي السعودي، والبالغ عددهم 17 شخصاً وفقاً للسلطات السعودية
ولكن ما هو قانون جلوبال ماجنيتسكي الذي سيتم تطبيقه على المسؤولين السعوديين المتهمين بقتل خاشقجي، وما دور وزارة الخزانة الأميركي؟
قانون جلوبال ماجنيتسكي فعّلته واشنطن بعد مطالبة 22 من المُشرّعين الأميركيّين الديمقراطيين والجمهوريين للرئيس ترامب بتفعيله في قضية خاشقجي، في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2018، أي بعد نحو أسبوع من مقتل خاشقجي، حيث يفرض عقوبات على مَنْ يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان ويمارسون الفساد.
ويأتي دور وزارة الخزانة الأميركية، حيث تُوقف الوزارة أي تعاملات مالية مع الأشخاص محل الاتهام وفقاً لقانون جلوبال ماجنيتسكي، وتمنع الوصول إلى النظام المالي الأميركي وتجمّد أرصدة هؤلاء الأفراد.
وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين في بيان: "هؤلاء الأفراد الذين استهدفوا صحافياً كان يقيم ويعمل في الولايات المتحدة وقتلوه بوحشية ينبغي أن يواجهوا عواقب أفعالهم".
وأضاف منوتشين: "على حكومة السعودية أن تتخذ الخطوات المناسبة لوضع حد لاستهداف أي معارضين سياسيين أو صحافيين".
وجاءت العقوبات الأميركية بعد ساعات قليلة من إعلان مكتب النائب العام السعودي، الخميس الماضي، أنه يسعى لإنزال عقوبة الإعدام على 5 من 11 مشتبهاً به وجَّهت لهم اتهامات في قضية خاشقجي، فيما تحاول المملكة احتواء أكبر أزمة سياسية تمر بها في الفترة الأخيرة.
حجم العقوبات المتوقع على المتهمين السعوديين
تشمل العقوبات رفض تأشيرات دخول، وتجميد أموال المسؤول الأجنبي المتورّط في الجريمة في البنوك الأميركية، ولذلك يتوقف حجم تأثير العقوبات بشكل كبير على مدى أهمية المُدرج في القائمة بالنسبة لأميركا، وحجم استثماراته وأمواله في الخزانة الأميركية.
وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 17 سعودياً، الخميس 15 نوفمبر/تشرين الثاني، لدورهم في مقتل الصحافي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أول رد فعل ملموس من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على موت خاشقجي الشهر الماضي.
وتشمل قائمة العقوبات سعود القحطاني الذي عُزل من منصبه مستشاراً لوليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والقنصل العام السعودي في إسطنبول محمد العتيبي وأفراداً من فريق مؤلف من 15 شخصاً قالت تركيا إنه متورِّط في مقتل خاشقجي.
ويواجه أيضاً العقوبات ماهر المطرب وهو مساعد للقحطاني ظهر في صور مع الأمير محمد خلال زيارات رسمية للولايات المتحدة وأوروبا هذا العام.
وكان هو و14 آخرون أعضاء في الفريق الذي حددت تركيا أنه المسؤول عن قتل خاشقجي.
مسؤولون روس وقانون ماجنيتسكي
سبق أن تعرّض 250 مسؤولاً روسياً رفيعو المستوى لعقوبات أميركية على خلفية قضية المحامي الروسي سيرغي ماجنيتسكي، الذي حمل القانون اسمه، وتعود تلك القضية إلى عام 2009 عندما قتلت السلطات الروسية المحامي الروسي في أحد السجون، أثناء احتجازه على خلفية اتهامه بالاحتيال الضريبي، خلال عمله لدى شركة "أرميتاج كابيتال ماناجيمينت" للاستثمارات.
ومسؤولون من دول أخرى
في 10 مايو/أيار 2018، فرضت وزارة الخزانة الأميركية على 3 كيانات إيرانية، و6 أفراد مرتبطين بفيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني في إطار "استهداف أميركا للإرهابيين الدوليين".
في الخامس من نوفمبر 2018، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على هيئات إيرانية، شملت 50 بنكاً وكيانات تابعة لها وأكثر من 200 شخص وسفينة في قطاع الشحن، واستهدفت أيضاً الخطوط الجوية الإيرانية "إيران إير" وأكثر من 65 من طائراتها، وهي "ضغوط مالية غير مسبوقة على إيران" على حد تعبير وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، الذي لفت في بيانه إلى أنه بتلك الضغوط "ينبغي أن يتّضح للنظام الإيراني أنه سيواجه عزلة مالية متزايدة وركوداً اقتصادياً حتى يغيّر أنشطته المزعزعة للاستقرار بشكل جذري".
وفي السادس من سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على 4 أشخاص و5 كيانات قالت إنهم سهّلوا تجارة الوقود بين الحكومة السورية، وعناصر من "تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)".
وفي 26 فبراير/شباط 2018، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرضها عقوبات على 6 أفراد و7 سفن و24 شركة، اشتبهت أميركا في تهريبهم للمواد النفطية الليبية إلى أوروبا، في إجراء يمنع الأميركيين من التعامل معهم ويجمّد أي ممتلكات لهم تحت الولاية القضائية الأميركية، وفي مطلع الشهر ذاته فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 6 أفراد و7 كيانات اعتبرهم أميركا "ممولين لحزب الله في إفريقيا".