وجّه الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري المعارض، أحمد معاذ الخطيب، رسالة إلى "اللبنانيين وقادة الرأي الاجتماعي والديني والسياسي" في لبنان، بشأن أزمة اللاجئين السوريين هناك على خلفية اتهام عصابة سرقة من الجنسية السورية بقتل مسؤول بحزب "القوات اللبنانية".
وأثارت القضية موجة اعتداءات وأعمال تخريب ضد السوريين ومحلاتهم التجارية في عدة مناطق لبنانية، في حين وضع لبنانيون مهلة زمنية انتهت صباح الجمعة 12 أبريل/نيسان 2024، لمغادرة السوريين من مناطق برج حمود وسن الفيل وجبيل وسد البوشرية وذوق مصبح وغيرها.
وقدم الخطيب في منشور عبر حسابه الرسمي في "إكس"، الجمعة، "خالص العزاء بكل أبناء لبنان الذين تمتد يد الجريمة إليهم وأخص الفقيد الكبير باسكال سليمان الذي كان اختطافه ثم اغتياله عملاً في غاية الدناءة والإجرام".
"التراحم والتعايش الإيجابي"
أضاف: "بعيداً عن أي خلاف سياسي ومن منطلق إنساني وموضوعي محض أتوجه لكم جميعاً بالتصور التالي: إن منطقتنا في هذا العالم بؤرة ثقافات وتنوعات لا تكاد تنتهي ويمكن التعامل معها بطريقين: التصعيد الحاد للهويات وسيؤدي ذلك إلى احتقانات هائلة يتم تفريغها كل فترة بسيول من دماء الجميع، والطريقة الثانية هي التفاهم والتراحم والتعايش الإيجابي".
أشار الخطيب إلى أن "اللاجئ السوري لم يأتِ بمحض إرادته ولم ينوِ يوماً مضايقة أو مزاحمة أحد في شيء".
وأردف: "ما حصل في سوريا مهما اختلفنا في النظر إليه هو مأساة غير مسبوقة جعلت أكثر من عشرة ملايين سوري ينجون بأرواحهم في بلاد ابتلعت سجونها مئات ألوف الأبرياء وسكب من دماء أبنائها مئات ألوف أخرى واللبنانيون جميعاً يدركون معنى الظلم والإكراه وتدخل الأصابع الإقليمية والدولية فقد مروا بظروف قاسية للغاية ما زالت آثارها موجودة حتى الآن".
وأوضح: "إننا كسوريين ندرك أن البلاد المجاورة تحملت عبئاً كبيراً فوق أعبائها ونشكر أهلنا في لبنان والأردن ومصر وتركيا وكردستان العراق التي فتحت أبوابها لنا وتحملت الكثير".
"المنطقة ساحة تصفية حسابات"
وشدد على أنه "مهم إدراكنا المشترك لعدة أمور: المنطقة كلها صارت ساحة تصفية حسابات وصناعة معادلات ومصالح على حساب مقوماتها وشعوبها".
"وأن تنوعها الفريد يراد له التدمير والفناء، وتصعيد العداوات والنزاعات هو الوسيلة الأقرب لذلك (كم هو مؤلم أن يكون هناك عمل خطير خلال سنوات طويلة لاقتلاع الوجود المسيحي في الشرق الأوسط وأن يكون هناك تهديد وجودي لنا كسوريين في هويتنا وانتمائنا)".
أضاف أن "الحفاظ على هويات الجميع ضرورة إنسانية وحضارية وعامل غنى لنا جميعاً وعلينا كلنا أن نحافظ على هويات بعضنا والتي أعطت العالم كله نسيجاً فريداً غير مسبوق".
أضاف كذلك أن "الروح الآسرة للبنان معجونة بأرقى معاني الرحمة والصفاء والإنسانية من قديسها مار مارون السوري السرياني إلى إمامها الأوزاعي مروراً بكثيرين أوقدوا النور في دروب عالم مائج بالاضطرابات".
العقاب الجماعي مرفوض
ولفت إلى أن "الاحتقانات والخلافات لا يمكن حلها من خلال تحميلها على أضعف الأطراف وجعله كبش الفداء فذلك سيزيد الأمور تعقيداً".
وتابع: "العدل مطلب مقدس للبشر وأية عقوبة لأي فعل يجب أن تقتصر على صاحبها والعقاب الجماعي مرفوض قانونياً وشرعياً وأخلاقياً".
وشدد على أنه "لا توجد مجموعة في لبنان إلا وتعرضت لإجحاف ما أو اغتيالات أو اضطهاد وصار عندها شعور شديد بالظلم، ولا تستوفى تلك المظلوميات بظلم أقسى بل بانفتاح ووعي أكبر".
وأكد على أنه "عند وجود قانون يستريح ويأمن الجميع وريثما يتم تجاوز عقبات عديدة فبحث العقلاء عن حل لأي قضية سيدفع تجاه بداية حل بدل الغرق في التصعيد والكراهية التي ستنعكس سلباً في كل مفاصل الحياة".
أضاف: "أرجو منكم ومن كل لبناني أن يعيش المأساة التي حلت بأكثر السوريين، وأن يتفهم أن إدراكه لها سيعين السوري أكثر ليتجاوز ما مر به من آلام وعذابات وسينعكس ذلك بشكل إيجابي علينا كلنا متجاوزين معه أنواعاً من الإذلال والإساءة غير المبررة التي تعرض لها البعض".
واعتذر الخطيب "شخصياً عن بعض السوريين الذين قد يكونون قد أساؤوا التصرف يوماً بسبب ظرف قاهر أو احتياج ما".
كذلك دعا السوريين إلى "الالتزام بالقانون واحترام حياة وخصوصيات أهلنا اللبنانيين وألا يكون بقاء أي سوري إلا لاضطرار وظرف قاهر ومن يتمكن من العودة إلى بلده آمناً فعليه القيام بذلك بأقرب وقت".
وختم بالقول: "أشكر ثانية كل من يبذل جهداً لزرع الأمن والاستقرار والقانون، وأرجو أن نتشارك في تهدئة الساحات والقلوب وفي ذلك كل الخير للجميع. مع وافر التحية والتقدير والاحترام".