تواجه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عقبة كبرى في عزمها إكمال ولايتها الرابعة والأخيرة كمستشارة لألمانيا، مع صعود خصم قديم هو فريدريك ميرتس، في سباق خلافتها على رئاسة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي ، رغم نبرته المهادنة حيالها الأربعاء 31 أكتوبر/تشرين الأول 2018 .
وميرتس، غير المعروف خارج ألمانيا، من المطالبين بالعودة إلى خط محافظ تقليدي، بعد سنوات انتهجت فيها ميركل سياسة وسطية، وعاد هذا الأسبوع إلى مقدمة الحياة السياسية بعد 10 سنوات على الابتعاد.
وفي خطوة مفاجئة، أعلن ميرتس (62 عاماً)، الرئيس السابق للكتلة المحافظة بالبرلمان الألماني، في مطلع الألفية، ترشيحه رسمياً لرئاسة "الاتحاد المسيحي الديمقراطي".
خليفة المستشارة الألمانية في حزب "الاتحاد المسيحي الديمقراطي"
وبعدما انتقل للعمل في القطاع المالي منذ نحو 10 سنوات، أكد ميرتس أنه اتخذ قراره بعد "التفكير ملياً"، وذلك بعد 24 ساعة على إعلان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المحافظة انسحابها قريباً من رئاسة الحزب.
ورأت مجلة "در شبيغل" أنه "ثأر"، بعدما دفعته ميركل عام 2002، في وقت لم تكن مستشارة بعد، إلى الخروج من خلال طرده من رئاسة الكتلة النيابية للمحافظين، المنصب الواسع النفوذ الذي كان يشغله آنذاك.
لم يغفر لها المسؤول المحافظ الطَموح هذا الأمر. وفي 2009، انسحب تماماً من الحياة السياسية في مواجهة مستشارة رسخت سلطتها بشكل ثابت لا يتزحزح.
ولم يوجه ميرتس أي انتقاد مباشر إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل معلناً عوضاً عن ذلك، خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء 31 أكتوبر/تشرين الأول 2018، أنها تستحق "الاحترام والتقدير" للعمل الذي أنجزته.
لكنه برر ترشيحه، بضرورة تحقيق "انطلاقة جديدة وتجديد الحزب".
وسيتم تعيين خليفة لميركل في 7 و8 ديسمبر/كانون الأول 2019، خلال مؤتمر للحزب، وقد تقدم مرشحان آخران؛ هما: الأمينة العامة الحالية المقربة من المستشارة أنيغريت كرامب كارنباور، ووزير الصحة وخصم ميركل، ينس سبان.
ويؤيد الألمان عودة ميرتس إلى السياسة، وأشارت عدة استطلاعات للرأي إلى أنه يتقدم حالياً على منافسيه. غير أن هذا التأييد لن يكون له وزن؛ إذ إن الرئيس الجديد لـ "الاتحاد المسيحي الاجتماعي" لن يعينه الناخبون؛ بل 1000 مندوب من الحزب.
يهدد صمود المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حتى نهاية ولايتها
وفي حالة فوزه برئاسة الحزب التي تشكل محطة مهمة على الطريق الى المستشارية، فإن ميرتس سيحقق حتماً انعطافة إلى اليمين، ولو أدى ذلك إلى تعايش صعب مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل .
فهل تتمكن في مثل هذه الحالة من الصمود، مثلما قالت، حتى نهاية ولايتها بعد 3 سنوات؟
وأكد ميرتس في هذا الصدد، الأربعاء، "إنني على قناعة راسخة" بإمكانية "التفاهم مع أنجيلا ميركل في ظل هذه الظروف الجديدة".
غير أن العديدين يشككون في ذلك. وكتب الخبير السياسي ببرلين، أوسكار نيدرماير، في صحيفة "راين نيكار تسايتونغ"، إنه "مع مواقفه الليبرالية على الصعيد الاقتصادي والمحافظة على الصعيد الاجتماعي، فإن ميرتس سيكون نموذجاً مضاداً واضحاً لميركل".
ورفض ميرتس، منذ اعتزاله السياسة، اتخاذ موقف حيال مواضيع الساعة المطروحة، ولا سيما قرار ميركل المثير للجدل فتح أبواب ألمانيا أمام أكثر من مليون لاجئ في 2015، وهو القرار الذي تسبب في تراجع شعبيتها.
خاصة أن مواقفه الليبرالية تتعارض مع سياسات ميركل
على الصعيد الاقتصادي، تُعتبر مواقفه في غاية الليبرالية، ولو أنه رفض، الأربعاء 31 أكتوبر/تشرين الأول 2018، تصنيفه في فئة النيوليبراليين. وكان يؤكد في مطلع الألفية، أنه يطمح إلى إقرار ضريبي مقتضب.
كما أنه يصف نفسه بـ "أوروبي راسخ القناعة"، ويبدي قلقه حيال "قلة تجاوب" ألمانيا مع المشروع الفرنسي لإصلاح أوروبا، مؤكداً أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، "كان يستحق المزيد".
وبعد انسحابه من السياسة، باشر ميرتس العمل محامياً، ويتولى منذ 2016 الفرع الألماني التابع لـ "بلاكروك"، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم.
وتملك هذه الشركة الأميركية حصصاً في العديد من المجموعات الاقتصادية الألمانية العملاقة مثل "آليانز" و"باير"، وتصف الصحافة ميرتس بالمليونير.
ولا يختلف عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في السياسة فقط؛ بل بالحياة الخاصة، حيث إنه يتحدر من غرب البلاد، وهو كاثوليكي متزوج وأب لـ3 أطفال، في حين أنها بروتستانتية من ألمانيا الشرقية سابقاً، ومطلّقة تزوجت مرة ثانية، ومن دون أطفال.