أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، مساء الإثنين 25 مارس/آذار 2024، بأن الوزير الإسرائيلي بحكومة الطوارئ، جدعون ساعر، استقال من الحكومة، في ظل انتقادات حادة داخلية لموقف رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بسبب التصعيد مع واشنطن على خلفية عدم استخدام الأخيرة حق النقض "الفيتو" ضد قرار مجلس الأمن وقف إطلاق النار في غزة "فوراً".
وقال ساعر إنه استقال من حكومة الطوارئ التي شكَّلها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ وذلك لعدم ضمه إلى مجلس وزراء الحرب، مشيراً إلى أنه تعرض لـ"التهميش".
وأوضح أنه لن يستطيع تحمُّل المسؤولية طالما ليس لديه أي تأثير، مضيفاً: "لم نأتِ إلى الحكومة لتدفئة الكراسي"، مذكّراً بأنه حذّر من أن إبطاء التقدم العسكري بغزة يعني إطالة أمد الحرب وهذا ضد مصلحة إسرائيل، وفق تعبيره.
وانضم ساعر- وهو وزير يميني متطرف بدون حقيبة وزارية- إلى حكومة الطوارئ مع عدد من أعضاء المعارضة الآخرين بعد تشكيلها على خلفية معركة "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
والأسبوع الماضي، أعلن ساعر انفصاله عن "المعسكر الوطني" برئاسة بيني غانتس، وقدَّم طلباً للكنيست (البرلمان) ليكوِّن حزباً مستقلاً باسم "اليمين الوطني"، مهدداً آنذاك بأنه سينسحب من حكومة الطوارئ إن لم ينضم إلى مجلس الحرب.
موجة انتقادات داخلية حادة
وفي وقت سابقٍ الإثنين، صوّتت 14 دولة لصالح القرار الذي تبناه مجلس الأمن والقاضي بوقف إطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، في حين امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.
على أثر ذلك، قال ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية إن نتنياهو ألغى زيارة وفد إسرائيلي لواشنطن؛ بعد امتناعها عن التصويت على القرار، مضيفاً أنَّ "فشل أمريكا في استخدام حق النقض خلال تصويت مجلس الأمن الذي دعا إلى وقف إطلاق النار، تراجع صريح عن موقفها السابق".
بدوره، اعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أن الخلاف مع واشنطن "ضارٌّ وغير ضروري وكان من الممكن تجنبه"، مشيراً إلى أن "الأزمة التي يقودها نتنياهو مع واشنطن سيئة لإسرائيل".
في السياق، قال عضو الكنيست ديبي بيطون، إن نتنياهو "يثبت في كل مرةٍ، أنه لا يوجد قاع للهاوية التي يجر إسرائيل إليها".
كذلك، اعتبر عضو الكنيست شيلي تال ميرون، أنَّ "فشل نتنياهو السياسي يضع إسرائيل أمام خطر وجودي حقيقي ويجعلها معزولة عالمياً"، مضيفاً أن "المسار التصادمي مع البيت الأبيض سيجلب كارثة على إسرائيل".
"إجراء انتخابات فوراً"
أما رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك، فقد رأى أن قرار مجلس الأمن يعكس "أزمة عميقة" مع واشنطن، وأن المطلوب اتخاذ "قرارات صعبة"، مؤكداً أن إجراء انتخابات فوراً هو ما سيخرج إسرائيل من أزمتها العميقة.
في الوقت ذاته، أفادت وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفي، بأن "وجود صدع مع واشنطن أفضل ما يمكن أن تحصل عليه حماس، وأن نتنياهو يقودنا إلى ذلك".
إلغاء زيارة الوفد الإسرائيلي لواشنطن
في سياق متصل، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن مسؤول إسرائيلي رفيع، أن قرار نتنياهو إلغاء زيارة الوفد لواشنطن "يفاقم الوضع ويُعرّضنا لمزيد من المشاكل".
في حين نقل موقع "واللا" الإسرائيلي عن مسؤولين أمريكيين كبار، أن نتنياهو "اختار خلق أزمة مع واشنطن لأسباب سياسية داخلية".
في السياق، أفادت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) بأن نتنياهو لم يُطلع مجلس الحرب على قراره إلغاء إرسال الوفد إلى واشنطن، مشيرة إلى أن القرار أثار غضب غانتس والحلفاء، الذين اتهموه بإدارة العلاقات مع واشنطن بشكل فاشل.
وأوضحت الهيئة نقلاً عن مصادرها، أن نتنياهو ألحق ضرراً جسيماً بمفاوضات استعادة المحتجزين الإسرائيليين في غزة، حيث أشارت إلى أن الوفد الذي ألغيت زيارته لواشنطن كان سيبحث صفقة هؤلاء المحتجزين.
قرار مجلس الأمن وقف إطلاق النار بغزة
ولأول مرة منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تبنى مجلس الأمن الدولي قراراً يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة بشكل فوري، قدَّم مشروعه الأعضاء المنتخبون في مجلس الأمن: الجزائر، والإكوادور، وغويانا، واليابان، ومالطا، وكوريا الجنوبية، وسيراليون وموزمبيق، وسلوفينيا، وسويسرا.
وحصل مشروع القرار على 14 صوتاً مؤيداً، في حين امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت.
ومراراً، استخدمت الولايات المتحدة سلطة "النقض" لمنع صدور قرارات من مجلس الأمن تطالب بوقف إطلاق النار في غزة، وحاولت مؤخراً تمرير قرار لا يتضمن دعوة مباشرة إلى وقف إطلاق النار، أجهضته روسيا والصين بـ"الفيتو".
ويطالب القرار بوقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، على أن "يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار"، ويطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأسرى، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، واحترام جميع الأطراف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرباً مدمرة على غزة خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وفق مصادر فلسطينية، ما استدعى محاكمة تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى "إبادة جماعية".