كشفت منظمة حقوقية مصرية في تقرير لها يوم الأحد 21 يناير/كانون الثاني 2024 أن الحكومة المصرية قامت بإمداد النازحين الفلسطينيين في المنطقة الحدودية مع مصر، بالمياه عبر خطوط بلاستيكية تم تمريرها من السياج الحدودي على ساحل البحر مروراً بمحور فيلادلفيا.
وقالت "مؤسسة سيناء" لحقوق الإنسان، وهي منظمة حقوقية مصرية تتخذ من بريطانيا مقراً لها، إنها حصلت على صور خاصة تظهر قيام السلطات المصرية بإمداد خطوط بلاستيكية عبر ساحل البحر، لإيصال المياه للنازحين الفلسطينيين المتواجدين بالمناطق الحدودية القريبة من السياج الفاصل بين مصر وقطاع غزة.
يأتي ذلك في الوقت الذي يقف فيه الفلسطيني جميل عبد الكريم عيسى، على مقربة من الحدود الفلسطينية المصرية في محافظة رفح أقصى جنوبي قطاع غزة، يتخيل ما ستذهب إليه الأوضاع حال أعادت إسرائيل احتلال محور فيلادلفيا.
ويرفض عيسى مجرد التفكير في الهجرة من قطاع غزة باتجاه الأراضي المصرية مع تلويحات إسرائيل بإعادة احتلال محور فيلادلفيا.
نتنياهو يرغب في احتلال محور فيلادلفيا
لا يتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن التأكيد على رغبته بالسيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر، زاعماً أن بدونه لن يستطيع القضاء على حركة "حماس"، فيما تؤكد القاهرة أنها "تضبط حدودها وتسيطر عليها بالكامل".
وكانت آخر تصريحات نتنياهو بهذا الشأن عندما قال في مؤتمر صحفي، إنه "من دون السيطرة على محور فيلادلفيا في غزة لا يمكننا أن نقضي على حركة حماس".
وتعليقاً على تصريحات نتنياهو الأخيرة قال متحدث الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، في تصريحات لفضائية محلية إن مصر "تضبط حدودها (مع غزة) وتسيطر عليها بشكل كامل".
وأضاف أبو زيد أن هذه "مسائل تخضع لاتفاقيات أمنية وقانونية، وأي حديث بهذا الشأن يخضع للتدقيق ويتم الرد عليه بمواقف معلنة"، دون توضيحات أكثر.
نزوح فلسطينيين لحدود مصر
لجأ آلاف النازحين الفلسطينيين إلى المناطق الحدودية بين مصر وقطاع غزة؛ لعلها تكون أكثر أمناً عليهم في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويقول عيسى: "هذا النزوح الرابع لي منذ بداية العدوان على قطاع غزة، كانت البداية من مخيم البريج باتجاه مخيم النصيرات (وسط)، ومن ثم نزحنا إلى بلدة الزوايدة (غرب وسط) قبل التوجه قريباً من الحدود المصرية، وما يحدث معنا الآن لم تشهده هجرة 1948".
ويضيف: "جيش الاحتلال الإسرائيلي يدعي أن هذه المنطقة آمنة، لذلك توجهنا إليها، أين نذهب بعد هذا المكان، لم يبقَ مكان نذهب إليه، ونخشى من عملية تهجيرنا إلى سيناء المصرية، الموت في بيوتنا أشرف من أن نهجر إلى سيناء ونرفض أي محاولة للتهجير".
ويشير عيسى إلى معاناة النازحين قرب محور فيلادلفيا والأوضاع الصعبة جداً فالمياه سيئة وهناك شح كبير وظروفنا معقدة ولا يمكن احتمالها.
ويوضح أنه لم يستحم منذ 25 يوماً بفعل النقص الحاد في المياه، كما أن الطعام سيئ للغاية، ويتابع: "إذا بقي الوضع على حاله فإننا أمام أزمة إنسانية حقيقة".
ويبلغ عدد سكان قطاع غزة 2.3 مليون فلسطيني، وهي بقعة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض، ويعاني من أزمات عديدة بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وفرض حصارٍ مشدد منذ 17 عاماً.
رفض التهجير إلى سيناء
ترفض الفلسطينية أحلام محمد صالح من سكان شمالي غزة، والنازحة إلى منطقة محور فيلادلفيا أقصى جنوبي مدينة رفح، فكرة التهجير إلى سيناء.
وتتواجد صالح البالغة 35 عاماً، على مقربة من الحدود المصرية منذ 15 يوماً، وتعيش معاناة حقيقية بسبب انعدام مقومات الحياة في تلك المنطقة.
وتقول: "سمعنا تهديدات جيش الاحتلال الإسرائيلي باحتلال الحدود الفاصلة بين قطاع غزة والأراضي المصرية ما يعرف بمحور فيلادلفيا، وهذا يبدو خطوة ضمن محاولات تهجير الفلسطينيين إلى سيناء".
وتضيف: "حياتنا كانت صعبة قبل العدوان الإسرائيلي بفعل الحصار والأزمات، لكن بمجرد وصولنا إلى هذه المنطقة، تأكدت أن هذا الموقف هو الأصعب في حياتي، وشعرت بخوف وقلق شديدين وأنا أقف على الحدود".
وتتذكر صالح وهي تقف على بعد أمتار من الحدود المصرية الفلسطينية تضحيات الشعب الفلسطيني وما تعرَّض له من حروب واعتداءات إسرائيلية لدفعه إلى الهجرة، وضريبة تمسكه بأرضه ووطنه.
وتقول الشابة الفلسطينية: "هذه الحرب علَّمتنا ما لم نتعلمه طوال سنوات طويلة، عشنا ألماً كبيراً، وسالت دماء كثيرة، وكبرنا سنوات عديدة، ويعاني الأطفال معاناة شديدة، لذا سنبقى متمسكين بها، والموت فوق ترابها أحب إلينا من النعيم على غيرها". وتضيف: "نكبة عام 1948 كانت أهون بكثير مما يجري معنا الآن".
وتطالب صالح، العالم أجمع ودعاة السلام بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين الذين يعيشون حرباً مدمرة قتل فيها الأطفال والنساء والشيوخ ودمرت المباني والمنشآت المدنية ونزح سكان غزة والشمال.
جدير بالذكر أنه ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت ما يزيد عن "24 ألفاً و620 شهيداً و61 ألفاً و830 مصاباً وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وتسببت بنزوح أكثر من 85% (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.