منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، تشن قوات الاحتلال الإسرائيلية حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى عصر الإثنين 4 ديسمبر/كانون الأول، 15 ألفاً و899 شهيداً فلسطينياً، وأكثر من 42 ألف جريح، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه الحرب على قطاع غزة، يحاول الاحتلال البحث عن أبرز الشخصيات في حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، الأمر الذي تسبب في تردد أسماء عدد من القادة البارزين، ومن بينهم مروان عيسى.
من هو مروان عيسى؟
مروان عيسى، المعروف بـ"أبي البراء"، هو نائب القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس).
يُعرف القيادي الفلسطيني بكونه "رجل الظل" و"اليد اليمنى" لمحمد الضيف.
وُلد مروان عيسى عام 1965، في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة. وشكّلت جهود القيادي في تطوير كتائب القسام العسكرية تهديداً ملحوظاً للاحتلال الإسرائيلي، لذلك تم وضعه على قائمة أبرز المطلوبين، واعتقلته سلطات الاحتلال سنة 1987 في الانتفاضة الأولى، وحكمت عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة الانضمام لـ"حماس".
لم يتوقف الأمر عند الاحتلال فحسب، إذ أقدمت السلطة الفلسطينية بدورها على اعتقاله سنة 1997. فقد التحق أبو البراء بالمجموعة التي أعدت سلسلة من العمليات الاستشهادية؛ انتقاماً لاغتيال يحيى عياش عام 1996، وهي دفعة ضمّت محمد الضيف وحسن سلامة وغيرهما. وقاده ذلك للاعتقال في سجون السلطة، التي أمضى فيها 4 سنوات، قبل أن يُفرَج عنه في انتفاضة الأقصى عام 2000.
الاستهداف تسبب في مطاردة أبو البراء طوال حياته، إذ نجا نائب رئيس الجناح العسكري لحركة حماس من عدة محاولات اغتيال، إحداها في عام 2006، وفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
كان يشارك أبو البراء وقتها في اجتماع حضره أيضاً محمد الضيف. وبحسب المصدر نفسه، فقد تعرّض منزله للقصف مرتين، عامي 2014 و2021.
ونشرت الصحيفة في وقت سابق عن القيادي الفلسطيني أنه "في إسرائيل يقولون إن الحرب النفسية مع حماس لن تنتهي ما دام مروان عيسى على قيد الحياة"، وفق ما أوردته صحيفة "يديعوت أحرونوت".
دور بارز في تخطيط وتنفيذ العمليات الفدائية
لعب مروان عيسى دوراً بارزاً في العمليات الفدائية التي استهدفت المستوطنات في قطاع غزة قبيل الانسحاب الإسرائيلي منها عام 2005، وشارك في إعادة بناء الكتائب عام 2000 برفقة القيادي البارز صلاح شحادة.
كما لعب دوراً في تطوير الكتائب وتحويلها من خلايا نصف عسكرية منظَّمة إلى كتائب ووحدات وألوية طبقاً لهرم إداري عسكري واضح، واهتم بتطوير قدرات كوادرها في التصنيع العسكري، وفتح خطوط إمداد لزيادة مخزونها من السلاح.
وكان له دور أيضاً في المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال، بهدف إتمام صفقة تبادل للأسرى، تكللت بعقد صفقة وفاء الأحرار عام 2011، مقابل تسليم الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
الرجل الثاني في كتائب القسام
ارتقى عيسى في سلَّم القيادة داخل كتائب القسام، حتى أصبح الرجل الثاني فيها، ونائب القائد العام محمد الضيف، وذلك خلفاً لأحمد الجعبري الذي اغتياله الاحتلال عام 2012.
وقد تم انتخابه عضواً في المكتب السياسي لحركة حماس عام 2017 ثم أُعيد انتخابه عام 2021، وأصبح حلقة الوصل بين القيادة العسكرية والقيادة السياسية.
واليوم، يُعتبر مروان عيسى من القيادات المقررة فيما يتعلق بأي صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال.
مناسبات ظهر فيها القيادي المخضرم
أما بالنسبة لدوره العلني في المشهد السياسي والعسكري للمقاومة الفلسطينية، فقد ظهر عيسى في مناسبات محدودة، أولها كان في العام 2015 بشكل مفاجئ في ندوة علميّة نظمتها كلية الرباط الجامعية التابعة لوزارة الداخلية في قطاع غزة.
كما سافر أبو البراء عام 2017 إلى القاهرة ضمن وفد عسكري سياسي لخوض مفاوضات حول ملف تبادل الأسرى. تكرّرت هذه الزيارات واللقاءات في الأعوام اللاحقة لبحث ملفات التهدئة وتبادل الأسرى والمعابر التجارية المصرية وغيرها.
وقد انتُخب عضواً للمكتب السياسي، ممثلاً عن الجناح العسكري للحركة عام 2017، وأُعيد انتخابه بعد انتخابات مارس/آذار 2021، وظهر في الصورة الجماعية لأعضاء المكتب في تلك الدورة، مغطياً وجهه بكمامة. وبالرغم من حضوره السياسي في الحركة، فإنه أُدرج على لوائح الإرهاب الأمريكية عام 2019.
وفي يونيو/حزيران عام 2021، ظهر مروان عيسى في الإعلام لأول مرّة ضمن برنامج "ما خفي أعظم"، ولكنه كان ظهوراً مخفياً للحديث عن أولوية تحرير الأسرى لدى قيادة القسام.
كذلك، فقد ظهر مرتين متتاليتين عام 2022، متحدثاً بالصوت فقط في فيلمين وثائقيين، أصدرتهما كتائب القسام في الذكرى السنوية الأولى لمعركة سيف القدس؛ راثياً في الأولى شقيقه وائل، أحد قادة الكتائب الذي استشهد في الأيام الأولى من المعركة.
وتحدّث في الثانية عن سيرة قائد لواء غزة في كتائب القسام الشهيد باسم عيسى، أحد أبرز قادة التصنيع العسكري والمشروع الصاروخي للقسام، ودوره في تأسيس وحدة الظل التي تولت تأمين الجندي جلعاد شاليط.
في مارس/آذار 2023، نقلت قناة الأقصى الفضائية التابعة لحركة حماس، تصريحات نصية منسوبة لمروان عيسى، حذّر فيها من "زلزال يضرب المنطقة" حال المساس بالمسجد الأقصى.
على رأس أهداف الاحتلال
وبحسب صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية، فإن إسرائيل تعتبر أنه ما دام مروان عيسى على قيد الحياة، فإن ما تصفه بـ"حرب الأدمغة" بينها وبين حماس ستبقى متواصلة.
وأشارت إلى جهوده في التخطيط للعمليات العسكرية التي خاضتها حركة حماس بداية من حجارة السجيل عام 2012 إلى طوفان الأقصى عام 2023، إذ ظهرت فيها إمكانيات القوات البرية والاستخباراتية والتقنية للحركة، ومدى التخطيط المنظم والمحكم، والاهتمام الخاص باقتحام البلدات والمقرات الأمنية بشكل غير مسبوق.