هدد رئيس الشاباك الإسرائيلي (جهاز الأمن الداخلي)، رونين بار، بملاحقة حركة المقاومة الفلسطينية حماس، والقضاء عليها وإن استغرقت العملية سنوات طويلة.
وقارن رونين تداعيات عملية طوفان الأقصى بـ"عملية ميونيخ" التي استهدفت إسرائيليين في بطولة الأولمبياد بألمانيا عام 1972.
وفي تسجيل مسجل بثته هيئة البث العامة الإسرائيلية، قال رئيس الشاباك الإسرائيلي: "حدد لنا مجلس الوزراء هدفاً، وهو القضاء على حماس. هذه ميونيخ الخاصة بنا. سنفعل ذلك في كل مكان، في غزة وفي الضفة الغربية وفي لبنان وفي تركيا وفي قطر. قد يستغرق الأمر بضع سنوات، لكننا مصممون على تنفيذه".
المقارنة التي طرحها المسؤول الإسرائيلي أعادت إلى الأذهان ما حدث من ملاحقات واغتيالات واسعة نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي حول العالم، واستهدفت بها كل من ألصقت بهم شبهة الانخراط في تخطيط وتنفيذ عملية ميونيخ في السبعينيات.
إلا أن شخصية بارزة ضمن هذه المجموعة لم يتمكن الاحتلال من اغتيالها أو حتى اعتقالها، وهو القيادي البارز في حركة فتح، المعروف باسم "أبو داوود".
من هو أبو داوود؟
هو محمد داوود عودة الشهير بلقب "أبو داوود"، الذي يُعد أحد أبرز مدبري عملية أولمبياد ميونيخ عام 1972، التي قتل فيها 11 إسرائيلياً.
وُلد في 19 مايو/أيار عام 1937، في حيّ سلوان بمدينة القدس المحتلة، وهو متزوج وله ولد وخمس بنات. حصل على البكالوريوس في الحقوق من جامعة دمشق عام 1967 وعمل في التدريس وبعض الوظائف الأخرى في فلسطين والسعودية والكويت.
عايش "أبو داوود" أحداث النكبة والمواجهات الساخنة في مدينة القدس، وتأثر في شبابه المبكر بالشيوعيين وبحزب البعث، وهي عوامل ساهمت في تأسيسه لمنظمة سرية هي "تحرير فلسطين".
التحق عام 1962 بحركة فتح، وأنهى دورة أمنية في معهد البحوث الاستراتيجيّة التابع لجهاز المخابرات العامّة المصريّة منتصف عام 1968، وهي الدورة التي كانت تُعد الأولى من نوعها لعناصر حركة فتح، ثم شارك في تأسيس أول جهاز أمني تابع لحركة فتح "جهاز الرصد" عام 1968، وتولى قيادة ميليشيا فتح في الأردن عام 1970.
شارك أبو داوود في أحداث أيلول عام 1970، وأصبح مسؤولاً عن "الشعبة 48" التابعة لفتح عام 1971، وهي المسؤولة عن المقاومة في الداخل المحتل عام 1948.
مسيرة حافلة بالنضال والنجاة من الاغتيالات
كان أبو داوود قيادياً بارزاً في "منظمة أيلول الأسود" التي كانت تقوم بتنفيذ العمليات السرية لحركة فتح في سبعينيات القرن الماضي، حيث خطَّط ونفَّذ العديد من العمليات أشهرها الهجوم الذي استهدف الفريق الإسرائيلي في دورة ميونيخ الأولمبية عام 1972، ومحاولة السّيطرة على مجلس الوزراء الأردني والسفارة الأمريكية في عمان عام 1973.
وقد عُيِّن قائداً عسكرياً لمنطقة بيروت الغربية ضمن تشكيلات فتح ومنظمة التحرير بين عامَي (1975و1977)، لكنَّه غادر لبنان وعاش فترة من الزمن في أوروبا الشرقية إثر خلافات مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عام 1978، ثم عاد وشهد الخروج الفلسطيني من بيروت عام 1982.
عاد أبو داوود إلى فلسطين عام 1996 باعتباره عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في غزة بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وانتخب رئيساً لهيئة الرّقابة الحركيّة وحماية العضويّة لحركة فتح، وبقي في فلسطين حتى عام 1999.
اعتُقل أبو داوود في الأردن وحكم عليه بالإعدام عام 1973، إلا أنه تم تخفيف الحكم إلى المؤبد ثمَّ الإفراج بعفوٍ ملكي في نفس العام. ثم تعرض لمحاولة اغتيال على يد عناصر تابعين لأبي نضال في وارسو عام 1981، حيث أصيب بسبع رصاصات في أماكن مختلفة من جسده. كذلك تعرض لعدة محاولات اغتيال من قبل الإسرائيليين.
أقر أبو داوود في كتاب سيرته الذاتية "فلسطين: من القدس إلى ميونيخ" بمسؤوليته الكاملة عن عملية ميونيخ، وروى كيف تم التخطيط للعملية التي نفذتها فرقة كوماندوس "أيلول الأسود"، وأدت إلى مقتل 18 شخصاً من بينهم 11 رياضياً إسرائيلياً. وفي عام 1999 عند صدور الكتاب، منعت إسرائيل أبو داوود من العودة إلى الأراضي الفلسطينية.
وقد استقر القيادي الفلسطيني لبقية حياته في مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق، وهناك وافته المنية في 3 يوليو/تموز عام 2010، نتيجة تداعيات صحية لإصابته بفشل كلوي، عن عمر يناهز الـ73 عاماً.
وشارك عدد من قادة الفصائل الفلسطينية المقاومة في جنازته.