دحض تحقيق لمنصة "مسبار" الفلسطينية روايةَ الاحتلال الإسرائيلي، التي حاولت طمس أدلة تعرُّض الطفل الفلسطيني الأسير المحرر، محمد نزال، للتعذيب داخل سجون الاحتلال؛ ما أدى إلى كسور في أصابعه ويديه.
كان الطفل الفلسطيني محمد نزال من بين الأسرى الفلسطينيين المحرَّرين من السجون الإسرائيلية الذين خرجوا في الدفعة الرابعة الأسبوع الماضي، نتيجة صفقة التبادل بين حركة حماس وإسرائيل خلال الهدنة الإنسانية الأخيرة، التي تم الاتفاق عليها بوساطة قطرية- مصرية ودعم من الولايات المتحدة.
ومحمد نزال من بلدة قباطية في محافظة جنين شمالي الضفة الغربية، واعتُقل قبل ثلاثة أشهر، وصدر بحقه حكم بالسجن الإداري لمدة ستة أشهر.
وتحدث نزال مع العديد من وسائل الإعلام عقب الإفراج عنه، وروى ما تعرَّض له من تعذيب وضرب مبرح على يد قوات الاحتلال، مشيراً إلى أن ذلك أدى لكسر في يديه وأصابعه.
وكشف محمد أنه ظل أسبوعاً وهو يعاني من آثار التعذيب، مؤكداً أن إدارة السجن لم تقدم له العلاج ولا أي شيء يساعده.
بعد انتشار قصة محمد نزال على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت حسابات إسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي، على رأسها حساب المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي للعالم العربي، أوفير جندلمان، وحسابات تابعة للخارجية الإسرائيلية، مقطع فيديو لمحمد نزال وهو يخرج من السجن بعد الإفراج عنه ويصعد إلى حافلة الصليب الأحمر.
وادَّعى أوفير جندلمان أن هذا المقطع "يكشف كذب نزال؛ لأنه ظهر في المقطع بعد خروجه من السجن ويداه سليمتان".
تحقق "مسبار" من الادعاءات التي نشرتها الحسابات الإسرائيلية مع مقطع الفيديو، الذي يُظهر محمد نزال وهو يخرج من السجن بعد الإفراج عنه، ويصعد إلى سيارة الصليب الأحمر، وتبيَّن أن الرواية الإسرائيلية مضللة.
وبالعودة إلى اللقاء الذي أجراه محمد نزال مع قناة الجزيرة فور وصوله إلى مدينة رام الله، أكد أن منظمة الصليب الأحمر هي من عالجته في الحافلة التي كانت تُقلهم من السجن، وأن "أصابعه كانت مكسورة ولم يقدر على تحريكها بشكل جيد".
زعم أوفير جندلمان أن المشهد الذي يُظهر صعود محمد نزال إلى حافلة الصليب الأحمر، يؤكد أن يدَيه سليمتان، وذلك لأنه ظهر يستند على كرسي داخل الحافلة عند الصعود، لكن بالتدقيق جيداً في المشهد يُلاحظ أن محمد لمس فقط الكرسي عند صعوده ولم يضغط على أصابعه بشكل كامل.
ولمزيد من التحقق، تواصل "مسبار" مع عائلة محمد التي أكدت أن فحوصات أُجريت له بعد خروجه للاطمئنان أكثر على صحته.
وكشفوا أن الفحوصات أكدت وجود كسور في الأصابع، وتحديداً في السبابة والإبهام في كلتا اليدين، أما باقي الأصابع فلم تصَب بكسور، وهو ما يوضح سبب تحريك باقي أجزاء يده بشكل طبيعي.
وأُجريت الفحوصات لمحمد في مجمع فلسطين في مدينة رام الله، وحصل "مسبار" على نسخة من التقرير الطبي الأولي لفحوصات محمد، الذي يؤكد وجود كسور في بعض الأصابع بعد الاطلاع على الأشعة السينية.
وحصل "مسبار" أيضاً على نسخة من صور الأشعة، أرسلتها عائلة محمد نزال وتوضح حجم الكسور في أصابعه.
وللحصول على مزيد من المعلومات، تواصل "مسبار" مع إدارة المستشفى لطلب نسخة أخرى من الأشعة السينية، وأرسلت إدارة قسم الأشعة بالفعل صوراً خاصة لـ"مسبار" تؤكد وجود الكسور نفسها في بعض الأصابع.
كما حصل "مسبار" على صورة خاصة من عائلة محمد، للحظة الكشف عليه في المستشفى، والتي تُظهر بوضوح وجود آثار تعذيب على ظهره، وكان نزال قد كشف -كما ذكرنا- أنه تعرض للضرب المبرح على ظهره أيضاً في السجن.