ظنّت نبيلة أن مدرسة الأمم المتحدة في غزة ستكون ملاذاً آمناً، لكن الجيش الإسرائيلي وصل إليها لاحقاً، حيث اقتحم الجنود المكان وأمروا الرجال بخلع ثيابهم، ثم اقتادوا النساء إلى مسجد من أجل الخضوع لتفتيش شخصي، على حد قولها. وبدأت بعدها رحلة استمرت 6 أسابيع في الاحتجاز الإسرائيلي، وتعرضت خلالها للضرب والتحقيق بشكلٍ متكرر، على حد قولها.
مدرسة الأمم المتحدة في غزة مكان لانتهاكات الاحتلال
قالت نبيلة (39 عاماً) من مدينة غزة، التي تحدثت شرط عدم ذكر اسم عائلتها، خشية التعرض للاعتقال مجدداً: "كان الجنود قساة للغاية معنا، لقد ضربونا وصرخوا في وجوهنا بالعبرية. وإذا رفعنا رؤوسنا أو تمتمنا بأي كلمات، كانوا يضربوننا على رؤوسنا" وفق ما قالت وكالة Associated Press الأمريكية في تقرير لها يوم السبت 2 مارس/آذار 2024.
وزعم الفلسطينيون، الذين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية في غزة أثناء حرب إسرائيل مع حماس، أنهم تعرضوا لانتهاكات جسدية واسعة النطاق وإهمالٍ طبي. وليس من المعروف عدد النساء والقصّر الذين تعرضوا للاعتقال حتى الآن.
وذكرت نبيلة أنها تنقلت بين عدة منشآت داخل إسرائيل مع مجموعة من الجنسين، قبل أن تصل إلى سجن ديمونا الشمالي، الذي وجدت فيه مع 100 امرأة أخرى على الأقل، وفقاً لتقديراتها.
وتقول الجماعات الحقوقية إن إسرائيل "تخفي" الفلسطينيين من غزة، باعتقالهم دون توجيه تهم أو محاكمة، مع عدم إخطار العائلات أو المحامين بأماكن احتجازهم.
بينما ذكر جيش الاحتلال أنه يجبر المعتقلين على خلع ثيابهم للبحث عن المتفجرات، وينقل المعتقلين إلى إسرائيل، ثم يطلق سراحهم في غزة مرةً أخرى إذا ثبت أنهم أبرياء.
رحلة مروعة من الاعتقال الإسرائيلي لفلسطينيات
استغرقت تلك الرحلة 47 يوماً مروعاً بالنسبة لنبيلة؛ إذ قررت نبيلة وعائلتها عدم مغادرة مدينة غزة رغم أوامر الإخلاء الإسرائيلية، وذلك لقناعتهم بعدم وجود مكان آمن في القطاع بأكمله. ودخل الجنود المدرسة التي كانوا يحتمون بها في الـ24 من ديسمبر/كانون الأول. وقالت نبيلة: "كنت مرعوبة، وتخيّلت أنهم يريدون إعدامنا ودفننا هناك".
وفصلت القوات نبيلة عن طفلتها البالغة 13 عاماً وابنها البالغ 4 أعوام، ثم وضعوها على متن شاحنة متجهة إلى منشأة في جنوب إسرائيل. وأفادت جمعية أطباء لحقوق الإنسان الإسرائيلية بأن كل المعتقلين من غزة يتم اقتيادهم إلى قاعدة سديه تيمان العسكرية أولاً.
وقالت نبيلة لوكالة Associated Press الأمريكية، من داخل مدرسة تحوّلت إلى ملجأ في رفح، حيث تقيم مع غيرها من النساء اللواتي تم الإفراج عنهن مؤخراً: "كنا نتجمّد من البرد، وأجبرونا على المكوث على ركبنا في الأرض. استخدموا الموسيقى الصاخبة، والصراخ، والترهيب -لقد أرادوا إذلالنا. وكانت أيدينا مكبلة، وأعيننا معصوبة، وأرجلنا مقيدة بالسلاسل".
وتنقلت نبيلة بين عدة سجون، حيث قالت إنها تعرضت للتفتيش الشخصي والاستجواب تحت تهديد السلاح بشكلٍ متكرر.
وسألوها عن علاقتها بحماس، وما تعرفه حول شبكة أنفاق المسلحين الواسعة تحت الأرض. لكنها تمسّكت ببراءتها وأخبرت المحققين بأنها ربة منزل وزوجة رجل يعمل لصالح السلطة الفلسطينية، التي تُعد منافسةً لحماس.
انتهاكات إسرائيلية بحق فلسطينيات
في حين تحدثت الوكالة الأمريكية إلى امرأة معتقلة من غزة، طلبت عدم كشف هويتها خشية الاعتقال مرةً أخرى، وذكرت أن القوات الإسرائيلية أمرتها بتقبيل العلم الإسرائيلي أثناء خضوعها للفحص الطبي، وذلك قبل نقلها إلى سجن ديمونا. وعندما رفضت تقبيل العلم، شدها جندي من شعرها وضرب وجهها بالحائط.
وفي تقرير جمعية أطباء لحقوق الإنسان، زعم معتقلون سابقون من غزة أنهم تعرضوا للنوع نفسه من سوء المعاملة.
وقال معتقل سابق، تم حجب اسمه، إن حراس سجن النقب في جنوب إسرائيل تبوّلوا عليه، كما شاهد عمليات تفتيش شخصي أجبر خلالها الحراس المعتقلين العراة على الوقوف قرب بعضهم البعض، ثم أدخلوا أدوات التفتيش في مؤخراتهم.
ووصفت جمعية أطباء لحقوق الإنسان السجون الإسرائيلية بأنها "وسيلة للعقاب والانتقام". كما زعمت أن مصلحة السجون وقوات الجيش "حصلتا على حرية التصرف بالطريقة التي يريانها مناسبةً".