الإيكونومست: السيسي يواجه تحديات بولايته الثالثة بعد فوز مريح.. على رأسها الاقتصاد والحرب في غزة

عربي بوست
تم النشر: 2023/12/21 الساعة 07:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/12/21 الساعة 07:44 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز

قال تقرير لمجلة الإيكونومست البريطانية إن تحديات عدة تقف أمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ولايته الثالثة، على رأسها الاقتصاد المتدهور والحرب في غزة، بعد فوزه مؤخراً بالانتخابات الرئاسية التي حصل فيها على 89.6%.

كانت نتيجة فوز السيسي محددة سلفاً، وفقاً للصحيفة التي قالت إنه لا يمكن لأي سياسي أن يحلم بنتيجة أفضل من ذلك، مشيرة إلى أن السيسي كان محظوظاً في الفترتين السابقتين في 2014 و2018 على التوالي، لكن الأمور قد لا تكون على هذا النحو هذه المرة.

يحكم السيسي مصر منذ 2014 وهو ضابط تسلم منصب وزير الدفاع سابقاً، حينما فاز في تلك الانتخابات أمام مرشح واحد فقط، وهذه المرة فاز بولاية ثالثة أمام 3 مرشحين "غير معروفين"، ومع أن الناخبين كان لديهم اختيارات أكثر، إلا أن أياً من هؤلاء لم يكن جيداً، وفق الصحيفة.

ومنحت النتائج السيسي فرصة للزعم بأنه حصل على تفويض واسع لمواصلة ما ينظر إليها على أنها سياسات غير شعبية وهو بحاجة إليها. ففي نظرة خاطفة للتحديات التي تواجهه، فقد اشتكى عدد من الناخبين من أن حِزم المساعدات الحكومية لم تحتوِ على السكر، فقد زاد سعره بنسبة 40% منذ تشرين الأول/أكتوبر، وأصبح  55 جنيهاً للكيلو.

الحرب في غزة

من جانب آخر، أشارت الصحيفة إلى أن القلق الأكثر إلحاحاً بالنسبة للسيسي هو الحرب في غزة، وهي واحدة من ثلاثة صراعات على حدود مصر، إضافة إلى التوترات في ليبيا والسودان.

ومع توسيع إسرائيل هجومها على جنوب غزة في الأسابيع الأخيرة، فر عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى مدينة رفح الآمنة نسبياً والأقرب لحدود مصر، فيما يشعر المسؤولون في القاهرة بالقلق من أن الجيش الإسرائيلي سوف يوسع حملته لتشمل رفح، الأمر الذي قد يؤدي إلى فرار المدنيين عبر المعبر هناك نحو مصر.

وقام الجيش المصري ببناء سواتر ترابية وأسيجة لتعزيز جانبه من الحدود، في حين يقول مسؤولون سراً إن الجنود المصريين لن يطلقوا النار على الفلسطينيين الذين يحاولون الفرار من غزة، لكنهم قلقون بشأن الاضطرار إلى رعاية تدفق اللاجئين، بالإضافة إلى أكثر من 300 ألف شخص فروا من السودان منذ اندلاع الحرب الأهلية هناك في أبريل/نيسان الماضي.

مظاهرات في مصر نصرة لفلسطين وغزة - رويترز
مظاهرات في مصر نصرة لفلسطين وغزة – رويترز

تشير الصحيفة إلى أن السيسي حاول السير على حبل مشدود بشأن غزة، ودعا إلى وقف إطلاق النار وسمح ببعض الاحتجاجات ضد الحرب، لكنه لم يقطع العلاقات مع إسرائيل، وعلى عكس حسني مبارك، الرئيس السابق والمخلوع في عام 2011، لم يسمح بعروض عفوية للنشاط المؤيد لفلسطين. 

بالنسبة للسيسي وحلفائه، كان هذا "التسامح" هو بداية نهاية مبارك، فقد حول النشطاء الذين نظموا أنفسهم لدعم فلسطين تركيزهم فيما بعد إلى رئيسهم. 

ففي تظاهرة نظمت يوم 20 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي وصلت إلى ميدان التحرير قلب الثورة في 2011، تم تفريقها بسرعة  واعتقال بعض المحتجين.

وشعر مبارك بثقة جعلته يسمح بتلك التظاهرات، أما السيسي فليست لديه هذه الثقة بالنفس، ذلك أنه يتعامل مع أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها مصر منذ عقود، وهي نتيجة عقد تقريباً من الإنفاق القائم على الاقتراض، ونقص مستمر بالعملة الصعبة.

اقتصاد متدهور

حيث بلغ التضخم السنوي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 36%، بانخفاض عن مستوى قياسي بلغ حوالي 40% في أغسطس/آب، لكنه لا يزال ضعف مستواه قبل عام تقريباً. 

ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 65%، فإن السكر ليس المادة الأساسية الوحيدة التي أصبحت فجأة غير ميسورة التكلفة، حيث ارتفعت أسعار البصل 423% خلال العام الماضي، واللحوم 84%، والشاي 78%.

مصر أكبر مستورد في العالم للقمح/رويترز
مصر أكبر مستورد في العالم للقمح/رويترز

ورغم أن سعر الصرف كان من المفترض أن يكون مرناً، فإنه لم يتغير منذ فبراير/شباط، لكن الاستقرار لا يمكن أن يستمر، في حين يتوقع صندوق النقد الدولي، الذي منح مصر قرضاً بقيمة 3 مليارات دولار لمصر في ديسمبر/كانون الأول 2022، أن يقوم السيسي بتعويم العملة، بينما سيتعين عليه تخفيض قيمتها على الأقل للمرة الرابعة خلال عامين. 

وفي السوق السوداء يبلغ سعر الدولار الآن حوالي 50 جنيهاً مصرياً، مقارنة بالسعر الرسمي الذي يقترب من 31 جنيهاً. وهذا من شأنه أن يبقي التضخم مرتفعاً.

لا أجوبة للسيسي على الأزمة الاقتصادية

الحرب المجاورة في غزة تجعل كل هذا أسوأ، وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي ووسط مخاوف من احتمال تعرض منصات الغاز الطبيعي الإسرائيلية للهجوم من قبل حماس في غزة أو حزب الله في لبنان، علقت إسرائيل مؤقتاً صادراتها من الغاز إلى مصر. 

وأجبر ذلك الحكومة المصرية على فرض انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد استمرت لمدة تصل إلى أربع ساعات في اليوم. 

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز

وتمثل السياحة نسبة 5% من الناتج المحلي العام وهي المصدر الثالث للعملة الصعبة، وقد تراجعت الحجوزات منذ هجمات تشرين الأول/أكتوبر، وستضر الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر بحركة الملاحة في قناة السويس وانخفاض رسوم العبور، وهي مصدر آخر للدولارات. 

وتقول المجلة: "ليس لدى السيسي أجوبة جيدة على الأزمة الاقتصادية، فهو يحث المصريين على العمل أكثر وتقليل ما يستهلكونه من الطعام، ويضغط على حلفائه في الخليج للاستثمار وتقديم الدعم له. لكنه رفض تقليص الإمبراطورية الاقتصادية للجيش والتي تزاحم القطاع الخاص، أو حتى تقليل نفقات الدولة على المشاريع الكبرى. وهو بحاجة لأفكار جديدة أو أن تفويضه للحكم لن يستمر بعيداً عن الانتخابات المهزلة التي عُقدت هذا الشهر".

تحميل المزيد